كثر الحديث!
السكوت فن لا يجيده الكثيرون، فهو في غالب الأحيان يكون بمثابة رد بالغ، خصوصا في خضم الكلام، لكن قلة من يدركون ذلك. نقاشاتنا أصبحت واضحة المعالم مسبقا، تتخللها الشتائم على درجة، سواء بين الأطراف المتنازعة أو حتى ممن يرددون مقولة «الاختلاف لا يفسد للود قضية».
وطبعا لا يخلو نقاش من وجود فئة من الناس مهمتهم الوحيدة هي تبني آراء أخرى ومخالفة الرأي الآخر، والأدهى من ذلك هم يقاتلون أكثر من صاحب الرأي نفسه!
للنقاشات ضوابط يجب أن يعيها الجميع، أهمها أن نؤمن أن الاختلاف رحمة وأمر طبيعي، وليس دائما رأيك هو الصواب. في تويتر مثلا ما إن تطفو قضية على السطح حتى تتعالى الأصوات وتبدأ حرب الأقلام، فتجد فريقا يحاول إثبات صواب رأيه حتى لو كان خاطئا، وقلة من يتراجع ويستفيد من فكرة النقاشات المثرية، فالبعض يقاتل ويشتم ويقذف ويصل به الأمر إلى أن يخرجك من الملة، ولديه المقدرة التامة على تصنيفك هل أنت من أهل الجنة أو النار بمجرد أن خالفته.
حقيقة، الآراء العابرة سوف تبقى عابرة ما لم يختطفها أحد، حتى وإن كانت خاطئة دعها تمر، هذه الأرض لم تخلق لك وحدك، ولست وليا على الجميع لتصادر آراءهم وتصنفهم حسب أهوائك. يكفي أن تتولى لسانك وهذا كثير عليك. انصح، ولكن بشكل عام، لا تستهدف بقعة أرض عن أخرى، لا تكن متدينا جغرافيا، فلست عليهم بمسيطر، كفى شتما وتخوينا، وكفى نعت البعض بالتخلف أو القذف لمجرد أنهم خالفوك الرأي، وفي الختام أتذكر قول الشاعر:
لا تفن عمرك في الجدال مخاصما
إن الجدال يخل بالأديان