ليس من عادتي الجلوس عند عتبة البيت، وكنت أنكر على من يفعل ذلك ، لكني وجدت نفسي في ذات المكان دون أن أكترث لكل العيون التي ترقبني من قريب أو بعيد، وكأنّ عتبة البيت هي أجمل وأوسع مكان في هذا العالم، فمرّ بي أحد الأحباب، وقد رابه مجلسي فقال لي : ما لك ؟!. إنه السؤال الذي لا أحب سماعه، لأني سأكذب على كل من يطرحه، ولن أفتح صدري ليقرأ فصول الرواية، ولن أعدم كذبة تريح نفس صاحبي. فأنا أنتظر شخصا سيأتي بعد قليل ! هكذا قلت له ومضى وتركني حيث أنا.
في تلك الجلسة الاضطرارية ازددت يقينا أنّ الدنيا ليست للغلابا، ولو كانت الدنيا بعيرا، لكان حظ الغلابا منه " الذنب "، وهناك من يحسدهم على هذا النصيب ويقول لهم : كفاية دلع !
وفي يوم الجمع يستمتع الغلابا بالخطب والمواعظ، وفيها سلوة النفس عن مكاسب الدنيا التي تم حجبها عنهم بفعل فاعل مستفعل فعيل ، وأنّ الدنيا دار ممر، والحقيقة أنها كذلك، للبطران والغلبان، لكنها في نظر البطران " مقر " لذلك تجده يتمتع بكل تسهيلات وخدمات الاستقرار والاستمرار، ويبقى الغلبان في " الممر " ينتظر قيام الساعة، ليظفر بعطاء الله تعالى في الآخرة . فإيمان الغلابا بالآخرة يريح البطرانين ويجعلهم أكثر استمتاعا بالحياة الدنيا، وقد لا تعني لبعضهم الآخرة شيئا، فالتفكير في الحساب والعقاب يعتبرونه من منغصات العيش.
لم أتوقع أن تمنحني تلك العتبة كل هذا الكم من المواقف والمشاهد والتي جعلتني أتوارى فيما بعد خلف الجدار، وأني لست وحدي من يستحق أن يطرح عليه السؤال : مالك ؟!. وفي ذات المكان " العتبة " أستطيع أن أغمض عيني بكل سهولة بحيث لا أرى، لكني لا أستطيع أن أضع إصبعيّ في أذنيّ، فهناك صوت دخل حزنه إلى قلبي ، فنظرت إلي صاحبه وإذا هو يجمع القمامة ويغني بلحن حزين، فناديته، فأقبل نحوي يمشي الهوينا، وخشيت أن يطرح عليّ ذات السؤال : ما لك ؟. فجاء وصافحته، وأعطيته خمسة ريالات لعلها تكون ثمن وجبة فطور له، فأخذها ورفع يديه وهو يردد كلاما لا أفهمه، فنظرت إليه وإذا دموعه تسيل على خديه، فقلت في نفسي كم أنا بحاجة إلى دعاء كهذا، دعاء ممزوج بدموع، ولم يكن معي ساعة إذ غير بعض " الفكّة " فناولته إياها، لكنه رفض أن يأخذها، ومضى وهو يلوّح بيده أن وداعا، وكنت أرغب أن أسأله ذات السؤال الذي أفرّ منه : ما لك ؟
سألت نفسي وأنا على تلك الحال : من الذي يصنع الجمال في هذا العالم ؟. لا بدّ وأن أستحضر صورة عامل النظافة وأنا أبحث عن الجواب . ذلك الإنسان المغمور الذي لو خلا منه العالم لكان في أسوأ حال.
وفي هذا العالم يوجد العديد من التماثيل لصانعي الفساد والخراب والدمار والظلم والطغيان، لكنه يخلو من تمثال لمن يزيل عنه قذارته ليبدو جميلا .ولست من دعاة بناء التماثيل، لكني من دعاة حفظ حقوق الغلابا، فكل جمال في هذا العالم صنعه الغلابا بأجر بخس أو قد يكون بدون أجر في زمن العبودية. فنجد الغلابا وقد صنعوا آية من الجمال لتكون مقبرة " خمس نجوم " لأولئك البطرانين الذين خلّدوا ذكرهم على حساب دموع ودماء وآلآم الغلابا الذين لا نعرف أسماءهم، لكننا نعرف " الفرعون " وكل فرعون في هذا العالم.
في تلك الجلسة الاضطرارية ازددت يقينا أنّ الدنيا ليست للغلابا، ولو كانت الدنيا بعيرا، لكان حظ الغلابا منه " الذنب "، وهناك من يحسدهم على هذا النصيب ويقول لهم : كفاية دلع !
وفي يوم الجمع يستمتع الغلابا بالخطب والمواعظ، وفيها سلوة النفس عن مكاسب الدنيا التي تم حجبها عنهم بفعل فاعل مستفعل فعيل ، وأنّ الدنيا دار ممر، والحقيقة أنها كذلك، للبطران والغلبان، لكنها في نظر البطران " مقر " لذلك تجده يتمتع بكل تسهيلات وخدمات الاستقرار والاستمرار، ويبقى الغلبان في " الممر " ينتظر قيام الساعة، ليظفر بعطاء الله تعالى في الآخرة . فإيمان الغلابا بالآخرة يريح البطرانين ويجعلهم أكثر استمتاعا بالحياة الدنيا، وقد لا تعني لبعضهم الآخرة شيئا، فالتفكير في الحساب والعقاب يعتبرونه من منغصات العيش.
لم أتوقع أن تمنحني تلك العتبة كل هذا الكم من المواقف والمشاهد والتي جعلتني أتوارى فيما بعد خلف الجدار، وأني لست وحدي من يستحق أن يطرح عليه السؤال : مالك ؟!. وفي ذات المكان " العتبة " أستطيع أن أغمض عيني بكل سهولة بحيث لا أرى، لكني لا أستطيع أن أضع إصبعيّ في أذنيّ، فهناك صوت دخل حزنه إلى قلبي ، فنظرت إلي صاحبه وإذا هو يجمع القمامة ويغني بلحن حزين، فناديته، فأقبل نحوي يمشي الهوينا، وخشيت أن يطرح عليّ ذات السؤال : ما لك ؟. فجاء وصافحته، وأعطيته خمسة ريالات لعلها تكون ثمن وجبة فطور له، فأخذها ورفع يديه وهو يردد كلاما لا أفهمه، فنظرت إليه وإذا دموعه تسيل على خديه، فقلت في نفسي كم أنا بحاجة إلى دعاء كهذا، دعاء ممزوج بدموع، ولم يكن معي ساعة إذ غير بعض " الفكّة " فناولته إياها، لكنه رفض أن يأخذها، ومضى وهو يلوّح بيده أن وداعا، وكنت أرغب أن أسأله ذات السؤال الذي أفرّ منه : ما لك ؟
سألت نفسي وأنا على تلك الحال : من الذي يصنع الجمال في هذا العالم ؟. لا بدّ وأن أستحضر صورة عامل النظافة وأنا أبحث عن الجواب . ذلك الإنسان المغمور الذي لو خلا منه العالم لكان في أسوأ حال.
وفي هذا العالم يوجد العديد من التماثيل لصانعي الفساد والخراب والدمار والظلم والطغيان، لكنه يخلو من تمثال لمن يزيل عنه قذارته ليبدو جميلا .ولست من دعاة بناء التماثيل، لكني من دعاة حفظ حقوق الغلابا، فكل جمال في هذا العالم صنعه الغلابا بأجر بخس أو قد يكون بدون أجر في زمن العبودية. فنجد الغلابا وقد صنعوا آية من الجمال لتكون مقبرة " خمس نجوم " لأولئك البطرانين الذين خلّدوا ذكرهم على حساب دموع ودماء وآلآم الغلابا الذين لا نعرف أسماءهم، لكننا نعرف " الفرعون " وكل فرعون في هذا العالم.