الراعية والإسراف
قلت: هذه أنت مكثت أشهرا قريبا من البلدة وعمرانها وخيراتها، ولكنك تأبين إلا أن تأوين إلى بطون الأودية أو تصعدين إلى قمم الجبال، ألا ترين أنك تأوين إلى حجرة، ولو في أطراف البلد أو تكون لك حضيرة أنت وأغنامك.
قالت: أنها تشغلني عن الغربة، والحضور مع ربي وقراءة قرآني .
قلت: إن معي راديو لعل أهديه لكِ تضبطينه على إذاعة القرآن الكريم .
قالت: لست في حاجته فصخب صوته الآن يحطم سكوني، وصفاء الكون من حولي ما دمت أحفظ القرآن .
قلت: ماذا ترين في تحول الحياة عبر أطوار حياتك .
قالت: الله الله ما أكثرها، وما أعظم أحداثها ، ولولا أني أرجو الأجر والمثوبة من أجل سردها والعبرة بها، لما مكثتُ معك هذه الساعات في تلك المحادثات .
وقالت: عايشت وفرة في النعم والأنعام كمثل هذه الفترة الزمنية .
ثم قالت: ويحدثوننا عن تلك الخيرات في زمن الخلافة الإسلامية، فإن القوافل التي تحمل الخيرات تتابع من الشام تحمل الحبوب ، وقوافل العراق تحمل التمور، والأرز، والألبسة .
قلت: وهل هي متوفرة لأهل القرى، والبوادي والقبائل المرتحلة: قالت: إنهم ينعمون بالخيرات ، فأهل الخير يجبرون خواطر الضعفاء، والفقراء، وقوافل الصدقات تعبر الصحراء، وتستقر على الموارد ، ويتعهدون الأحياء الفقيرة وأطراف البلدات :قلت: إذن يكثر الإسراف، والفائض من الأكل، وتشبع الحيوانات.
قالت: سمعت بالذين ينحرون، الإبل ويفاخرون بها: قلت نعم: قالت: إن هؤلاء ينحرونها في الشتاء والمجاعات: وتجد هذه من يتخاطفها ولا يبقون منها باقية.
قلت: أنت ترين مجمع الزبالة وإحراقها بالنار: قالت: إني استغفروا ربي مما تحمله هذه العربات التي تجرف النعم، وتلقي بها في أحضان النيران، فظاهرة هذا الإسراف الكلي لم تعهده الجزيرة :قلت: إنهم يحصون أن ثلثي ما تعدّهُ الأسر يوميا يذهب هدرا ويُدفع إلى الزبالة: قالت: هذه نداءات للابتلاء، والجدب، والكوارث: فما حلّ هذا الإسراف وأقل منه بمكان إلا أعقبته الكوارث: قلت: إن المسرفين وربات البيوت في خيرات.
قالت: يقرأن القرآن (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ) وكانت الأنهار تجري تحت فرعون وقومه، وكانت الجزيرة مروجا خضراء، فأسرف الناس، فعذبهم الله بما كانوا يفعلون.
قلت: إنك تحملين على زمننا وخيراته: قالت: والله إني أخشى عليكم، فهذه العراق: والشام أغنى وأكثر خيرات من بلادنا، فأنت ترى أنهم يأتون بالحبوب من الخارج، وبما يعانون من الحروب، والعودة إلى الجهل والتشرد في البلاد.
قلت: لعل فائض هذه الخيرات من صالح البهائم، والقوارض، والوحوش.
قالت: إن الله يغنيها من خشاش الأرض: بل هي مضار للبهائم التي تذبحونها، ألم يحرم الله لحم الجلاّلة ولبنها أنظر إلى هذه البهائم النافقة.
قلت: ومثلها كثير من البشر قتلتهم السمنة، والبشم، وأضرار الأكل، وقد خلف أمراض كثيرة.
قلت: كيف تحافظون على الأغذية: قالت: إن المرأة هي التي تُقِدر بمقادير ما يكفي لأسرتها، ولا يبقى منه مخلفات ، والرجل يكدح من أجله ، فهو يراقب ولا يسرف، حتى أن الأكل للأضياف يذهب كله إلى بطون البشر ولا يُقذف منه شيئا .
قلت: أنتم تحرِمون الأغنام من الأكل الطيب قالت: كانت الأغنام لا تعرف أكله، وتجتنبه، وكانت العنز أو النعجة التي تأكله تسمى الداجنة: وهذه تربط خشية على الأغذية، وخشية على إسرافها وتجد أن: الحمر الأهلية، والكلاب، والخنازير تجوب الأحياء والديار، فلا تجد إلا القليل .
قلت: أمّا هذه الأيام، فإني حين أذهب إلى صلاة الفجر أرى الكلاب التي يظهر عليها آثر النعمة تجوب الشوارع، وكذلك القطط، أمّا الحمر الأهلية فأختفت حتى مما يجاور المدن.
قالت: كنت في موسم بطر النعمة، وعلو شأن المماراة، والتباهي ، وفقدان العقل ، فرأيتُ قلابا كبيرا يرمي ببقايا الأغذية ، فلما غابت عنه الأنظار أتيت إليه، فإذا به إبلا تكاد أن تكون كما هي ، فأخذت من لحومها وجففتها، ثم طحنتها بين حجرين فتزودت منها أشهر، أمّا تجفيف الأرز ، والأخباز، فهذا ميسور أمره حتى من فضلات الفقراء.
قلت: إن المعارضة لهذا الإسراف كثيرة وأتذكر أن جارا لنا رأى خروفا كاملا مطبوخا، ويقذف به في الزبالة ، فأخذه ونظفه وبعد أيام: دعا له أهل الحي ومنهم الذي قذف به، وأعد المائدة إعداداً جيداً فقدمه إليهم وأكلوا وحمدوا، وأعجبوا بهذا الطبخ اللذيذ: قال لهم: إن هذا هو الخروف الذي قذف به صاحبكم هذا في الزبالة أخرجته في حينه، ونظفه الأهل ثم أعدنا تجهيزه؛ فأعجب الجميع وتمنوا أن يكون عبرة لهم.
قالت: لعل العقلاء يُرشِدون إلى عدم الإسراف، والاستفادة من البواقي. قلت: إنه بدأت جمعياتٌ لحفظ النعم تنتشر وتعمل أعمالا جليلة.
قالت: أنها تشغلني عن الغربة، والحضور مع ربي وقراءة قرآني .
قلت: إن معي راديو لعل أهديه لكِ تضبطينه على إذاعة القرآن الكريم .
قالت: لست في حاجته فصخب صوته الآن يحطم سكوني، وصفاء الكون من حولي ما دمت أحفظ القرآن .
قلت: ماذا ترين في تحول الحياة عبر أطوار حياتك .
قالت: الله الله ما أكثرها، وما أعظم أحداثها ، ولولا أني أرجو الأجر والمثوبة من أجل سردها والعبرة بها، لما مكثتُ معك هذه الساعات في تلك المحادثات .
وقالت: عايشت وفرة في النعم والأنعام كمثل هذه الفترة الزمنية .
ثم قالت: ويحدثوننا عن تلك الخيرات في زمن الخلافة الإسلامية، فإن القوافل التي تحمل الخيرات تتابع من الشام تحمل الحبوب ، وقوافل العراق تحمل التمور، والأرز، والألبسة .
قلت: وهل هي متوفرة لأهل القرى، والبوادي والقبائل المرتحلة: قالت: إنهم ينعمون بالخيرات ، فأهل الخير يجبرون خواطر الضعفاء، والفقراء، وقوافل الصدقات تعبر الصحراء، وتستقر على الموارد ، ويتعهدون الأحياء الفقيرة وأطراف البلدات :قلت: إذن يكثر الإسراف، والفائض من الأكل، وتشبع الحيوانات.
قالت: سمعت بالذين ينحرون، الإبل ويفاخرون بها: قلت نعم: قالت: إن هؤلاء ينحرونها في الشتاء والمجاعات: وتجد هذه من يتخاطفها ولا يبقون منها باقية.
قلت: أنت ترين مجمع الزبالة وإحراقها بالنار: قالت: إني استغفروا ربي مما تحمله هذه العربات التي تجرف النعم، وتلقي بها في أحضان النيران، فظاهرة هذا الإسراف الكلي لم تعهده الجزيرة :قلت: إنهم يحصون أن ثلثي ما تعدّهُ الأسر يوميا يذهب هدرا ويُدفع إلى الزبالة: قالت: هذه نداءات للابتلاء، والجدب، والكوارث: فما حلّ هذا الإسراف وأقل منه بمكان إلا أعقبته الكوارث: قلت: إن المسرفين وربات البيوت في خيرات.
قالت: يقرأن القرآن (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ) وكانت الأنهار تجري تحت فرعون وقومه، وكانت الجزيرة مروجا خضراء، فأسرف الناس، فعذبهم الله بما كانوا يفعلون.
قلت: إنك تحملين على زمننا وخيراته: قالت: والله إني أخشى عليكم، فهذه العراق: والشام أغنى وأكثر خيرات من بلادنا، فأنت ترى أنهم يأتون بالحبوب من الخارج، وبما يعانون من الحروب، والعودة إلى الجهل والتشرد في البلاد.
قلت: لعل فائض هذه الخيرات من صالح البهائم، والقوارض، والوحوش.
قالت: إن الله يغنيها من خشاش الأرض: بل هي مضار للبهائم التي تذبحونها، ألم يحرم الله لحم الجلاّلة ولبنها أنظر إلى هذه البهائم النافقة.
قلت: ومثلها كثير من البشر قتلتهم السمنة، والبشم، وأضرار الأكل، وقد خلف أمراض كثيرة.
قلت: كيف تحافظون على الأغذية: قالت: إن المرأة هي التي تُقِدر بمقادير ما يكفي لأسرتها، ولا يبقى منه مخلفات ، والرجل يكدح من أجله ، فهو يراقب ولا يسرف، حتى أن الأكل للأضياف يذهب كله إلى بطون البشر ولا يُقذف منه شيئا .
قلت: أنتم تحرِمون الأغنام من الأكل الطيب قالت: كانت الأغنام لا تعرف أكله، وتجتنبه، وكانت العنز أو النعجة التي تأكله تسمى الداجنة: وهذه تربط خشية على الأغذية، وخشية على إسرافها وتجد أن: الحمر الأهلية، والكلاب، والخنازير تجوب الأحياء والديار، فلا تجد إلا القليل .
قلت: أمّا هذه الأيام، فإني حين أذهب إلى صلاة الفجر أرى الكلاب التي يظهر عليها آثر النعمة تجوب الشوارع، وكذلك القطط، أمّا الحمر الأهلية فأختفت حتى مما يجاور المدن.
قالت: كنت في موسم بطر النعمة، وعلو شأن المماراة، والتباهي ، وفقدان العقل ، فرأيتُ قلابا كبيرا يرمي ببقايا الأغذية ، فلما غابت عنه الأنظار أتيت إليه، فإذا به إبلا تكاد أن تكون كما هي ، فأخذت من لحومها وجففتها، ثم طحنتها بين حجرين فتزودت منها أشهر، أمّا تجفيف الأرز ، والأخباز، فهذا ميسور أمره حتى من فضلات الفقراء.
قلت: إن المعارضة لهذا الإسراف كثيرة وأتذكر أن جارا لنا رأى خروفا كاملا مطبوخا، ويقذف به في الزبالة ، فأخذه ونظفه وبعد أيام: دعا له أهل الحي ومنهم الذي قذف به، وأعد المائدة إعداداً جيداً فقدمه إليهم وأكلوا وحمدوا، وأعجبوا بهذا الطبخ اللذيذ: قال لهم: إن هذا هو الخروف الذي قذف به صاحبكم هذا في الزبالة أخرجته في حينه، ونظفه الأهل ثم أعدنا تجهيزه؛ فأعجب الجميع وتمنوا أن يكون عبرة لهم.
قالت: لعل العقلاء يُرشِدون إلى عدم الإسراف، والاستفادة من البواقي. قلت: إنه بدأت جمعياتٌ لحفظ النعم تنتشر وتعمل أعمالا جليلة.