تمر الدول عادة بطفرات اقتصادية إيجابية ثم تعود وتعاني من أزمات اقتصادية خانقة .وهذا من بديهيات الاقتصاد على مستوى العالم ، حيث يمر اقتصاد اي بلد في العالم بدورات تعلو أحيانًا ، وتهبط أحيانًا أخرى .
إلا أن الكفاءة والإدارة الاقتصادية الناجحة في إدارة مثل هذه الأزمات ، تظهر في القدرة على التكيف الصحيح مع كل دورة اقتصادية سلبية كانت أو إيجابية،* فتعمل تلك الكفاءة على الاستثمار الصحيح للموارد في الدورات الاقتصادية ذات العائد الإيجابي ، وتحويل الدورات الاقتصادية السلبية لأدوات محفزة للنمو تتمثل في الاستثمار الصحيح للموارد ( المتاحة ) ، ورفع كفاءة الإنتاج ، مع ترشيد الإنفاق ، وتنويع مصادر الدخل .*
ولعلنا هنا نستذكر بعض التجارب الاقتصادية لبعض الدول التي مرت بدورات اقتصادية هابطة نجحت في الخروج منها باقتصاد أقوى من السابق بفضل القيادة الناجحة في إدارة تلك*الأزمات . ومن هذه الدول التي مرت بتلك التجارب الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك عام 1928 حيث تعرضت لأزمة اقتصادية مزلزلة ،* امتد أثرها على العديد من دول العالم وسميت تلك الأزمة في ذلك الوقت بالكساد الكبير.
إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة روزفلت نجحت في الخروج من تلك الأزمة ، عبر تطبيقها لحزمة برامج اقتصادية درست بعناية ، فوضعت خطط وبرامج تتسم بحلول سريعة للأزمة المصرفية ، بدأت في إعادة* فتح المصارف*السليمة والتي لم تعلن إفلاسها ، ومنعها من التعامل بالأسهم والسندات. ثم إصدار قوانين تقشفية صارمة ، وإيجاد برامج تحقق الاستقرار في القطاعين الزراعي والصناعي ، وتصحيح استخدام الأوراق المالية والأسهم والسندات وغير ذلك الكثير من البرامج والمشروعات ،* والتي نجح من خلالها روزفلت في تجاوز تلك الأزمة بطريقة أثارت إعجاب الكثير حول العالم .
كذلك نذكر تجربة المملكة العربية السعودية في إدارتها* الناجحة للأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها عام 1405هـ عندما تراجعت أسعار النفط لأقل من عشرة دولارات ، إضافة للتكاليف الهائلة جراء مساندتها للعراق أثناء حربها مع إيران ،* فاستطاع الملك فهد (رحمه الله ) تجاوز تلك الأزمة عبر العديد من الإجراءات والتي كان من ضمنها إيقاف العمل بالميزانية فيما عدا الصحة والتعليم والرواتب والتشغيل والصيانة ، وإلغاء جميع البدلات والانتدابات والاكتفاء بالراتب الأساسي للموظفين .
شجاعة ذلك القرار وتكاتف الشعب مع قيادته كان كفيلاً بتجاوز تلك الأزمة حتى عادت دورة الاقتصاد من جديد وشهدنا بعدها هذا التطور التنموي الهائل في كافة المجالات.
ماتمر به المملكة العربية السعودية حاليا يشبه تلك التجارب* ولكن بشكل مضاعف ( عدة مرات ) نظراً*لانهيار أسعار النفط عالميا ، والتكاليف* اليومية الضخمة لعاصفة الحزم ، والحرب على الإرهاب ، ومواجهة التحديات الأمنية في المنطقة بسبب خطر التمدد الإيراني وكذلك التواطيء الأمريكي وغير ذلك ...*
أضف إلى ذلك عوامل داخلية كان لها الأثر البالغ في الضغط على الاقتصاد السعودي والتي سأذكرها هنا بموضوعية وشفافية :*
الطفرة النفطية السابقة التي مرت بها المملكة ؛ والصرف السخي جدا على مشاريع تنموية ضخمة شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة* أوجد للأسف*حالة من عدم الانضباط في ترشيد النفقات بسبب قوة الضخ المالي لتلك المشروعات من قبل الدولة ، حتى أن بعض المشاريع* تعثرت رغم ذلك التمويل السخي.*
كما ان تلك العوائد المالية ولدت وللأسف أيضا ثقافة سلبية بعدم الانضباط المالي لدى بعض* المؤسسات الحكومية ، بالإضافة لاحتكار وسيطرة* بعض الشركات العملاقة كسعودي اوجيه وبن لادن على المشاريع الضخمة بسبب ندرة الشركات الكبيرة المتخصصة والذي أدى في النهاية إلى تعثر في المشاريع وتأخر في التسليم إضافة لتجاهل توطين الوظائف وغير ذلك.*
ماسبق يمثل جزء من الهدر المالي الكبير والواضح الذي أوجد حالة من عدم الكفاءة في الإنفاق الحكومي .
لذلك ، ولمواجهة كل تلك التحديات ، وللتكيف مع المتغيرات القادمة ، *وما سينشأ عنها من آثار ، بالإضافة إلى عزم الدولة وإصرارها الواضح على النهوض بالاقتصاد الوطني وفق أسس صحيحة والتي ستنعكس بإذن الله على رفاه المواطن وتوليد العديد من الوظائف ورفع الكفاءة في كافة المجالات . في إطار كل ذلك ، أعلنت*السعودية*ملامح خطة عريضة للإصلاح الاقتصادي والتنمية تحت عنوان "رؤيا السعودية 2030"*للنهوض باقتصاد المملكة وتحريرها من الاعتماد على النفط ، تسبقها خطة للتحول الوطني 2020 .
تتمثل هذه الرؤيا في عدة محاور من أبرزها انشاء صندوق استثمارات سيادي يعد الأضخم على مستوى العالم ، وتقليل الاعتماد على النفط ،* وجلب الاستثمارات ، وتوطين الوظائف،* وإعادة هيكلة قطاع الإسكان ، والنهوض بالقطاع الخاص ، ورفع كفاءة الإنتاج ، وترشيد الإنفاق ، ومكافحة الفساد ، وغير ذلك الكثير من البرامج والخدمات.*
وكان من ضمن عمليات الإصلاح الاقتصادي تلك القرارات الملكية الأخيرة المعززة لرؤية المملكة 2030* والتي جاءت لتنظيم الإنفاق الحكومي ورفع كفاءة الأداء ، والمشاركة من المواطن في البناء الاقتصادي الصحيح ، والذي تجلى* واضحا من خلال تقبل المواطن والموظف ورجل الأعمال لتلك القرارات واستشعارهم لمسؤوليتهم تجاه بلدهم . واشارت ردود الفعل الأولية إلى استعداد المواطن للتكيف مع هذه الظروف .
*وباستعراض سريع لمواقع التواصل الإجتماعي ( والتي تعد أحيانا ضمن أدوات قياس مدى الرضا ) نجد الآلاف*من الأراء المؤيدة للقرارات التي صدرت ، وفي الغالب حملت تلك الأراء بين طياتها ضرورة الالتزام والتقيد بهذه القرارات دعماً لاقتصاد الوطن .
وأيضا الوعي لدى المواطن السعودي ساهم في إدراكه بأن هذه القرارات توفر سيولة في الموارد المالية ستدعم الإنفاق في مجالات أكثر ضرورة كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الضرورية التي ينبغي أن تكون لها الأولوية*.
هذا التلاحم الكبير بين القيادة والمواطن ( رغم ماتعرض له من إجراءات خفضت من قدرته المالية ) هو أيضا من أبرز مقومات نجاح الاقتصاد الوطني بإذن الله ، وفق رؤيا عالمية لاقت ترحيبا داخليا وعالميا منذ انطلاقها .
بقلم / نايف بن سعيد العطوي
إلا أن الكفاءة والإدارة الاقتصادية الناجحة في إدارة مثل هذه الأزمات ، تظهر في القدرة على التكيف الصحيح مع كل دورة اقتصادية سلبية كانت أو إيجابية،* فتعمل تلك الكفاءة على الاستثمار الصحيح للموارد في الدورات الاقتصادية ذات العائد الإيجابي ، وتحويل الدورات الاقتصادية السلبية لأدوات محفزة للنمو تتمثل في الاستثمار الصحيح للموارد ( المتاحة ) ، ورفع كفاءة الإنتاج ، مع ترشيد الإنفاق ، وتنويع مصادر الدخل .*
ولعلنا هنا نستذكر بعض التجارب الاقتصادية لبعض الدول التي مرت بدورات اقتصادية هابطة نجحت في الخروج منها باقتصاد أقوى من السابق بفضل القيادة الناجحة في إدارة تلك*الأزمات . ومن هذه الدول التي مرت بتلك التجارب الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك عام 1928 حيث تعرضت لأزمة اقتصادية مزلزلة ،* امتد أثرها على العديد من دول العالم وسميت تلك الأزمة في ذلك الوقت بالكساد الكبير.
إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة روزفلت نجحت في الخروج من تلك الأزمة ، عبر تطبيقها لحزمة برامج اقتصادية درست بعناية ، فوضعت خطط وبرامج تتسم بحلول سريعة للأزمة المصرفية ، بدأت في إعادة* فتح المصارف*السليمة والتي لم تعلن إفلاسها ، ومنعها من التعامل بالأسهم والسندات. ثم إصدار قوانين تقشفية صارمة ، وإيجاد برامج تحقق الاستقرار في القطاعين الزراعي والصناعي ، وتصحيح استخدام الأوراق المالية والأسهم والسندات وغير ذلك الكثير من البرامج والمشروعات ،* والتي نجح من خلالها روزفلت في تجاوز تلك الأزمة بطريقة أثارت إعجاب الكثير حول العالم .
كذلك نذكر تجربة المملكة العربية السعودية في إدارتها* الناجحة للأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها عام 1405هـ عندما تراجعت أسعار النفط لأقل من عشرة دولارات ، إضافة للتكاليف الهائلة جراء مساندتها للعراق أثناء حربها مع إيران ،* فاستطاع الملك فهد (رحمه الله ) تجاوز تلك الأزمة عبر العديد من الإجراءات والتي كان من ضمنها إيقاف العمل بالميزانية فيما عدا الصحة والتعليم والرواتب والتشغيل والصيانة ، وإلغاء جميع البدلات والانتدابات والاكتفاء بالراتب الأساسي للموظفين .
شجاعة ذلك القرار وتكاتف الشعب مع قيادته كان كفيلاً بتجاوز تلك الأزمة حتى عادت دورة الاقتصاد من جديد وشهدنا بعدها هذا التطور التنموي الهائل في كافة المجالات.
ماتمر به المملكة العربية السعودية حاليا يشبه تلك التجارب* ولكن بشكل مضاعف ( عدة مرات ) نظراً*لانهيار أسعار النفط عالميا ، والتكاليف* اليومية الضخمة لعاصفة الحزم ، والحرب على الإرهاب ، ومواجهة التحديات الأمنية في المنطقة بسبب خطر التمدد الإيراني وكذلك التواطيء الأمريكي وغير ذلك ...*
أضف إلى ذلك عوامل داخلية كان لها الأثر البالغ في الضغط على الاقتصاد السعودي والتي سأذكرها هنا بموضوعية وشفافية :*
الطفرة النفطية السابقة التي مرت بها المملكة ؛ والصرف السخي جدا على مشاريع تنموية ضخمة شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة* أوجد للأسف*حالة من عدم الانضباط في ترشيد النفقات بسبب قوة الضخ المالي لتلك المشروعات من قبل الدولة ، حتى أن بعض المشاريع* تعثرت رغم ذلك التمويل السخي.*
كما ان تلك العوائد المالية ولدت وللأسف أيضا ثقافة سلبية بعدم الانضباط المالي لدى بعض* المؤسسات الحكومية ، بالإضافة لاحتكار وسيطرة* بعض الشركات العملاقة كسعودي اوجيه وبن لادن على المشاريع الضخمة بسبب ندرة الشركات الكبيرة المتخصصة والذي أدى في النهاية إلى تعثر في المشاريع وتأخر في التسليم إضافة لتجاهل توطين الوظائف وغير ذلك.*
ماسبق يمثل جزء من الهدر المالي الكبير والواضح الذي أوجد حالة من عدم الكفاءة في الإنفاق الحكومي .
لذلك ، ولمواجهة كل تلك التحديات ، وللتكيف مع المتغيرات القادمة ، *وما سينشأ عنها من آثار ، بالإضافة إلى عزم الدولة وإصرارها الواضح على النهوض بالاقتصاد الوطني وفق أسس صحيحة والتي ستنعكس بإذن الله على رفاه المواطن وتوليد العديد من الوظائف ورفع الكفاءة في كافة المجالات . في إطار كل ذلك ، أعلنت*السعودية*ملامح خطة عريضة للإصلاح الاقتصادي والتنمية تحت عنوان "رؤيا السعودية 2030"*للنهوض باقتصاد المملكة وتحريرها من الاعتماد على النفط ، تسبقها خطة للتحول الوطني 2020 .
تتمثل هذه الرؤيا في عدة محاور من أبرزها انشاء صندوق استثمارات سيادي يعد الأضخم على مستوى العالم ، وتقليل الاعتماد على النفط ،* وجلب الاستثمارات ، وتوطين الوظائف،* وإعادة هيكلة قطاع الإسكان ، والنهوض بالقطاع الخاص ، ورفع كفاءة الإنتاج ، وترشيد الإنفاق ، ومكافحة الفساد ، وغير ذلك الكثير من البرامج والخدمات.*
وكان من ضمن عمليات الإصلاح الاقتصادي تلك القرارات الملكية الأخيرة المعززة لرؤية المملكة 2030* والتي جاءت لتنظيم الإنفاق الحكومي ورفع كفاءة الأداء ، والمشاركة من المواطن في البناء الاقتصادي الصحيح ، والذي تجلى* واضحا من خلال تقبل المواطن والموظف ورجل الأعمال لتلك القرارات واستشعارهم لمسؤوليتهم تجاه بلدهم . واشارت ردود الفعل الأولية إلى استعداد المواطن للتكيف مع هذه الظروف .
*وباستعراض سريع لمواقع التواصل الإجتماعي ( والتي تعد أحيانا ضمن أدوات قياس مدى الرضا ) نجد الآلاف*من الأراء المؤيدة للقرارات التي صدرت ، وفي الغالب حملت تلك الأراء بين طياتها ضرورة الالتزام والتقيد بهذه القرارات دعماً لاقتصاد الوطن .
وأيضا الوعي لدى المواطن السعودي ساهم في إدراكه بأن هذه القرارات توفر سيولة في الموارد المالية ستدعم الإنفاق في مجالات أكثر ضرورة كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الضرورية التي ينبغي أن تكون لها الأولوية*.
هذا التلاحم الكبير بين القيادة والمواطن ( رغم ماتعرض له من إجراءات خفضت من قدرته المالية ) هو أيضا من أبرز مقومات نجاح الاقتصاد الوطني بإذن الله ، وفق رؤيا عالمية لاقت ترحيبا داخليا وعالميا منذ انطلاقها .
بقلم / نايف بن سعيد العطوي