الجلسة الأولى ''صمتًا''!
جلس المريض على الكرسي، وحَدَّق بالسقف، سحبت الكرسي وجلست بالقرب منه.
- ماذا ترى في السقف؟
- تفاصيل أتمنى أن أعيشها.
- ولِـمَ لا تقوم بذلك؟ عِشْها، الأمر سهل!
- لا أستطيع، إني ''عاجز''، مكبَّلٌ بخطايا الأمس!
- هل تعاني من جُرْحٍ عميق بداخلك؟
- نعم، ولا يزال غائرًا.
- وما نوع هذا الجرح الكبير؟
- دهست ''قطة'' حينما كنت أقود بسرعة، وسمعت أذني موسيقا الموت! شَعَرت أثناء ذلك أنِّي مجرم أترنَّح بكرنفال التراشق بالطماطم تعلو فيه أهازيج القِطط ودموعها.
يا إلهي! كيف أجرؤ على قتل ''قطة'' عائدة بعد وليمة عشاء مع صديقاتها في برميل النفايات؟!
- ماذا يعني لك الموت؟
- أن لا تجد من تقول له عيد مبارك وأنت ترمق مكاناً كان يجلس فيه من غادر للأبد للأبد.
- هل تعتقد أن هناك من لا يعاني في هذا العالم؟
- نعم، كثيرون، مَن لم يشعروا بالمعاناة قطُّ.
- ما نوع المعاناة التي تعنيها؟
- هل فكَّرت يومًا وأنت غَادٍ لعيادتك الفارهة فيمن يعاني في هذا العالم المتَّسخ بمن عليه؟
- لم تُجب، ماذا تقصد بالمعاناة؟
- الوضوح يقتل نَضَارَةَ السراب.
- أنا مصرٌّ، أريد معرفة نوع المعاناة التي تقصدها بحديثك؟
- هل وضعت نفسك مكانَ من يعاني من التبول اللا إرادي، ويخفي ضعفه بالجلوس على كرسي يمنحه ''القوة '' ويستخدمها على الضعفاء؟
هل فكَّرت يومًا أن زوجتك تنعَتك بـ''دجاجة الليل''؟
- كل شخص له حياته، وأيضًا اختلافه عن بقية الناس، لا يمكن أن نكفِّر عن أخطائنا بطريقة لعب دور المثالية.
- ها أنت قُلْتَها، لعب دور، هل يجب علينا تقييم النيات وإصدار الأحكام على الآخرين بالقول؛ هذا يتملَّق، وهذا يتقمَّص، وذاك خالٍ من العيوب؟
- لماذا أنا بالذات جئت لعيادتي؟!
- لست أنت المعني، لكن العيادة النفسية لا يأتي إليها العقلاءُ بل المجانين مثلي، رغم أن العقلاء يمارسون أشدَّ أنواع العذاب بغيرهم، بينما المجانين يكتفون بتناول الطعام والذهاب للحمام فقط؛ لذلك لذت لك، مللت مخالطة العقلاء.
- هذه العيادة ليست محل إيواء للمعتلِّين، وأنا ضد قولك: إنها للمجانين!
- أنت تدافع عن الاسم بينما لم تحرِّك ساكنًا أمام مشاكلهم!
- كيف لم أتحرَّك أمام مشاكلهم؟!
- العائد المادي من جلساتهم يا صديقي، حينها تكتشف المفارقة العجيبة؛ أننا حتى بتعاسة الناس ولحظة ضعفهم، نملأ جيوبنا منهم!!
- ما أحلامُك تلك التي تريد أن تحلِّق لها، ويسيل لُعابك من شدة روعتها وتتمنى تحقيقها؟
- أتمنى أن تعالَج القِطط المشرَّدة في الأَزِقَّة والممرَّات الضيِّقة، وأن نقدِّم لهم وَجَبَاتٍ يوميةً.
- القطط؟! ماذا تعني لك؟
- هي العائلة، والمنفى، هي الأمكنة الفارغة الخالية من كل شيء، وهي الروح أيضًا.
- ما سِرُّ تعلُّقِك بها؟
- حين دهست تلك القطة رَمَقَتْني بنظرة لم أفهمها، ربما هي نظرة النهاية على يدي، وربما نظرة الإعجاب بسيارتي، وربما وربما وربما.. وعلى كثرة الاحتمالات، لا أعلم!
- بماذا تشعر الآن؟
- أشعر أني أريد الرقص.
- مع من؟
- مع القطة الفاتنة، مع تلك القطة التي ماتت مبكرًا جدًّا.
- لحظةً، لدي لك مفاجأة!
- انتظرني ..
- ماذا أحضرت معك؟
- دَعْنا نمارس لعبة التوقُّعات.
- إذا كان طعامًا، أتمنى أن يكون من الأصناف البحرية.
- ليس طعامًا.
- ماذا إذن؟
- انظر، إنها قطة.
أنا أيضًا- أعشق القطط، وهذه هدية اشتريتها اليومَ لابنتي وقلت: أضعها هنا ريثما أنهي عملي بالعيادة.
- لا، هذا لا يُعقل!
- ماذا بك؟ ما الذي أصابك؟
- إنها تشبهني مع زوجتي!
- كيف ذلك؟!
- أرجوك، أبعدها عنِّي، إنها تذكِّرني بمشكلتي، أبعدها هيَّا أبعدها!
- خذ من هذا القرص حبَّتين، الماء بجانبك.
- أعتقد الآن أن الوقت حان لتُجيب عن أسئلتي، وبعمق يحمل (الوضوح) وبعيداً عن القطط والألغاز!
- يوميًّا أتعرض لضربٍ من زوجتي، حتى إني سمعتها من خلف الباب وهي مع ضيوفها قائلةً بأني ''قط لا يهش ولا ينش''!!
- كيف العلاقة بينكما؟
- البارحةَ صفعتني، حتى إنها أصبحت تطلب فصل العلاقة بيننا!
- والسبب؟
-لا أستمر في ''المعركة طويلًا''.
- كم مضى على زواجكما؟
- سنة ونصف.
- هل السبب في ذلك خوفك منها، أم هناك سبب عضوي؟
- تتَّسم شخصيتها بالقوية فهي مرهوبة الجانب.
- أين تعمل؟ ما طبيعة عملك؟
- أعمل في مَشفى.
- الغريب حقًّا أن حديثك معي ليس كما وصفت لي.
- كلُّنا أقوياء مع الناس العاديين وضعفاء مع زوجاتنا.
- عيناك تُوشِك على سكب الدموع.
- ماذا أفعل؟ أنا في ورطة حقيقية!
- مشكلتك بسيطة جدًّا، ولدي لك الحلول الناجحة والمجرَّبة، وذلك من حالات سابقة.
(باقي الأحداث ليست للنشر).
جلس المريض على الكرسي، وحَدَّق بالسقف، سحبت الكرسي وجلست بالقرب منه.
- ماذا ترى في السقف؟
- تفاصيل أتمنى أن أعيشها.
- ولِـمَ لا تقوم بذلك؟ عِشْها، الأمر سهل!
- لا أستطيع، إني ''عاجز''، مكبَّلٌ بخطايا الأمس!
- هل تعاني من جُرْحٍ عميق بداخلك؟
- نعم، ولا يزال غائرًا.
- وما نوع هذا الجرح الكبير؟
- دهست ''قطة'' حينما كنت أقود بسرعة، وسمعت أذني موسيقا الموت! شَعَرت أثناء ذلك أنِّي مجرم أترنَّح بكرنفال التراشق بالطماطم تعلو فيه أهازيج القِطط ودموعها.
يا إلهي! كيف أجرؤ على قتل ''قطة'' عائدة بعد وليمة عشاء مع صديقاتها في برميل النفايات؟!
- ماذا يعني لك الموت؟
- أن لا تجد من تقول له عيد مبارك وأنت ترمق مكاناً كان يجلس فيه من غادر للأبد للأبد.
- هل تعتقد أن هناك من لا يعاني في هذا العالم؟
- نعم، كثيرون، مَن لم يشعروا بالمعاناة قطُّ.
- ما نوع المعاناة التي تعنيها؟
- هل فكَّرت يومًا وأنت غَادٍ لعيادتك الفارهة فيمن يعاني في هذا العالم المتَّسخ بمن عليه؟
- لم تُجب، ماذا تقصد بالمعاناة؟
- الوضوح يقتل نَضَارَةَ السراب.
- أنا مصرٌّ، أريد معرفة نوع المعاناة التي تقصدها بحديثك؟
- هل وضعت نفسك مكانَ من يعاني من التبول اللا إرادي، ويخفي ضعفه بالجلوس على كرسي يمنحه ''القوة '' ويستخدمها على الضعفاء؟
هل فكَّرت يومًا أن زوجتك تنعَتك بـ''دجاجة الليل''؟
- كل شخص له حياته، وأيضًا اختلافه عن بقية الناس، لا يمكن أن نكفِّر عن أخطائنا بطريقة لعب دور المثالية.
- ها أنت قُلْتَها، لعب دور، هل يجب علينا تقييم النيات وإصدار الأحكام على الآخرين بالقول؛ هذا يتملَّق، وهذا يتقمَّص، وذاك خالٍ من العيوب؟
- لماذا أنا بالذات جئت لعيادتي؟!
- لست أنت المعني، لكن العيادة النفسية لا يأتي إليها العقلاءُ بل المجانين مثلي، رغم أن العقلاء يمارسون أشدَّ أنواع العذاب بغيرهم، بينما المجانين يكتفون بتناول الطعام والذهاب للحمام فقط؛ لذلك لذت لك، مللت مخالطة العقلاء.
- هذه العيادة ليست محل إيواء للمعتلِّين، وأنا ضد قولك: إنها للمجانين!
- أنت تدافع عن الاسم بينما لم تحرِّك ساكنًا أمام مشاكلهم!
- كيف لم أتحرَّك أمام مشاكلهم؟!
- العائد المادي من جلساتهم يا صديقي، حينها تكتشف المفارقة العجيبة؛ أننا حتى بتعاسة الناس ولحظة ضعفهم، نملأ جيوبنا منهم!!
- ما أحلامُك تلك التي تريد أن تحلِّق لها، ويسيل لُعابك من شدة روعتها وتتمنى تحقيقها؟
- أتمنى أن تعالَج القِطط المشرَّدة في الأَزِقَّة والممرَّات الضيِّقة، وأن نقدِّم لهم وَجَبَاتٍ يوميةً.
- القطط؟! ماذا تعني لك؟
- هي العائلة، والمنفى، هي الأمكنة الفارغة الخالية من كل شيء، وهي الروح أيضًا.
- ما سِرُّ تعلُّقِك بها؟
- حين دهست تلك القطة رَمَقَتْني بنظرة لم أفهمها، ربما هي نظرة النهاية على يدي، وربما نظرة الإعجاب بسيارتي، وربما وربما وربما.. وعلى كثرة الاحتمالات، لا أعلم!
- بماذا تشعر الآن؟
- أشعر أني أريد الرقص.
- مع من؟
- مع القطة الفاتنة، مع تلك القطة التي ماتت مبكرًا جدًّا.
- لحظةً، لدي لك مفاجأة!
- انتظرني ..
- ماذا أحضرت معك؟
- دَعْنا نمارس لعبة التوقُّعات.
- إذا كان طعامًا، أتمنى أن يكون من الأصناف البحرية.
- ليس طعامًا.
- ماذا إذن؟
- انظر، إنها قطة.
أنا أيضًا- أعشق القطط، وهذه هدية اشتريتها اليومَ لابنتي وقلت: أضعها هنا ريثما أنهي عملي بالعيادة.
- لا، هذا لا يُعقل!
- ماذا بك؟ ما الذي أصابك؟
- إنها تشبهني مع زوجتي!
- كيف ذلك؟!
- أرجوك، أبعدها عنِّي، إنها تذكِّرني بمشكلتي، أبعدها هيَّا أبعدها!
- خذ من هذا القرص حبَّتين، الماء بجانبك.
- أعتقد الآن أن الوقت حان لتُجيب عن أسئلتي، وبعمق يحمل (الوضوح) وبعيداً عن القطط والألغاز!
- يوميًّا أتعرض لضربٍ من زوجتي، حتى إني سمعتها من خلف الباب وهي مع ضيوفها قائلةً بأني ''قط لا يهش ولا ينش''!!
- كيف العلاقة بينكما؟
- البارحةَ صفعتني، حتى إنها أصبحت تطلب فصل العلاقة بيننا!
- والسبب؟
-لا أستمر في ''المعركة طويلًا''.
- كم مضى على زواجكما؟
- سنة ونصف.
- هل السبب في ذلك خوفك منها، أم هناك سبب عضوي؟
- تتَّسم شخصيتها بالقوية فهي مرهوبة الجانب.
- أين تعمل؟ ما طبيعة عملك؟
- أعمل في مَشفى.
- الغريب حقًّا أن حديثك معي ليس كما وصفت لي.
- كلُّنا أقوياء مع الناس العاديين وضعفاء مع زوجاتنا.
- عيناك تُوشِك على سكب الدموع.
- ماذا أفعل؟ أنا في ورطة حقيقية!
- مشكلتك بسيطة جدًّا، ولدي لك الحلول الناجحة والمجرَّبة، وذلك من حالات سابقة.
(باقي الأحداث ليست للنشر).