حادثة المعتمرين وطفولة العقول
فارس الغنامي
حادثة المعتمرين وطفولة العقول
إضاءة : "إذا كان لكَ صديق يتألّم، فلتكن ملجأ استراحة لألمهِ. '' نيتشه''
ليلة البارحة اكتست الوجوه بالأسى، والكل ينتظر معلومة عن أخيه، أو والده، أو ابنه، أو قريبه، أو صديقه. تسمرت أعين الناس أمام ماخلفته الفاجعة من تَبَرُّم بتضاريس تلك الوجوه المكلومة . لا شك أن حادثة البارحة المؤسفة رسمت على محياها هلع البعيد، وهو يترقب ما آلت له تلك الفاجعة، والمحاولات المستميتة والواجلة للتنقيب عن أجوبة تفند الشائعات التي ازدحم بها ''الواتساب'' من أصحاب العقول الطفولية، وهم يبتكرون ما ترتجف له القلوب، ويتداولون صور النهاية المؤسفة، وما آلت له حافلة المعتمرين القادمة من مناسك العمرة إثر تدهورها بطريق المدينة المنوره - تبوك .
ثلة من سذج ''الواتسآب'' يتلاعبون بمشاعر عوائل المنكوبين بالحادثة، ويتداولون -دون رشد عقلي- قوائم مزيفة بأسماء من قضوا نحبهم بتلك الفاجعة، دون رحمة أو شفقة بتلك الأسر . يتسابقون لالتقاط الصور، وكأنهم في سباق للفورمولا 1 ؛ كي يحظوا باستمالة البعيد قبل القريب؛ نظير مجهودهم المخزي في الكشف عن أسماء ناجين، وخلطها مع متوفين؛ كي ترتعد القلوب المشاهدة من بعيد، وهذا ما بدا جلياً للعيان ليلة البارحة .
يرجح علماء النفس أن هذه النوعية المبتذلة من البعض، والتي تعبث بمشاعر الآخرين، أنهم أسيرو المقاعد الهامشية من الحياة، ويبحثون عما يلفت عيون المشاهدين لهم، والبحث عما يزيد من علو ذواتهم الناقصة، وهذا ما عكسوه من خلال تصرفاتهم وسلوكياتهم الشاذة، وهم لا يأبهون لما تؤول له أفعالهم الدنيئة بضحاياهم على ضوء مارأيناه ليلة البارحة .