×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
فهد العبيدان

من سيتصدّق عنكم؟!
فهد العبيدان

كنت عابر سبيل ، حان وقت صلاة العشاء ، دخلت المسجد وإذ بالإمام يقرأ { وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدق وأكن من الصالحين}.

لم يدر بمخيلتي إلا إثنتين : عِظم الصدقة ، فهي أول مايتمناه الإنسان لو مُدّ في عمره ، أمّا الثانية : من سيتصدق عمن وُوري جثمانه وفاضت روحه للسماء ؟

ربّما يكون الحزن سيد الموقف في البدايات ، وما إن تتوالى الأيام والسنوات ، حتى يُصبح الميت مجرّد ذكريات ، ويُذكر اسمه وتعلوا على المسامع الضحكات ، أين الحزن والألم ، أين من تحمّس وأقسم ألا يبتسم من بعده ، أين من أغلظت الأيمان ألّا تتزوج بعده ، أين وأين وأين ؟
في البداية كان الجميع متحمّسًا لبناء مسجد صدقة لذلك الفقيد العزيز ، ثم حفر بئر في أرخص دولة بالعالم ، ثم تقلّصت الفكرة لكفالة يتيم ، حتى أصبحت برّادة ماء ، وجمع " القطّة " على مضَض ، ثم يُنسى صاحبنا ، ونكتفي بالدعاء له إذا ما ذُكر اسمه اعتراضًا لقصة عابرة قد لا تتكرّر.

هذا هو الحال بلا مثاليّة كذّابة ، وهياط باسم الأموات ، لماذا ننتظر الشّفقة بعد رحيلنا ونحن نتنفس الهواء ، وكما نقول بالعاميّة " حنّا فيها " ، هي دعوة بأن نتصدّق زكاة لنا في حياتنا وبعد رحيلنا ، ونتخيّر ما نشاء من أوجه الخير ، وننفق ما استطعنا لنَيل خيري الدنيا والآخرة ، دون أن ننتظر أن يمنّ علينا أحدهم بعد الممات ببرّادة ماء وتصوير ونشر بوسائل التواصل.

والشيء بالشيء يُذكر ، أخبرني أحدهم أن عائلة فقيرة ترجو قيمة الماء ، وجارهم ثري ، يُحضر طاقم إحدى المطاعم الفاخرة ليقيم وليمة لضيفه الثّري ! ، هياط باسم الكَرم وإكرام الضيف ، والجار يتضوّر جوعا ، أما إمام المسجد الذي أقسم أن إمرأة طلبت منه مالًا لسد جوع أطفالها ، وإلا ستزني لجمع المال ، فهذه المصيبة بحد ذاتها ، لسنا بصدد تجريم فعل تلك المرأة ، ولكن السؤال ، ما الذي أوصلها لذلك إلّا لبخل الجار أوّلا ثم لشح الأثرياء والميسورين ثانيًا.

كم أتمنّى أن يهايط المهايطون بالإنفاق على الفقراء والمساكين ، - وأقسم لهم أنّنا سنغض الطرف عنهم - ، بدلًا من الهياط بالبهائم.

وأكتفي بفضل الصدقة بحديثين : قال ﷺ : " داووا مرضاكم بالصدقة " ، وقال ﷺ : " سبعة يظلهم الله بظله ، يوم لا ظل إلا ظله " وذكر : " رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه "

دمتم كرماء مع الله ،،،

لتواصلكم :
‏twettir: @fahd_al_obaidan
‏Email: fahdalobaidan@gmail.com
بواسطة : فهد العبيدان
 3  0