الــراعية والـــراعيات
ودعتني الراعية ، وقالت: سأتجه لاقترب من تلك الجبال.
قلت: إنها تقترب من بلدة كبيرة.
قالت: إن حولها جبال عالية، وأودية كثيفة الشجر.
قلت: إنني سأعود لك إن شاء الله، فمكثت شهرا ، ثم أشرفت لها فوق المشارف، فرأيتها في عمق الوادي وبين أشجاره، فأقبلت عليها وسلمت.
وقلت: كأنك اقتربت من التحضر.
قالت: الأمر ليس كذلك، بل زدت نفورا ، وبعدا.
قلت: لماذا؟
قالت: كنت أظن أنني الغريبة الوحيدة .
قلت: عساكِ وجدت رفيقة؟
قالت: بل، رفيقات .
قلت: كيف؟
قالت: إنني قابلت امرأة بشويهاتها ، ومكثت معها يوما كاملا نتحادث، ونصلي واستدرجتني (لعشتها) التي تبيت فيها مع شويهاتها.
وقالت المرأة للراعية: ليست حالتي ببعيدة عن حالتك، إنني في هذه أعيش وأبيت بجانب شويهاتي، فذهلت كثيرا مع هذه الخيرات أجد مثل هذه الحالة التي لم يدفع لها الزهد وحب الغربة .
قلت: وهل كشفت لك عن مجاعاتها، ومآسيها ؟
قالت: إنها لم تجع، ولم تعرَ ، فهي نفرت من زوجة ابنها التي حجبتها عن العمل، وقذفت لها كل شيء جاهزا، ونفّرت بناتها من زيارتها، فالأسباب تقلبات الحياة، والتصرفات السلوكية ، ومكثتُ معها تلك الليلة .
قلت: عرفتك تنفرين من كل ذي سقف .
قالت: إننا نمنا خارج العشة كما هي عادتي كل ليلة .
قلت: وهل اجتمعتما على الأكل ؟
قالت: إنه متقارب، فهي زهيدة في الأكل .
قلت: ألم ترِ أخرى مثلها ؟
قالت: بلى، رأيت عششا كثيرة على مثل حالتها ، والتقيت معهن تحت ظلال الشجر مع شويهاتنا، وحاولت أن اتعرف على أحوالهن ، فمنهم من عقها أولادها ، وآثرت رعي اغنامها وعيشها في حرية بدل الشفقة بها، وقد تطاول الزمن بهن .
فقالت: إحداهن إنها كانت تجاري الحضريات بالزينة، والنظافة، وإيجاد الخدمة المنزلية، ولكن مات الزوج ، فتنازع الأبناء قيمة البيت، وأخذوا يقذفونني بين زوجاتهم على مضض، فآثرت هذه الحياة، وأنا سعيدة مع جاراتي ومكثت مع خمسة عجائز وقتا يسيرا، ثم ارتحلت إلى أحضان جبل آخر ، فرأيت عجوزا تلتف حولها أغنامها قليلة العدد ، فأقتربت منها، وسلمت عليها ، وحادثتها ووجدتها مصلية وصائمة ، وسألتها عن أحوالها .
قالت العجوز: إنني أملك مالا، ولكني لا أملك حياة سعيدة، وأنا أعيش مع زوجي الذي تجاوز التسعين .
قالت الراعية: أليس لك أولاد؟
قالت: لقد ماتوا وخرجنا عن دارنا لنرى الأرض الفسيحة ، وندرج فيها، ولكن لا خدمة، ولا تجهيزات ليس عوزا ، إنما عدم قدرة .
قلت: وهل رأيت مثل هذه الأحوال؟
قالت: إنها نفث الحياة الحضرية، وقد كنت كذلك حتى انفردت، وانعزلت بعد ممارسة طويلة لمثل هذه الحالة .
قلت: إنني أجهل تلك الأحوال في أطراف المدن العامرة بالخيرات مع كوني عضوا في جمعيات خيرية.
قالت: وكيف يهنأ لك ضمير أن تكون عضواً في جمعية خيرية ولا تعرف تلك الحالات المأسوية .
قلت: أنا ، وصحبي، وعضوات الجمعيات في مكاتبنا، ونستقبل من يأتي إلينا، ونبعث مناديب للأحياء ، ولكن هناك قاصرين وقاصرات ، وهناك من يجهل تلك الطرق الموصلة، وهناك من هم مستعفون.
قالت: إنكم شاطرتم أقرباءهم في الأثم .
قلت: الأمر كذلك ، ولكن أخبريني هل طاب لكي المقام عندهن؟
قالت: إن الذي يزعجني رائحة الأغنام النافقة.
قلت: إذن يكثر نفوق أغنامهن.
قالت: نعم، مع أن هناك من يشتري كثيرا من مرضى الأغنام، ويأخذون ما تشارف على الموت ، ولست أدري ماذا يفعلون بها ؟
قلت: كذلك أنا لا أدري ، ولكن الظن يداعبني.
فقلت: ليتكِ أيها الحافظة تستقرين بعض الوقت لعلك تحفظينهن القرآن ، وتستدرجينهن للتعبد الدائم .
قالت: إنها فكرة !!
ودعتني الراعية ، وقالت: سأتجه لاقترب من تلك الجبال.
قلت: إنها تقترب من بلدة كبيرة.
قالت: إن حولها جبال عالية، وأودية كثيفة الشجر.
قلت: إنني سأعود لك إن شاء الله، فمكثت شهرا ، ثم أشرفت لها فوق المشارف، فرأيتها في عمق الوادي وبين أشجاره، فأقبلت عليها وسلمت.
وقلت: كأنك اقتربت من التحضر.
قالت: الأمر ليس كذلك، بل زدت نفورا ، وبعدا.
قلت: لماذا؟
قالت: كنت أظن أنني الغريبة الوحيدة .
قلت: عساكِ وجدت رفيقة؟
قالت: بل، رفيقات .
قلت: كيف؟
قالت: إنني قابلت امرأة بشويهاتها ، ومكثت معها يوما كاملا نتحادث، ونصلي واستدرجتني (لعشتها) التي تبيت فيها مع شويهاتها.
وقالت المرأة للراعية: ليست حالتي ببعيدة عن حالتك، إنني في هذه أعيش وأبيت بجانب شويهاتي، فذهلت كثيرا مع هذه الخيرات أجد مثل هذه الحالة التي لم يدفع لها الزهد وحب الغربة .
قلت: وهل كشفت لك عن مجاعاتها، ومآسيها ؟
قالت: إنها لم تجع، ولم تعرَ ، فهي نفرت من زوجة ابنها التي حجبتها عن العمل، وقذفت لها كل شيء جاهزا، ونفّرت بناتها من زيارتها، فالأسباب تقلبات الحياة، والتصرفات السلوكية ، ومكثتُ معها تلك الليلة .
قلت: عرفتك تنفرين من كل ذي سقف .
قالت: إننا نمنا خارج العشة كما هي عادتي كل ليلة .
قلت: وهل اجتمعتما على الأكل ؟
قالت: إنه متقارب، فهي زهيدة في الأكل .
قلت: ألم ترِ أخرى مثلها ؟
قالت: بلى، رأيت عششا كثيرة على مثل حالتها ، والتقيت معهن تحت ظلال الشجر مع شويهاتنا، وحاولت أن اتعرف على أحوالهن ، فمنهم من عقها أولادها ، وآثرت رعي اغنامها وعيشها في حرية بدل الشفقة بها، وقد تطاول الزمن بهن .
فقالت: إحداهن إنها كانت تجاري الحضريات بالزينة، والنظافة، وإيجاد الخدمة المنزلية، ولكن مات الزوج ، فتنازع الأبناء قيمة البيت، وأخذوا يقذفونني بين زوجاتهم على مضض، فآثرت هذه الحياة، وأنا سعيدة مع جاراتي ومكثت مع خمسة عجائز وقتا يسيرا، ثم ارتحلت إلى أحضان جبل آخر ، فرأيت عجوزا تلتف حولها أغنامها قليلة العدد ، فأقتربت منها، وسلمت عليها ، وحادثتها ووجدتها مصلية وصائمة ، وسألتها عن أحوالها .
قالت العجوز: إنني أملك مالا، ولكني لا أملك حياة سعيدة، وأنا أعيش مع زوجي الذي تجاوز التسعين .
قالت الراعية: أليس لك أولاد؟
قالت: لقد ماتوا وخرجنا عن دارنا لنرى الأرض الفسيحة ، وندرج فيها، ولكن لا خدمة، ولا تجهيزات ليس عوزا ، إنما عدم قدرة .
قلت: وهل رأيت مثل هذه الأحوال؟
قالت: إنها نفث الحياة الحضرية، وقد كنت كذلك حتى انفردت، وانعزلت بعد ممارسة طويلة لمثل هذه الحالة .
قلت: إنني أجهل تلك الأحوال في أطراف المدن العامرة بالخيرات مع كوني عضوا في جمعيات خيرية.
قالت: وكيف يهنأ لك ضمير أن تكون عضواً في جمعية خيرية ولا تعرف تلك الحالات المأسوية .
قلت: أنا ، وصحبي، وعضوات الجمعيات في مكاتبنا، ونستقبل من يأتي إلينا، ونبعث مناديب للأحياء ، ولكن هناك قاصرين وقاصرات ، وهناك من يجهل تلك الطرق الموصلة، وهناك من هم مستعفون.
قالت: إنكم شاطرتم أقرباءهم في الأثم .
قلت: الأمر كذلك ، ولكن أخبريني هل طاب لكي المقام عندهن؟
قالت: إن الذي يزعجني رائحة الأغنام النافقة.
قلت: إذن يكثر نفوق أغنامهن.
قالت: نعم، مع أن هناك من يشتري كثيرا من مرضى الأغنام، ويأخذون ما تشارف على الموت ، ولست أدري ماذا يفعلون بها ؟
قلت: كذلك أنا لا أدري ، ولكن الظن يداعبني.
فقلت: ليتكِ أيها الحافظة تستقرين بعض الوقت لعلك تحفظينهن القرآن ، وتستدرجينهن للتعبد الدائم .
قالت: إنها فكرة !!