في الحقيقة نحن مجتمع لم نعرف الحياة المدنية بالتدرج بل قفزنا من حياة الفقر و الرعي إلى حياة المدنية بلا مقدمات حيث أن التدرج الطبيعي هو رعي ثم زراعة ثم تتطور المدن حول أماكن الزراعة و هذا هو السبب أن أغلب الحضارات في المنطقة كانت حول أنهارها أما نحن فبنينا مدننا حول العدم. تجد أننا كلما تعمقنا في الحياة المدنية بدأ النزاع النفسي لدينا في الإزدياد و هذا شيء طبيعي لأن العائلة تحث الطفل منذ صغره ليتحلى بأخلاق قبيلته و عاداتها و تغذي فيه أن من لا ينصر جماعته لا خير فيه و يذكرون له مناقب أجداده التي بطبيعة الحال لا يصدقها إلا هم و يحذروه من أنه إذا افترق عن قبيلته سيصبح مذموماً ملوماً فينشأ الطفل على سيرة أجداده البدو العظام ممن دحروا من حولهم من القبائل الأخرى دحراً.
عندما يكبر الطفل و يخرج من قوقعة أهله و يحتك مع الاخرين يجد مبادىء اخرى في المجتمع تكاد تكون النقيض فهي تدعو إلى الفردية، و هي أميز خصلة في سكان المدن، و تحذر من الإنجراف وراء رغبات الاخرين و أن حياتك مُلك لك و لا دخل لغيرك بها و نتيجة لهذا الصراع اليومي ينتج لنا ما يسمى الرجل الحدي (Marginal Man) و هو كما يقول الأستاذ بارك من كان قدره أن يعيش بين فئتين متضادتين و في حالتنا هي البداوة و الحضارة. أبرز سمات هذا الإنسان اللامبالاة لأنه لم يجد له طريقاً واضحاً فلا هو البدوي الذي يعيش في الصحراء و لا هو المتمدن الذي يعيش بطباع و أفكار أهل المدن و ليتجنب هذا الضغط اليومي المستمر يرمي كل شيء وراء ظهره و لا يعد يكترث و مع الوقت تصبح صفة ملازمة له و يتأثر بها من حوله و ينشأ أولاده على ذلك و هكذا تستمر السلسلة بلا انقطاع. قد ينتج عن ظاهرة الرجل الحدي شخصيات عبقرية مثل ابن خلدون كما يقول أغلب المفكرون العرب و الغربيون و لكن يبقى الجانب السلبي هو الأبرز.
ألا تظنون أن هذه الظاهرة هي السر وراء اللامبالاة التي يتصرف بها شبابنا فتجد أحدهم يتدلى من سيارة تسير بسرعة هائلة أو يجعل السيارة تسير على عجلتين و أحدهم يلمس الشارع بيده غير مبال باحتمالية انقلاب السيارة عليه فتسحقه بل و تجد أن معدلات الوفيات بسبب حوادث السيارات لدينا أعلى من قارة أمريكا الشمالية بسبب تهور الشباب و إهمالهم لأبسط وسائل السلامة و لا مبالاتهم بالقوانين و المخاطر !!!
أعتقد، و قد أكون مخطئاً، أن هذه اللامبالاة قد تختفي بعد جيلين و ذلك عندما نتعمق في الحياة المدنية جيداً أو على الأقل تقل اللامبالاة و تصبح مستهجنة من المجتمع. قد يقول أحدهم انظر إلى العراق و الشام الذين سبقونا للمدنية و تدرجوا فيها و لا زال للقبيلة و شيوخها كلمة و تأثيراً و لكن حقيقةً هذا الشيء لا يوجد إلا في القرى و المدن الصغيرة أما في المدن الكبيرة فالشيوخ نسوا القبليّة و عاشوا كأهلها فلا هَمَّ لهم إلا تلبية رغباتهم و نزعاتهم الفردية.
قيل في الماضي لا تربوا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم و هذا صواب و لكن ليس على الإطلاق فينبغي أن نربي أبنائنا على ما قد يواجهوه هم لا ما واجهه أجدادهم قبل مئات السنين و أن نربي جيلاً يتصرف مثل سكان المدن لا كشخص يعيش وسط المدينة و هو ينتظر غزوة من قبيلة أخرى أو ينتظر شاعراً يقول فيه بيت قصيد تتناقله الأعراب من حوله، بالواتساب طبعاً. احذر عزيزي القارىء أن تنشىء ابنك على فكرة العيش في غير زمنه فالماضي جميل لأنه لا يعود و لو عاد لكرهناه، لا؟!!
عندما يكبر الطفل و يخرج من قوقعة أهله و يحتك مع الاخرين يجد مبادىء اخرى في المجتمع تكاد تكون النقيض فهي تدعو إلى الفردية، و هي أميز خصلة في سكان المدن، و تحذر من الإنجراف وراء رغبات الاخرين و أن حياتك مُلك لك و لا دخل لغيرك بها و نتيجة لهذا الصراع اليومي ينتج لنا ما يسمى الرجل الحدي (Marginal Man) و هو كما يقول الأستاذ بارك من كان قدره أن يعيش بين فئتين متضادتين و في حالتنا هي البداوة و الحضارة. أبرز سمات هذا الإنسان اللامبالاة لأنه لم يجد له طريقاً واضحاً فلا هو البدوي الذي يعيش في الصحراء و لا هو المتمدن الذي يعيش بطباع و أفكار أهل المدن و ليتجنب هذا الضغط اليومي المستمر يرمي كل شيء وراء ظهره و لا يعد يكترث و مع الوقت تصبح صفة ملازمة له و يتأثر بها من حوله و ينشأ أولاده على ذلك و هكذا تستمر السلسلة بلا انقطاع. قد ينتج عن ظاهرة الرجل الحدي شخصيات عبقرية مثل ابن خلدون كما يقول أغلب المفكرون العرب و الغربيون و لكن يبقى الجانب السلبي هو الأبرز.
ألا تظنون أن هذه الظاهرة هي السر وراء اللامبالاة التي يتصرف بها شبابنا فتجد أحدهم يتدلى من سيارة تسير بسرعة هائلة أو يجعل السيارة تسير على عجلتين و أحدهم يلمس الشارع بيده غير مبال باحتمالية انقلاب السيارة عليه فتسحقه بل و تجد أن معدلات الوفيات بسبب حوادث السيارات لدينا أعلى من قارة أمريكا الشمالية بسبب تهور الشباب و إهمالهم لأبسط وسائل السلامة و لا مبالاتهم بالقوانين و المخاطر !!!
أعتقد، و قد أكون مخطئاً، أن هذه اللامبالاة قد تختفي بعد جيلين و ذلك عندما نتعمق في الحياة المدنية جيداً أو على الأقل تقل اللامبالاة و تصبح مستهجنة من المجتمع. قد يقول أحدهم انظر إلى العراق و الشام الذين سبقونا للمدنية و تدرجوا فيها و لا زال للقبيلة و شيوخها كلمة و تأثيراً و لكن حقيقةً هذا الشيء لا يوجد إلا في القرى و المدن الصغيرة أما في المدن الكبيرة فالشيوخ نسوا القبليّة و عاشوا كأهلها فلا هَمَّ لهم إلا تلبية رغباتهم و نزعاتهم الفردية.
قيل في الماضي لا تربوا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم و هذا صواب و لكن ليس على الإطلاق فينبغي أن نربي أبنائنا على ما قد يواجهوه هم لا ما واجهه أجدادهم قبل مئات السنين و أن نربي جيلاً يتصرف مثل سكان المدن لا كشخص يعيش وسط المدينة و هو ينتظر غزوة من قبيلة أخرى أو ينتظر شاعراً يقول فيه بيت قصيد تتناقله الأعراب من حوله، بالواتساب طبعاً. احذر عزيزي القارىء أن تنشىء ابنك على فكرة العيش في غير زمنه فالماضي جميل لأنه لا يعود و لو عاد لكرهناه، لا؟!!