الدولة التركيّة فرضت نفسها كطرف استراتيجي ورئيس في نزاعات الشرق الأوسط ليس لامتلاكها قوّة عسكريّة استثنائيّة ومؤثّرة، وإنمّا نظير وضوح سياستها الخارجيّة القائمة على مبدأ برجماتي بحت، بعيدًا عن الانسياق خلف الأيديولوجيّات أو البحث عن تحقيق انتصارات لحزب دون آخر، إذ تعمل على تعزيز قوّة تركيا إقليميًا مهما كان حليفها أو عدوها، ما يجعلها أكثر مرونة في مسألة تغيير الحلفاء والتصالح مع الأعداء متى ما دعت الظروف إلى ذلك.
أزمة اللاجئين السوريين كمثال، توضّح مدى برجماتيّة السياسة التركيّة، هي على استعداد تام لإغلاق تدفّق اللاجئين إلى الأراضي الأوروبيّة ومنعهم من تجاوز حدود بلدهم المنكوب من أجل ضم الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي، وقد يبدو هذا الموقف لا أخلاقيًا ومتنافيًا مع تصريحات الحكومة التركيّة التي تبدي تضامنها مع السوريين، لكنها واقعيًا لن تخجل من إقفال أبواب النجاة أمام أولئك المثقلين بالجراح إن كان الإقفال يصبّ في مصلحة تركيا الدولة ويحقق لها أهدافها الاستراتيجية.
وحتى الأزمة الناشبة فيما بين تركيا ومصر منذ إسقاط حكم الإخوان المسلمين، لم تكن في حقيقتها بسبب تنحية الرئيس المنتخب مرسي، بقدر ما كان هنا كرغبة لدى الأتراك بالتخلّص من حكم العسكر لمصر بعد صراع طويل بين الطرفين منذ سقوط الملكيّة المصريّة وتولي جمال عبدالناصر مقاليد الحكم وموالاته للاتحاد السوفييتي، إذ يحاول كل طرف الهيمنة على شرق البحر الأبيض المتوسّط، ما يعني بأن الموقف التركي حاليًا من مصر موقفًا برجماتيًا يفرض جعل القاهرة عدوًا لتركيًا في هذا التوقيت، ولو كان الانقلاب يأتي لمصلحة رئيس مدنّي لأبدت تركيا دعمها للحكومة الجديدة.
ورغم أن الرئيس الحالي لتركيا رجب طيب أردوغان يُعد إخوانيًا في نظر العديد من المراقبين، إلا أنه حثّ المصريين بعد موجة احتياجات 2011 والتي أسفرت عن تنحي مبارك إلى تبنّي العلمانيّة التركيّة، في موقف يكشف عن انصياعه لمبادئ السياسة البرجماتيّة حتى وإن تعارضت مع مبادئه الشخصيّة، ما يعني بأن تركيا دولة مؤسسيّة تفرض على رئيسها المنتخب اتجاهات محددة سلفًا، ولا يمكنه الحياد عنها أو الانطلاق من معتقداته الذاتيّة في أي شأن إقليمي أو دولي.
تركيا أيًا كان رئيسها لا يمكن التعامل معها إلا وفق مبدأ المصالح المشتركة، ما يفرض على الدول العربيّة العمل على تعزيز القواسم الجامعة بينها وبين الأتراك لكسب حليف يمثّل قوة استراتيجيّة في منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل على الحكومة المصريّة أن تتفهّم أهميّة تقارب الحكومات العربيّة مع تركيا لمواجهة المخاطر الإقليميّة وفي مقدمتها التمدد الإيراني في المنطقة، فضلًا عن تزايد تهديدات التنظيمات الإرهابيّة. وعلى المصريين أيضًا التخلي عن الاعتقاد بأن من يختار الأتراك حليفًا له فإنه يتعمّد جعل مصر عدوًا؛ لأن هذا النوع من الخيارات لا ينسجم مع طبيعة السياسات الدوليّة ومبادئ المصالح المشتركة التي تحدد العلاقات بين الدول.
أزمة اللاجئين السوريين كمثال، توضّح مدى برجماتيّة السياسة التركيّة، هي على استعداد تام لإغلاق تدفّق اللاجئين إلى الأراضي الأوروبيّة ومنعهم من تجاوز حدود بلدهم المنكوب من أجل ضم الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي، وقد يبدو هذا الموقف لا أخلاقيًا ومتنافيًا مع تصريحات الحكومة التركيّة التي تبدي تضامنها مع السوريين، لكنها واقعيًا لن تخجل من إقفال أبواب النجاة أمام أولئك المثقلين بالجراح إن كان الإقفال يصبّ في مصلحة تركيا الدولة ويحقق لها أهدافها الاستراتيجية.
وحتى الأزمة الناشبة فيما بين تركيا ومصر منذ إسقاط حكم الإخوان المسلمين، لم تكن في حقيقتها بسبب تنحية الرئيس المنتخب مرسي، بقدر ما كان هنا كرغبة لدى الأتراك بالتخلّص من حكم العسكر لمصر بعد صراع طويل بين الطرفين منذ سقوط الملكيّة المصريّة وتولي جمال عبدالناصر مقاليد الحكم وموالاته للاتحاد السوفييتي، إذ يحاول كل طرف الهيمنة على شرق البحر الأبيض المتوسّط، ما يعني بأن الموقف التركي حاليًا من مصر موقفًا برجماتيًا يفرض جعل القاهرة عدوًا لتركيًا في هذا التوقيت، ولو كان الانقلاب يأتي لمصلحة رئيس مدنّي لأبدت تركيا دعمها للحكومة الجديدة.
ورغم أن الرئيس الحالي لتركيا رجب طيب أردوغان يُعد إخوانيًا في نظر العديد من المراقبين، إلا أنه حثّ المصريين بعد موجة احتياجات 2011 والتي أسفرت عن تنحي مبارك إلى تبنّي العلمانيّة التركيّة، في موقف يكشف عن انصياعه لمبادئ السياسة البرجماتيّة حتى وإن تعارضت مع مبادئه الشخصيّة، ما يعني بأن تركيا دولة مؤسسيّة تفرض على رئيسها المنتخب اتجاهات محددة سلفًا، ولا يمكنه الحياد عنها أو الانطلاق من معتقداته الذاتيّة في أي شأن إقليمي أو دولي.
تركيا أيًا كان رئيسها لا يمكن التعامل معها إلا وفق مبدأ المصالح المشتركة، ما يفرض على الدول العربيّة العمل على تعزيز القواسم الجامعة بينها وبين الأتراك لكسب حليف يمثّل قوة استراتيجيّة في منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل على الحكومة المصريّة أن تتفهّم أهميّة تقارب الحكومات العربيّة مع تركيا لمواجهة المخاطر الإقليميّة وفي مقدمتها التمدد الإيراني في المنطقة، فضلًا عن تزايد تهديدات التنظيمات الإرهابيّة. وعلى المصريين أيضًا التخلي عن الاعتقاد بأن من يختار الأتراك حليفًا له فإنه يتعمّد جعل مصر عدوًا؛ لأن هذا النوع من الخيارات لا ينسجم مع طبيعة السياسات الدوليّة ومبادئ المصالح المشتركة التي تحدد العلاقات بين الدول.