الأنسان كيان مؤلف من هيكل جسدي، وقوى عقليه، وعواطف وجدانية، ودوافع غريزية، وبناء الأنسان لا يتحقق حتى يتعلم كيف يبني عقله، ونفسه، وقلبه وجسده. وإذا أهمل واحدة منها أصبح مشوه لا يعرف الطريق ولا يحقق النجاح. وتنمية الأنسان هي تطوير قدراته، ومهاراته من أجل مواجهة متطلبات الحياة بأنماطها المختلفةوفي الدول المتقدمة يتم بناء الأنسان من خلال تنميته فكريا، وثقافيا، واجتماعيا. فالمواطن في هذه الدول ملم بحقوقه وواجباته تجاه دولته ومجتمعه ويقوم بتربية اسرته على هذه الأسس والمبادئ وتتبع تلك الدول سياسات تربوية عن طريق المناهج التعليميه بالمدارس والجامعات ومن خلال الندوات، وحملات التوعيه من قبل المؤسسات الحكومية. وهذا يخلق تراكمات في أذهان المواطنين من شأنه رفع مستواهم الفكري، والثقافي، والأجتماعي. فيتم التكامل بين الشعب والدولة على نحو منضبط. ويتشكل مجتمع حضاري منتج، وتتحقق العدالة الأجتماعية. وكلما ازداد اكتشاف العلماء لثروات جديدة زادت القناعة لديهم بأن الثروة الأهم هي الأنسان وإن العمران البشري أهم بكثير من العمران الحجري. لأنه هو الأساس والمنطلق لكافة أشكال العمران الأخرى. فالأنسان الذي اكتشف النار والحديد، وطوع الحيوانات، واكتشف البترول والطاقة الذرية ادرك ان هذه الثروات تنضب بالأستعمال بينما الثروة البشرية تزداد وتنمو بالأستمرار. ان التوازن بين التنميه البشرية والتنمية الإقتصادية أمر مهم جدا في معايير التطور الحضاري. ومن المؤسف ان العالم العربي لم يولي التنمية البشريه ما تستحقه من أهتمام خصوصا *في إطار البناء الثقافي والعلمي، والتكنلوجي حيث هذه المجالات هي المعيار الحقيقي لدخول الفرد في البعد الأنساني للحياة والسمو فيها فنشأ نمو مشوه لا يعكس المظهر فيه الجوهر وبرزت ظاهرة الحضارة المنتجة والحضارة المستهلكة. وإذا كانت التربية الإيمانيه هي أحدى طرفي بناء الأنسان فإن الطرف الآخر هو البيئةالحاضنة التي يقوم على امرها المجتمع والدولة التي ترسم الخطط وتعتمد القوانين والأساليب لضمان أستنبات نشئ صالحا. لذا فإن بناء مجتمع عصري وحضاري يستوجب توجيه عجلة التنمية بالبلاد بأتجاه الأستثمار في العقول. واقتصاد المعرفه. ونشر الثقافة الرفيعة المنفتحة وإعطاء البحث العلمي ما يستحقه من اهتمام. والدول التي استثمرت في العقول استطاعة ان تنافس في السلم الحضاري بالرغم مما واجهته من نكبات وحروب ودمار والأمن المعرفي أصبح جزء من الأمن الوطني لأي دولة وهذا الأمن لا يتحقق إلا من خلال بناء الأنسان. وليس من خلال توقيع معادات الصداقة والحماية مع الأجنبي والتنسيق مع هذه الجهة أو تلك. ان التنمية عملية مركبة أساسها ورأس مالها الأنسان ونواتها العقل المبدع المتحرر من القيود، والمنعتق من الخرافات والأساطير، الباحث والكاشف عن الأشياء وظواهرها اللاهث وراء المعرفة. هذا العقل هو السر وراء جميع أشكال التطور والتنمية والحضارة. والازدرهار الحضاري يرتكز خطابه وفكره وفعله وانجازه على العقل والمعرفة. والعالم اليوم يعيش عصر اقتصاد العلم والمعرفة والمنافسة الحضارية. حيث تتسابق بعض القوى باتجاه المستقبل وتوظيف العقل الناقد لبناء الأنسان والبعض الاخر يتقاتل ويتصارع على الماضي حيث لا معنى مطلقالبناء الأنسان في مجتمع نظري وميادين اكثر ما يقال عنها انها حبر على ورق، ولا معنى لمطالبة الأجيال بالمثاليات والمجتمع قد جحدها. ولا معنى للتركيز على بناء الأنسان وحده دون خلق مردور واقعي يكمل البناء ويزيده متانتا ورسوخا. ان بناء الأنسان هو الارتقاء به روحيا واحترام عالمه الداخلي وترسيخ مواقفه الأخلاقية والسعي لوضع طاقاته الفكرية بكاملها في خدمة تكوين الشخصية الأجتماعية الفاعلة والعادلة وذات الضمير الحي. ان المسئولية مضاعفه لاشكالات ثقافتنا وثقافة العولمة هذه المسئولية المزدوجة لبناء الأنسان العربي لا تتوفر في أمة مجزأة خاضعة لأشكال النفود الأجنبي غارقة في ماضيها على حساب حاضرها. منهمكة في مشاكل سياسية واقتصادية لا حصر لها. والمستقبل يحتم النهوض وبذل كافة الجهودلبناء الأنسان وفق الشريعة ومتطلبات القرن 21. ورفع مستواه وتنميته وجعله مواطنا واعيا. وتسليحه فكريا لاستيعاب العالم المتنوع حيث توفر للأنسانية وأصبح تحت تصرفها قوة علمية هائلة وهذا هو الأمل الوحيد للفرار من المصير المشترك لحضارات الماضي وقد أصبح مصيرنا بين أيدينا ويجب أن نسير قدما في الطريق الجديد.
عضو مجلس المنطقة
اللواء المتقاعد/ عبدالله بن كريم بن عطيه
عضو مجلس المنطقة
اللواء المتقاعد/ عبدالله بن كريم بن عطيه