×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عوده الحويطي

ذكريات المستقبل
عوده الحويطي

ولد في الصحراء تحت (بيت الشعر) ورعى الغنم وهو طفل بعمر الخمس سنوات، لم يدخل المدرسة حتى بلغ الثمان من عمره، بدأ رحلة العلم، كانت المدرسة تبعد عن مضارب أهله في الصحراء حوالي الثلاثين كيلاً، وفي نهاية الأسبوع يسير على قدميه تلك المسافة ليصل إليهم ويقضي يومي الإجازة معهم، ومن ثم يعود قاطعاً تلك المسافة على قدميه عائداً إلى المدرسة، كان طفلاً صغيراً خائفاً يترقب، ولكن ذلك الطفل الصغير لم يستسلم لظروف حياته الصعبة، تحدى المصاعب، والفقر، وشظف العيش المرير، وأستمر في طريقه للنجاح، كان دائماً الأول على زملائه، بعد الثانوية حصل على بعثة لدراسة الطب في القاهرة، مدة دراسة الطب هي سبع سنوات، ولكن بعد مرور أربع سنوات من الإجتهاد والتميز أعتقل ظلماً لدواعي سياسية، بقي شهراً قيد الاعتقال، ثم أقتيد للترحيل، وتم وضعه على متن طائرة وأرسل لبلاده، عاد مكسوراً بعد عناء أربع سنوات، ولكنه مجاديفه لم تتحطم، ذهب لإكمال دراسة الطب في بغداد، فتخرج طبيباً، كان من الأوائل بين خريجي كلية الطب في بغداد، عرضت عليه الجامعة أن يعمل معيداً فيها، ولكن طموحه كان أعلى من ذلك، اتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أكمل دراسة الطب، كان يدرس ويعمل، كان يعمل في نهايات الأسبوع وأيام الإجازة ليرسل لوالديه مايجنيه، حصل على الزمالة والبورد الأمريكي، وتخصص في الحساسية والمناعة، وحصل على (القرين كارد) ، وجاءته عروض كثيرة، رفض كل العروض وأفتتح عيادته الخاصة في ولاية تكساس، وعمل مشرفاً على عيادات الحساسية في جامعات أمريكا، كان أول رئيس للجنة الأولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأكاديميين الأمريكيين للحساسية والربو والمناعة، وهي أول مرة تمنح هذا المركز لطبيب من خارج امريكا، عاش ردحاً من الزمن هناك، ثم عاد إلى الوطن، عمل في مستشفى الملك فيصل التخصصي، هو مؤسس أختصاص الحساسية والمناعة في السعودية، وهو أول طبيب سعودي مختص في هذا المجال، أصبح فيما بعد مديراً للمركز الوطني للحساسية والربو والمناعة.

هذه القصة ليست من وحي الخيال، أو تأليف مؤلف، هي قصة حقيقة مختصرة من حياة الدكتور: حرب الهرفي البلوي، وهذا فقط جزء يسير جداً من حياة النضال والمثابرة والتجربة العصامية التي سردها في كتابه: "ذكريات المستقبل" (طبيب من قلب البادية) الذي جاء ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2016م.

والحقيقة، أن قصة هذا الرجل العصامي تستحق أن تُقرأ وتُدرس لما فيها من كفاح، ومثابرة، قصة لشخص واحد عاش حيوات متنوعة، قصة ممتعة، ومشوقة، وملهمة، لا يستطيع من قراءها إلا ويتأثر بها.

(ذكريات المستقبل)، كتاب يدعوك للقراءة، والتنقل بين محطات حياة الدكتور/ حرب الهرفي البلوي، المليئة بالكفاح والنجاح، فتارة تفرح معه، واخرى تبكي، وثالثة تندهش لتجاربه في الحياة، وقد علق الدكتور عبدالله الغذامي على الغلاف الأخير للكتاب بقوله: "الكتاب التهمني مع كل نظرة ألقيتها عليه، ولم يتركني أمشي بترتيب مع الصفحات، بل أصبحت أقفز مثل عصفور حط في حديقة غناء وأخذ يتقافز بين الشجر..."
بواسطة : عوده الحويطي
 2  0