دائما ما يقع سمعي على (شيباننا المتخلفين) ليحرث زوايا عقلي في ما جاءنا في الموروث وكيف استطاع هؤلاء الشيبان أن يصنعوا لأنفسهم من الفقر حياة تنموية واقتصاد يسد الحاجة قدر المستطاع وانتاجات وأدب وثقافة وترفيه لذلك أعيب على الجيل الحديث نظرة التخلف التي يقذف بها جيل الأجداد متناسيا ما تركه لنا من موروث في تجاربه الفكرية والثقافية والاجتماعية والأدبية تجعله قدوة ومرجعا لنا و نبراسا لمنهجنا في الحياة في حين ان الجيل الحديث يأخذ صفة الاتكال عنوانا له , وليعترف بالبون الشاسع الذي يميز جيل الأجداد عنه بإنتاجهم التنموي من مقومات يلفها الفقر المدقع والتي لم تجعلهم مكتوفي الأيدي بل سخروها وأنتجوا منها الصناعات المختلفة فأبدعوا متحدّين قسوة الظروف بسماحة الحياة من مقومات احتضنتها البيئة استغلوها فاستغنوا منها بالاكتفاء الذاتي . ثم عرفوا عملية التصدير واستطاعوا أن يصدروا منها . كقيامهم بعملية صناعة التفحيم للأشجار وتصديرها للدول التي تقوم بتسيير القطارات على الوقود مثل مصر والسودان وأيضا تصدير الجلود والسمن واللبن المجمد (الجميد) وكلها من إنتاجهم الخاص في مواجهة منهم لظروف العوامل الطبيعة ومدى تصدِّيهم لها كذلك نتاجهم لتحسين حياتهم وكيف كانوا يستعملونه فأنتجوا الفردة من جلد البعير للحفظ طويل المدى للأطعمة بتخزين اللحوم المجففة فيه لمدة قد تتعدى الستة اشهر ووضع الزبد في المكرش وذلك للتبريد ولأبعادها عن التعفن وكيف استطاعت المرأة أن تنتج أصناف كثيرة من الطعام تقدمه لأسرتها لا تتعدى مقوماته اللحم والقمح واللبن والملح ( ولتتركوا لخيالكم التمعن في ما يوجد بما يسمى بالسوبر ماركت والتي تركن لتتعفن بالثلاجة لوجود بديل لربة منزل اليوم وهو المطعم ), وهانحن اليوم و وبعد اكتشاف البترول وبدل ان نطور ما تركه الأجداد ونصدره كسلعة ختمت بثقافتنا يشير العالم بأنامل أصابعه ليحصل عليها تماما كما حصل في السجاد الإيراني تطوِرَه أجيال تلو أجيال حتى وصل إلى ما وصل له أوقفنا تحريك عقولنا وأصبحنا شعب يستورد يعتمد على الدولة لا يريد ان ينتج فتوقفت الصناعات على ما تركه الأجداد تُعرض فقط من خلال المهرجانات تحكي عن مجتمع أنتج صناعات قديمة أوقفها اكتشاف البترول لا تقولوا هناك صناعات فموظفوها ليس انتم بل عمالة وافدة والطامة الكبرى أن الأسرة بدأت تفقد ترابطها بسبب نظرة التخلف التي يرمق بها الجيل الحديث الأجداد مع تكثيف استيراد وحرب الثقافات الأخرى علينا , وأول البوادر أن الأسرة لم تعتد تجتمع في الأوقات التي كانت تعتبر عند الأجداد مقدسة مثل الاجتماع في فترة الغداء والعشاء وما يتم خلال هذا الاجتماع من تربية على الاحترام والتقدير كتقديم الجد أو الأب في مد يده على الطعام لتتالى الأيادي بعده اليوم لكل فرد من أفراد الأسرة مطبخ خارجي يتوجه له عند الجوع وأصبح المطبخ في المنزل شئ من الماضي وللديكور فقط وأصبح للأطفال أم بديلة تلقنهم دروس الأدب التي تربت عليها الشغالة حسب ثقافتها (ولنأخذ دقيقة صمت بالتفكير بثقافة الأجيال القادمة )
فمن هو المتخلف عن ركْب الحضارة ؟ من جعل عقله مرتعا للثقافات يستوردها ويتبناها ويقلدها ؟ ومن يحق له أن يفتخر ويقذف الأخر بالتخلف ؟ جيل صبر واخترع وأنتج وأستورد وصدر , ام جيل يركض وراء ثقافات ضائعة خالية من الأخلاق وأستورد وقلد .هناك مثل شعبي مصري يقول (العلم بالراس مش بالكراس ) بما معناه ان العقول ليست بالقراءة والكتابة فقط ولكن بمن يعيها ويعي ما يدور حوله بسعة أفق يستفيد من التجارب والممارسات في أمور الحياة والإنتاج والاختراع التي تركها الغير .
فمن هو المتخلف عن ركْب الحضارة ؟ من جعل عقله مرتعا للثقافات يستوردها ويتبناها ويقلدها ؟ ومن يحق له أن يفتخر ويقذف الأخر بالتخلف ؟ جيل صبر واخترع وأنتج وأستورد وصدر , ام جيل يركض وراء ثقافات ضائعة خالية من الأخلاق وأستورد وقلد .هناك مثل شعبي مصري يقول (العلم بالراس مش بالكراس ) بما معناه ان العقول ليست بالقراءة والكتابة فقط ولكن بمن يعيها ويعي ما يدور حوله بسعة أفق يستفيد من التجارب والممارسات في أمور الحياة والإنتاج والاختراع التي تركها الغير .