شهادة الدكتوراه أعزائي القراء هي نتاج جهد كبير، أوله التأسيس الجيد للطالب بداية من المدرسة حتى ولوجه عالم البكالوريوس.
وتستمر رحلة الجهد والصعود لدرجة عليا وهي الماجستير ومن ثم الدكتوراه.
ولكن ما قيمة هذا المشوار الطويل الذي يسرق من البعض ''الأخلاق'' ويولد ''الاختيال'' وتعاظما على الآخرين! إننا نملك مساحات شاسعة من الثقافة شبيهة بالمساحات الخضراء النيوزيلندية التي ترعى الأبقار فيها.
يحدثني أحد المحاضرين بالجامعة أنه طرح سؤالا على الطلاب، فأجابه أحدهم وكانت الإجابة تعكس مدى ثقافته ونضج عقله، خصوصا أن الإجابة لم تكن مختصرة؛ بل استطرد الطالب في إجابته، مما جعل الباشا صاحب شهادة الدكتوراه يصف الطالب بقوله: (حتى أهل الخيام ورعاة الجمال صاروا مثقفين، لا وينظرون بعد)، فرد الطالب عليه بقوله: (لاحظ أني جاوبتك يا دكتور بأدب! لكن يبدو أن المكوث في ماساتشوستس قد أنساك أخلاق أهل الخيام ورعاة الجمال ''إلي أنت تنتمي لهم'').
المحاضر: سأعدي هذه الوقاحة كونك خريجا، وإلا أمكثتك لترم الصيفي.
الطالب: وهل بجامعات أمريكا يتم إقصاء إجابات الطلبة بناء على غيرة المحاضر من ابن منطقته؟! أو ربما أنك تعوض نقصا ما بطريقة أخرى ترضي فراغا بداخلك لم يعوضه حرف الدال الذي تضعه قبل اسمك؟
المحاضر: اطلع برا أنت حامل المادة....
إن إقصاء وجهة نظر الطلبة من أكبر الأخطاء التي يقع فيه المحاضر الجامعي، وبالتالي كانت معالجة الموقف بخطأ أكبر بحد ذاته مشكلة أخرى، فحين يتم احتقار الآخرين بناء على شهادة تتكبر بها على أبناء منطقتك التي تنتمي إليها فهذا أعده قمة الاستهتار، فتقبل جميع الآراء هو الوسيلة التي تسلكها الأمم نحو طريق المجد.
بعد انتهاء المحاضرة أتى ''أبو حرف دال'' لمكتبي، وهو يستشيط غضبا، كعادته اليومية يأتي لتناول القهوة معي، دخل قائلا ''أصبحت أضحوكة الطلبة من طالب بائع تبن بطريق عمان من أول محاضرة لي"، وبعد أن سرد لي ما حدث بالقاعة قلت له:
- هذا الطالب سيكون له مستقبل مشرق.
- نعم؟ عاجبك تصرفه؟
- البادي أظلم، شهادتك التي تحملها لا تخولك للسخرية من أبناء المنطقة، وأنت منهم وفيهم، على أمر تافه، إن شاء الله تكون راضيا عن نفسك يا دكتور، الغريب أن والدك أيضا لديه ''عزبة إبل'' وأخوك أيضا، وإلا المبتعث إذا رجع إلى أرض الوطن يشوف رعي الماشية التي هي ''مهنة الرسل'' لا تناسبه!!
- لا أخفيك قررت أن أغير الشعبة، لا أستطيع مواجهة الطلبة بعد حفلة الإحراج التي حدثت، ''بريستيجي'' لا يسمح!
- أنت ''جبان''.. مواجهة الموقف أفضل من الهروب يا ''دكتور''، أيعقل كلام طالب سنه رابعة يجعلك ترتجف من إعطاء المحاضرة القادمة؟ يا عزيزي أنت ''محاضر ولست بائع فطير مشلتت''، يجب أن تكون قياديا بالمحاضرة، وإلا ستكون ملطشة الطلبة، ودع عنك الغرور والتكبر، الجيل القادم ينتظر منك كلمة تشجع قدراته لا أن تسخر منه بأشياء تافهة، فلست الوحيد من يملك الدكتوراه في المنطقة.
- أنت لا تشعر بما أشعر به الآن، أشعر أني صغير جدا، خاصة حين كان الطالب ينظر لي ''بثقة'' وهو يدافع عن وجهة نظره، لم أتوقع الطلبة يجيدون التحدث هكذا! وكأنهم بصالون أدبي.
- لدي سؤال؟
- أعلم ما هو سؤالك هل سيرسب الطالب بالمادة؟
- خانك التعبير.. ليس هذا سؤالي أنت ''أضعف من أنك تحمله المادة، وفرضا جعلته يحمل المادة، على أي أساس تقوم بذلك؟ الجامعة لها عميد، هذا الطالب يستطيع رفع تقرير يجعلك تشاهد نجوم ليالي هارفرد وقت الظهيرة.. بالمنطقة وهنا دع كبرياءك يحل المشكلة، هذا إذا لم تفصل بتهمة الإساءة والعنصرية مع مكونات المجتمع، عن إذنك يا خريج أمريكا عندي محاضرة....... لقد تذكرت شيئا يا دكتور.
- ما هو؟
- صورة قديمة تداولها أحد الأصدقاء قبل ذهابك بلاد الواق واق وأنت ''تحلب النوق''، حاليا بقروب هيئة التدريس.
- ماذا؟!
للكاتب / فارس الغنامي
وتستمر رحلة الجهد والصعود لدرجة عليا وهي الماجستير ومن ثم الدكتوراه.
ولكن ما قيمة هذا المشوار الطويل الذي يسرق من البعض ''الأخلاق'' ويولد ''الاختيال'' وتعاظما على الآخرين! إننا نملك مساحات شاسعة من الثقافة شبيهة بالمساحات الخضراء النيوزيلندية التي ترعى الأبقار فيها.
يحدثني أحد المحاضرين بالجامعة أنه طرح سؤالا على الطلاب، فأجابه أحدهم وكانت الإجابة تعكس مدى ثقافته ونضج عقله، خصوصا أن الإجابة لم تكن مختصرة؛ بل استطرد الطالب في إجابته، مما جعل الباشا صاحب شهادة الدكتوراه يصف الطالب بقوله: (حتى أهل الخيام ورعاة الجمال صاروا مثقفين، لا وينظرون بعد)، فرد الطالب عليه بقوله: (لاحظ أني جاوبتك يا دكتور بأدب! لكن يبدو أن المكوث في ماساتشوستس قد أنساك أخلاق أهل الخيام ورعاة الجمال ''إلي أنت تنتمي لهم'').
المحاضر: سأعدي هذه الوقاحة كونك خريجا، وإلا أمكثتك لترم الصيفي.
الطالب: وهل بجامعات أمريكا يتم إقصاء إجابات الطلبة بناء على غيرة المحاضر من ابن منطقته؟! أو ربما أنك تعوض نقصا ما بطريقة أخرى ترضي فراغا بداخلك لم يعوضه حرف الدال الذي تضعه قبل اسمك؟
المحاضر: اطلع برا أنت حامل المادة....
إن إقصاء وجهة نظر الطلبة من أكبر الأخطاء التي يقع فيه المحاضر الجامعي، وبالتالي كانت معالجة الموقف بخطأ أكبر بحد ذاته مشكلة أخرى، فحين يتم احتقار الآخرين بناء على شهادة تتكبر بها على أبناء منطقتك التي تنتمي إليها فهذا أعده قمة الاستهتار، فتقبل جميع الآراء هو الوسيلة التي تسلكها الأمم نحو طريق المجد.
بعد انتهاء المحاضرة أتى ''أبو حرف دال'' لمكتبي، وهو يستشيط غضبا، كعادته اليومية يأتي لتناول القهوة معي، دخل قائلا ''أصبحت أضحوكة الطلبة من طالب بائع تبن بطريق عمان من أول محاضرة لي"، وبعد أن سرد لي ما حدث بالقاعة قلت له:
- هذا الطالب سيكون له مستقبل مشرق.
- نعم؟ عاجبك تصرفه؟
- البادي أظلم، شهادتك التي تحملها لا تخولك للسخرية من أبناء المنطقة، وأنت منهم وفيهم، على أمر تافه، إن شاء الله تكون راضيا عن نفسك يا دكتور، الغريب أن والدك أيضا لديه ''عزبة إبل'' وأخوك أيضا، وإلا المبتعث إذا رجع إلى أرض الوطن يشوف رعي الماشية التي هي ''مهنة الرسل'' لا تناسبه!!
- لا أخفيك قررت أن أغير الشعبة، لا أستطيع مواجهة الطلبة بعد حفلة الإحراج التي حدثت، ''بريستيجي'' لا يسمح!
- أنت ''جبان''.. مواجهة الموقف أفضل من الهروب يا ''دكتور''، أيعقل كلام طالب سنه رابعة يجعلك ترتجف من إعطاء المحاضرة القادمة؟ يا عزيزي أنت ''محاضر ولست بائع فطير مشلتت''، يجب أن تكون قياديا بالمحاضرة، وإلا ستكون ملطشة الطلبة، ودع عنك الغرور والتكبر، الجيل القادم ينتظر منك كلمة تشجع قدراته لا أن تسخر منه بأشياء تافهة، فلست الوحيد من يملك الدكتوراه في المنطقة.
- أنت لا تشعر بما أشعر به الآن، أشعر أني صغير جدا، خاصة حين كان الطالب ينظر لي ''بثقة'' وهو يدافع عن وجهة نظره، لم أتوقع الطلبة يجيدون التحدث هكذا! وكأنهم بصالون أدبي.
- لدي سؤال؟
- أعلم ما هو سؤالك هل سيرسب الطالب بالمادة؟
- خانك التعبير.. ليس هذا سؤالي أنت ''أضعف من أنك تحمله المادة، وفرضا جعلته يحمل المادة، على أي أساس تقوم بذلك؟ الجامعة لها عميد، هذا الطالب يستطيع رفع تقرير يجعلك تشاهد نجوم ليالي هارفرد وقت الظهيرة.. بالمنطقة وهنا دع كبرياءك يحل المشكلة، هذا إذا لم تفصل بتهمة الإساءة والعنصرية مع مكونات المجتمع، عن إذنك يا خريج أمريكا عندي محاضرة....... لقد تذكرت شيئا يا دكتور.
- ما هو؟
- صورة قديمة تداولها أحد الأصدقاء قبل ذهابك بلاد الواق واق وأنت ''تحلب النوق''، حاليا بقروب هيئة التدريس.
- ماذا؟!
للكاتب / فارس الغنامي