إغراء المستهلك !!
إذا كان الاستهلاك ونوعه وتنوعه يحدِّد في العصر الحديث ـ إلى حد ما ـ مكانة العائلة الاجتماعية، فإن ذلك لم يكن كذلك دائماً. ففي القديم لم يكن المركز الاجتماعي يتحدد للفرد بمقدار ما يستهلكه، بل إنه من مدعاة السخرية أن يحاول الفرد أن يجاري النبلاء في حياتهم، وأن يحاول أن يستمد مركزه الاجتماعي من زيادة انفاقه الاستهلاكي.
ومع ذلك فإن الاستهلاك في ذاته قيمة اجتماعية كبرى، ويقاس مركز الفرد الاجتماعي بقدر ما يستهلكه من السلع والخدمات، ومدى قدرته على التغيير المستمر، "الموضة" دائماً في تغيير، حتى يشعر الفرد بحاجته إلى التغيير في استهلاكه، مما يؤدي إلى الاستهلاك المستمر.
ولعله، من الطريف أن أول من أشار إلى أهمية الاستهلاك التفاخري هو فبلن في كتابه ((نظرية الطبقة المترفة))، وهو بذلك يشير إلى أن بذور هذا المجتمع الجديد قد ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية القرن الماضي. ولم ينظر إلى أثر الاستهلاك كقيمة اجتماعية في النظرية الاقتصادية إلا عندما كتب دوزنبري عن ((أثر التقليد))، حين بين أن استهلاك الفرد لا يتوقف على ذوقه وما يريده هو، بقدر ما يتأثر بما يستهلكه الآخرون. وبذلك أدخل فكرة التداخل بين أذواق المستهلكين في تحديد ذوق المستهلك. ومعنى ذلك أن الاستهلاك أصبح قيمة اجتماعية. فالفرد لا يستهلك ما يريده فحسب، وإنما يستهلك ما يجد جيرانه وزملاءه يستهلكونه. ومن هنا نفهم الدور التي يقوم به الإعلان في العصر الحديث.
إن التقدم الفني الهائل المتاح الآن والمستخدم في أساليب الإنتاج قد وفر القدرة المستمرة على زيادة الإنتاج والإنتاجية مما زاد من فرص الاستهلاك. وقد نجم عن ذلك أن الاستهلاك في المجتمع الحديث قد زاد بشكل لم يكن معروفاً فيما سبق، كما نجمت عنه مجموعة من القيم والقواعد التي تنظم حياة المجتمع في ضوء زيادة الاستهلاك. فزيادة الاستهلاك في حد ذاتها، وبصرف النظر عن الحاجات التي يشبعها هذا الاستهلاك المتزايد، قد أصبحت من قواعد الإنتاج في العصر الحديث.
وقد كان لهذه الظاهرة آثار بعيدة على الاقتصاد، كما لها آثار ونتائج خطيرة على السلوك الاجتماعي.
إن السلوكيات الاستهلاكية بدأت تتغير اليوم ، إما بسبب ثورة المتغيرات والإنتاجية الكبيرة، أو لأننا ننتهج مسلكاً استهلاكياً لإخفاء شيء معين في نفوسنا، كمستوانا المالي أو الثقافي مثلاً. ولذلك كان خيارنا عشوائياً، حسب ما يمليه ذوق المصمم أو حسب النص الإعلاني في التليفزيون، ولا خيار لنا كمستهلكين. ففي بعض الأحيان نشتري بضاعة لا لتلبية حاجة خاصة، بل لأنها ظهرت في إعلان مثير. إن شريحة كبيرة في مجتمعنا الاستهلاكي لا تتابع بدقة واهتمام وموضوعية مجريات الأحوال السوقية داخل وخارج بلادنا. ثم إن كثيراً من المستهلكين تستهويهم وتثير أحاسيسهم الاستهلاكية عقدة الندرة، فكل شيء نادر، يتسابق الناس لاختطافه من الأسواق.
يقول فرانسوا دال في كتابه ((مستقبل السياسات الإدارية)): ((إن غزو المستهلك لشيء مثير...)). إن ما تعمد إليه بعض الشركات المنتجة من إحلال سلع مماثلة أقل جودة، وبالطبع أقل سعراً، ليقبل الناس عليها، حتى تزول السلع الأصلية من السوق، وعندها ترفع سعر السلعة المثيلة، إن هذا نموذج من نماذج إغراء المستهلك، وأسلوب من أساليب غزوه.
تقول الإحصاءات الأخيرة، أن من العوامل التي تمثل نمطاً في الحياة يؤذي البيئة: السيارات، والبيوت الفخمة، ومراكز التسوق الكبرى، والسلع الاستهلاكية، ونوع الطعام المرتكز على الإفراط في أكل اللحوم، والغذاء غير الصحي.
إذا كان الاستهلاك ونوعه وتنوعه يحدِّد في العصر الحديث ـ إلى حد ما ـ مكانة العائلة الاجتماعية، فإن ذلك لم يكن كذلك دائماً. ففي القديم لم يكن المركز الاجتماعي يتحدد للفرد بمقدار ما يستهلكه، بل إنه من مدعاة السخرية أن يحاول الفرد أن يجاري النبلاء في حياتهم، وأن يحاول أن يستمد مركزه الاجتماعي من زيادة انفاقه الاستهلاكي.
ومع ذلك فإن الاستهلاك في ذاته قيمة اجتماعية كبرى، ويقاس مركز الفرد الاجتماعي بقدر ما يستهلكه من السلع والخدمات، ومدى قدرته على التغيير المستمر، "الموضة" دائماً في تغيير، حتى يشعر الفرد بحاجته إلى التغيير في استهلاكه، مما يؤدي إلى الاستهلاك المستمر.
ولعله، من الطريف أن أول من أشار إلى أهمية الاستهلاك التفاخري هو فبلن في كتابه ((نظرية الطبقة المترفة))، وهو بذلك يشير إلى أن بذور هذا المجتمع الجديد قد ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية القرن الماضي. ولم ينظر إلى أثر الاستهلاك كقيمة اجتماعية في النظرية الاقتصادية إلا عندما كتب دوزنبري عن ((أثر التقليد))، حين بين أن استهلاك الفرد لا يتوقف على ذوقه وما يريده هو، بقدر ما يتأثر بما يستهلكه الآخرون. وبذلك أدخل فكرة التداخل بين أذواق المستهلكين في تحديد ذوق المستهلك. ومعنى ذلك أن الاستهلاك أصبح قيمة اجتماعية. فالفرد لا يستهلك ما يريده فحسب، وإنما يستهلك ما يجد جيرانه وزملاءه يستهلكونه. ومن هنا نفهم الدور التي يقوم به الإعلان في العصر الحديث.
إن التقدم الفني الهائل المتاح الآن والمستخدم في أساليب الإنتاج قد وفر القدرة المستمرة على زيادة الإنتاج والإنتاجية مما زاد من فرص الاستهلاك. وقد نجم عن ذلك أن الاستهلاك في المجتمع الحديث قد زاد بشكل لم يكن معروفاً فيما سبق، كما نجمت عنه مجموعة من القيم والقواعد التي تنظم حياة المجتمع في ضوء زيادة الاستهلاك. فزيادة الاستهلاك في حد ذاتها، وبصرف النظر عن الحاجات التي يشبعها هذا الاستهلاك المتزايد، قد أصبحت من قواعد الإنتاج في العصر الحديث.
وقد كان لهذه الظاهرة آثار بعيدة على الاقتصاد، كما لها آثار ونتائج خطيرة على السلوك الاجتماعي.
إن السلوكيات الاستهلاكية بدأت تتغير اليوم ، إما بسبب ثورة المتغيرات والإنتاجية الكبيرة، أو لأننا ننتهج مسلكاً استهلاكياً لإخفاء شيء معين في نفوسنا، كمستوانا المالي أو الثقافي مثلاً. ولذلك كان خيارنا عشوائياً، حسب ما يمليه ذوق المصمم أو حسب النص الإعلاني في التليفزيون، ولا خيار لنا كمستهلكين. ففي بعض الأحيان نشتري بضاعة لا لتلبية حاجة خاصة، بل لأنها ظهرت في إعلان مثير. إن شريحة كبيرة في مجتمعنا الاستهلاكي لا تتابع بدقة واهتمام وموضوعية مجريات الأحوال السوقية داخل وخارج بلادنا. ثم إن كثيراً من المستهلكين تستهويهم وتثير أحاسيسهم الاستهلاكية عقدة الندرة، فكل شيء نادر، يتسابق الناس لاختطافه من الأسواق.
يقول فرانسوا دال في كتابه ((مستقبل السياسات الإدارية)): ((إن غزو المستهلك لشيء مثير...)). إن ما تعمد إليه بعض الشركات المنتجة من إحلال سلع مماثلة أقل جودة، وبالطبع أقل سعراً، ليقبل الناس عليها، حتى تزول السلع الأصلية من السوق، وعندها ترفع سعر السلعة المثيلة، إن هذا نموذج من نماذج إغراء المستهلك، وأسلوب من أساليب غزوه.
تقول الإحصاءات الأخيرة، أن من العوامل التي تمثل نمطاً في الحياة يؤذي البيئة: السيارات، والبيوت الفخمة، ومراكز التسوق الكبرى، والسلع الاستهلاكية، ونوع الطعام المرتكز على الإفراط في أكل اللحوم، والغذاء غير الصحي.