×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
فارس الغنامي

مجتمع ملائكي!
فارس الغنامي

بالتأكيد أن عنوان المقال موجه إلى القراء في محاولة لتبسيط الأخطاء المستنكرة تحت بند ''العيب'' وليس ''الحرام ''

‏ فلقد أصبح العيب والحرام في يومنا هذا شبيهين بكوب شاي مال لونه إلى الذهبي بسكب كمية من الحليب فتبدل الحال .

‏طرأ لي ذلك التشبيه حين كنت قبل أيام في أحد مجمعات الخبر الكبيرة، وبينما كنت أقلب هاتفي في المقهى الذي يعج بالمتسوقين سمعت أحد ''المستعيبين '' يقول لزوجته -وهو قريب من المقهى-: "هذا اللي ناقص نجلس مع ......................''.

‏طبعاً مقص الرقيب الذاتي يمنعني من كتابة الكلمة، وهي ليست هماً لي كي أكمل به مقالي؛ فخروجها من لسان ذلك المتسوق لا يمكّن تعديلها أو تشذيبها، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في من سمع الكلمة بذلك الصوت الفج، ونظرات تلك المنقبات مرتبكة من هول الكلمة .

‏وإكمالاً لمواقف العيب والحرام سننتقل إلى مواقف أكثر عجباً!

‏أحدهاحين كنت عائداً من المنطقة الشرقية في طريقي إلى تبوك، وبين ما أنا في المطار طلبت مني سيدة دفع عربة حقائبها، وفعلاً قمت بمـساعدتها، وهناك نظرات تحوم حولي من الأصدقاء والمسافرين وهمهمات تسربت إلى مسامعي '' جاب راسها ماهو سهل ''.
‏المواقف كثيرة والغرابة لا ينطفئ لها فتيل
‏، ذلك كان وأنا في عيادة الأسنان، وبينما أنتظر موعد ولوجي للعيادة إذ دخل فتى عشريني ملتحي باديه مليّا عليه إثار التشدد أثبت ذلك ما إن شاهد على عنق الممرض " آثار تقبيل'' لينهال عليه بالوعظ الديني في موقفٍ أدخل الممرض في مدار الحرج الشديد مما دعاه بأن يلتفت يمنة ويسرة للخروج من المأزق .
‏ودون أن نبتعد عن هذا الجو تذكرت حديثا وعبارات مبتورة أبجديتها طفت على سطح اجتماعنا المعتاد بأحد الاستراحات فقد قرر أحد الأصدقاء الزواج من ممرضة، وما إن أخبرنا بذلك إذ بـالحوار يدخل في منحى آخر، فمنهم من قال: '' كيف ترتبط بممرضة مبسطة مع الرجاجيل''، ومنهم من استشهد بكلام سمعه بأن '' الممرضات ''وصمة عار '' .
‏الحديث يطول وحلقات مسلسل '' عيب ويشق جيب '' ماتزال مستمرة لنستشهد بما يدعى بـباص نقل الحريم للأسواق، يضعنا في الصورة ليظهر لنا مسؤول عن رعيته متذمر من نقل أهله إلى الأسواق بنفسه بحجة ارتباطه مع أصدقائه، ونكتشف بالآخير أن السائق ''عاطل سعودي '' يعج باصه ''برائحة الفصفص والسجائر''، والحديث مع الراكبات بدون قيود .
‏اعلم جيداً أن الحلقات مستمرة ولن تنتهي من مسلسل '' عيب ويشق جيب ''
‏بعد أن اكتشف جارنا أن أحد أبنائه يميل إلى الأنوثة وذلك بشراء كريمات العناية بالبشرة من مصروفه، وبعد توبيخ في الجمعة الأسبوعية المخصصة للأقارب قال الابن: إن استخدام منظفات البشرة ليست حكراً على السيدات، وهناك مستحضرات مختصه بالرجال والأمر لا يجرح رجولتي بتاتاً ، وسط استنكار الجميع وسخريتهم .

‏الآن حان وقت سؤالي ألا وهو هل كل ماذكر آنفاً يعبر عن '' الأخلاق الرفيعة " '' الشعور بالتربية '' ، رغم انني متأكد بأن ما حدث في المطار رسالة شفافة مضمونها مساعدة الغير، وما تصرف به الرجل في المقهى يعبر عن القذف الصريح ورمي الآخرين بداعي الشرف، وما تصرف به الواعظ مع الممرض كان كمن زاد الفضيحة شهرةً أكثر ..
‏وماكان من الشاب الذي قرر الزواج من الممرضة مستمعاً لـآراء أصدقائه كان مثل الذي غير طريق سعادته من أجل الانصياع لرأي غيره دون تفكير وتروي لما ستؤل اليه نتائج الاختيار ، متناسياً أن كل المهن تجمع الأخلاق السلبية والإيجابية .

‏وننتهي بإبن جارنا الذي تم أُحراجة أمام أقربائه من قبل والده والذي صفع الكل برده وكلامه العقلاني؛ فهو لم يتشبه بالنساء، وانه بالفعل هناك رجال يستخدمون مستحضرات الترطيب وغيرها، ولكنه أصبح ضحية سمعة سيئة قابلها بثقة أكبر ..

‏ختام الحديث
‏أخلاقنا لا توصف بالعيب ، وتصرفاتنا ليست بمخجله بل المخجل أننا نرى الأشياء والمواقف من كلام الناس ونسمح لها أن تسير حياتنا حتى ولو تدخل ذلك في قراراتنا الشخصية ...
بواسطة : فارس الغنامي
 3  0