قوة الإرادة عند ذوي الاحتياجات الخاصة
عندما نتحدث عن قوة الإرادة وتأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات فلا بد أن نتوقف كثيرا وبكل فخر وشموخ عند قوة إرادة الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة ؛ فهم يتمتعون بقوة إرادة فاقت إرادة بعض الأشخاص العاديين ، وأصبحوا مقصد البنان في المنابر والإعلام والمنظمات ، والأمثلة تتوج بأسماء شخصيات امتطت صهوة النجاح بفضل من الله ثم بقوة الإرادة والعزيمة ، ومن هذه الشخصيات الدكتور ناصر بن علي الموسى وقاهر المستحيل عمار بوقس ، والراحل الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز ، وعميد الأدب طه حسين والأمريكية هيلين كيلر ، ولن أستمر في سرد المزيد لأن الأسماء تحتشد أمام القلم حتى كاد لا يجد مساحة لتدوينها في هذا المجال المشرف ، ولكن هنا سوف أتناول سيرة شخصية أحد ذوي الاحتياجات الخاصة والذي بقوة إرادته وصل لنجاح لم يستطع بعض العاديين الوصول له ، هذه الشخصية تتمثل بالأمريكي شون ستيفنسون مؤلف كتاب تخلص من ولكن ، والذي تعتبر نهاية السبعينات الميلادية الماضية أول سنة في عمره ولكن رأي الأطباء وتقاريرهم لم تدع لوالديه مجالا ليسعدوا به كثيرا ، إذ بينت الفحوصات المبكرة له بأنه يعاني من مرض العظام الزجاجية المهدد لحياته ، و برغم إصابته بهذا المرض إلا أن جسمه استمر في النمو ، وبدأ شون يلعب مع أقرانه وهو على كرسي ذوي الاحتياجات الخاصة ، وفي أحد الأيام التي تسبق أحد أعياد الثمانينات الميلادية تعرض لكسر عنيف في أحد أطرافه السفلية زاد من آلامه وسوء حالته ومع ذلك أصر على لقاء أصدقائه الذين حضروا واجتمعوا به وشاركوه فرحة العيد في منزله ، وعند بلوغه سن الدراسة التحق شون بالمدرسة الابتدائية ثم انتقل إلى المرحلة المتوسطة وفيها وجد كل المضايقات النفسية والاستهزاء والسخرية المفرطة من بعض زملائه بسبب مظهره وقصر قامته وتحركه على كرسي مخصص لحالته ، إلا أن جميع هذه التصرفات لم تثن المراهق شون عن النجاح والانتقال إلى المرحلة الثانوية وفيها انطلق إبداعه خارج المنهج حتى أنه قام بالتأليف والإنتاج والتمثيل في مسلسل تم تصويره داخل المدرسة وفاز المسلسل بجائزة تشجيعية ، وبعد نجاحه في المرحلة الثانوية التحق بالجامعة ودرس العلوم السياسية وتخرج بتفوق في عام 2001 ثم واصل تعليمه العالي في جامعة أمريكان باسيفيك ليحصل على درجة الماجستير في العلاج النفسي والبرمجة اللغوية العصبية لتؤهله للعمل الطبي في عيادة خاصة له ، ولم يتوقف عند هذه المرحلة العلمية بل بقوة الإرادة واصل تعليمه العالي من أجل أن يحوز على درجة الدكتوراه برغم إصابته بالمرض الزجاجي وتحركه على كرسي معدني طوال حياته .
كتبه / نواف بن شليويح العنزي
المدرسة السعودية بمدينة تبوك