القوالب الجاهزة !!
ناقشني بعض الأصدقاء في الردود على مقالاتي و كيف أن بعضها غريب و شخصي و لكن ما لفت نظري هو ما قاله أحدهم بأنني أخطأت بوضع اسم قبيلتي و أن الردود كانت ستكون مختلفة لولا ذلك و هو محق في بعض كلامه لأن عقولنا تعودت على وضع الأشخاص و الأفكار في قوالب و إصدار الأحكام المسبقة عليها و لهذا تجدنا إذا سمعنا أن أحدهم قام بعمل لئيم أو كريم سألنا عن الشخص من أي المناطق أو القبائل هو؟! و كل ذلك لنتأكد أن القالب و الحكم الذي أعددناه مسبقاً على هذا القالب ما زال صحيحاً و إلا فما الفائدة من السؤال عن أصول الإنسان أو منطقته؟!
الإنسان بطبيعته يحب التصنيفات و القوالب و لا أدري هل عقولنا مبرمجة على ذلك أم لا فنحن عندما نقابل شخصاً لأول مرة فإننا نضعه في واحدة من أربع فئات و هي صديق، عدو، حبيب أو وسط. في فئة الوسط قد تضع 90٪ ممن تقابلهم إلى أن يصدروا تصرفاً يجعلك تصنفهم في إحدى الفئات الثلاث الأخرى. إبتسامتك لشخص قابلته للتو قد تجعله يضعك في فئة الصديق أما تجهمك و مزاجيتك قد تجعله يضعك في فئة الأعداء و تبقى فئة الحب و هي أمور قلبية لا قدرة لأحد على تفسيرها. الغريب أيضاً أننا نقوم بهذه التصنيفات يومياً دون أن تتعب عقولنا بل إننا نفعلها فطرياً و بلا إدراك!!
الإنسان بطبعه لا يضع الأشخاص فقط في قوالب بل و حتى الأفكار فتجده قد حفظ مجموعة من الردود على موضوع معين و تجده بمجرد أن طرح عنوان الموضوع قام بسرد كل ما عنده حتى و إن كان لا يمت للفكرة بصلة!! .. في مناقشة جرت أمامي عن سقوط الخلافة العباسية قام أحدهم بالكلام و لم يقل إلا ثلاث كلمات حتى قفز الاخر و قال: دعني أرد عليك!! ترد على ماذا؟! .. إن الرجل لم يقل لنا جملة كاملة و لكن لأن صاحبنا قد جهز القوالب و الردود فلم يطق الإنتظار حتى يستخدمها!!
إن استخدام القوالب يريح الإنسان من التفكير و التجربة و لكنه يدمره في نفس الوقت لأنه يجعله جامداً فهو لم يعد يحتاج للتجديد لأن كل شيء عنده له قالب بل و تجده يهرب من الأفكار الجديدة لأنه لا يملك لها قالباً فإذا وضعها أحدهم في قالب قام و استعمله دون أن يفكر فيها. .. أعتقد انكم قرأتم الموضوع لتتأكدوا أن أحكامكم و قوالبكم صحيحة بشكل أو بآخر، لا؟!