لفت نظري في أحد شوارع العاصمة الرياض رجل متقاعد بلغ الستين من العمر شاهدته يمارس رياضة المشي ويمتطي على ظهره كيساً للنفايات، فتوقفت لأسأله عن مكان ما، فأرشدني إلى مقصدي، غير أني بادرته بالسؤال عن ما يحمله فوق ظهره، فأجاب بقوله "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، فلم يقف عمره المديد حائلاً بينه وبين عمل الخير؛ فأراد أن يجمع بين نفعه لنفسه بممارسة الرياضة، والعمل لغيره بإزالة القاذورات عن الطريق في الوقت نفسه.
عندها بدأت أتساءل عن هذه الهمم العالية التي لا يخلو منها المجتمع في كل زمان ومكان، لكنها طاقات معطلة تستدعي حالة الاستنفار للبحث عنها لدى شباب الوطن "فئة متوسطي العمر" الذين يشكلون الفئة العظمى من التركيبة السكانية، والتي لم تستثمر بالشكل المأمول في النفع العام رغم ما تمتلكه هذه الفئة من جهود في كافة المستويات "المعرفية والمهارية والوجدانية".
من هؤلاء من يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه، فيلتحق بأحد الأندية الرياضية، أو يشارك في مراكز الأحياء، ليستفيد صحة في جسمه، أو يكتسب مهارة يدوية تنفعه في مستقبل حياته، وهم أعضاء فاعلة في المجتمع استطاعوا استغلال أوقات فراغهم للعمل بالمفيد لنفع ذواتهم وصلاح شؤونهم.
إلا أن هناك فئة أخرى بحاجة إلى التفاته، تجدهم في المقاهي والاستراحات ،وعلى جنبات الطرق يسرحون ويمرحون، وقد يمارسون أنواعاً شتى من المغامرات "التفحيط أو المسابقات" أو يسببون الأذى لمرتادي الطريق؛ فتكثر البلاغات- ما يشغل السلطات الأمنية في تعقبهم والبحث عنهم، وقد يكونون فريسة سهلة لـ"مرضى الشهوات" لاستغلالهم وإغوائهم بقضايا أخلاقية متعددة" كالمعاكسات والتحرش" أو إغرائهم بالمال من قبل "مرضى العقول" لإفسادهم بتعاطي المسكرات والمخدرات وترويجها فيما بينهم، أو إفساد أفكارهم من قبل "مرضى الشبهات" فينساقون كالقطيع في عمليات" التكفير والتفجير" ما يستدعي تظافر الجهود للبحث عن حلول لتلك القضايا والمشكلات.
هذه الفئة من الشباب الأغرار تتسم بالبساطة، سهلة الانقياد، تتأثر بالأقوى، لكنها تمتلك الموهبة الشخصية، والقدرة البدنية، والطاقة الفاعلة، وتحتاج إلى مد يد العون بالتقريب لا بالترهيب، وباللطف لا بالعنف، على اعتبار أنها قد تكون أداة "هدم" إن هي تركت لمصيرها تتلقفها الأيادي الآثمة لتلقي بها إلى المجهول، أو أداة " بناء" إن وجدت من يملأ أوقاتها بالمفيد، ويأخذ بيدها إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، وقد وصف أبو العتاهية حال هؤلاء بقوله :
إن الشباب والفراغ والجدة......................مفسدة للمرء أي مفسدة.
وعلى غرار الجمعيات الخيرية وما تقوم به من مناشط متعددة بتقديم العون للمحتاجين، فلدينا لجان عديدة "أصدقاء المرضى، أصدقاء البيئة، أصدقاء الهلال الأحمر، وغيرها الكثير من اللجان والصداقات، لكنها جهود مبعثرة، وأعمالها فردية ذاتية وغير منظمة، وتفتقر للعمل المؤسسي الذي يجمع شتات هذه اللجان في منظومة واحدة.
وعلى الرغم من أن بعض الجامعات قد اعتمدت مقرر" الخدمة التطوعية" ضمن مقرراتها الدراسية، إلا أن هذا المقرر يظل حصراً على طلابها، ولم يصل للمستوى المأمول، كما أن وجود بعض الموضوعات المدرجة في مقررات "التربية الوطنية والاجتماعية" بالتعليم العام، هي مفاهيم نظرية بعيدة عن التطبيق في الواقع الميداني، ويظل تعميم فكرة ثقافة العمل التطوعي الذي يعتمد على العمل الحركي في المجتمع هو ما قصدته، وهو ما نفتقده في حياتنا المجتمعية بشكل عام.
إن توحيد الجهود والاندماج بين هذه اللجان في مؤسسة واحدة تحت مسمى" إدارة العمل التطوعي" تشرف عليها أمارات المناطق ومحافظاتها، وتوسيع نطاق العمل لهذه اللجان لتكون من ضمن مهامها استقطاب هؤلاء الفئة من الشباب وتدريبهم على مهارات العمل التطوعي في مسارات متعددة " نظافة البيئة، الاسعافات الأولية، زيارة المرضى، تقديم العون للمحتاجين وكبار السن" وغيرها من الأعمال التطوعية التي تكشف عنها ورش العمل ويتبلور عنها أفكار أخرى يتم تبنيها من هؤلاء الشباب هو الحل الأمثل الذي سوف ينشأ عنه امتلاك هذه الفئة للمهارات التطوعية بحيث تنمو معها بشكل تراكمي على مستوى الأسرة والمجتمع، لتكون حلقة ضمن سلسلة من الحلقات التي يتشكل معها ثقافة العمل التطوعي للفرد والمجتمع في المستقبل إن شاء الله.
عندها بدأت أتساءل عن هذه الهمم العالية التي لا يخلو منها المجتمع في كل زمان ومكان، لكنها طاقات معطلة تستدعي حالة الاستنفار للبحث عنها لدى شباب الوطن "فئة متوسطي العمر" الذين يشكلون الفئة العظمى من التركيبة السكانية، والتي لم تستثمر بالشكل المأمول في النفع العام رغم ما تمتلكه هذه الفئة من جهود في كافة المستويات "المعرفية والمهارية والوجدانية".
من هؤلاء من يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه، فيلتحق بأحد الأندية الرياضية، أو يشارك في مراكز الأحياء، ليستفيد صحة في جسمه، أو يكتسب مهارة يدوية تنفعه في مستقبل حياته، وهم أعضاء فاعلة في المجتمع استطاعوا استغلال أوقات فراغهم للعمل بالمفيد لنفع ذواتهم وصلاح شؤونهم.
إلا أن هناك فئة أخرى بحاجة إلى التفاته، تجدهم في المقاهي والاستراحات ،وعلى جنبات الطرق يسرحون ويمرحون، وقد يمارسون أنواعاً شتى من المغامرات "التفحيط أو المسابقات" أو يسببون الأذى لمرتادي الطريق؛ فتكثر البلاغات- ما يشغل السلطات الأمنية في تعقبهم والبحث عنهم، وقد يكونون فريسة سهلة لـ"مرضى الشهوات" لاستغلالهم وإغوائهم بقضايا أخلاقية متعددة" كالمعاكسات والتحرش" أو إغرائهم بالمال من قبل "مرضى العقول" لإفسادهم بتعاطي المسكرات والمخدرات وترويجها فيما بينهم، أو إفساد أفكارهم من قبل "مرضى الشبهات" فينساقون كالقطيع في عمليات" التكفير والتفجير" ما يستدعي تظافر الجهود للبحث عن حلول لتلك القضايا والمشكلات.
هذه الفئة من الشباب الأغرار تتسم بالبساطة، سهلة الانقياد، تتأثر بالأقوى، لكنها تمتلك الموهبة الشخصية، والقدرة البدنية، والطاقة الفاعلة، وتحتاج إلى مد يد العون بالتقريب لا بالترهيب، وباللطف لا بالعنف، على اعتبار أنها قد تكون أداة "هدم" إن هي تركت لمصيرها تتلقفها الأيادي الآثمة لتلقي بها إلى المجهول، أو أداة " بناء" إن وجدت من يملأ أوقاتها بالمفيد، ويأخذ بيدها إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، وقد وصف أبو العتاهية حال هؤلاء بقوله :
إن الشباب والفراغ والجدة......................مفسدة للمرء أي مفسدة.
وعلى غرار الجمعيات الخيرية وما تقوم به من مناشط متعددة بتقديم العون للمحتاجين، فلدينا لجان عديدة "أصدقاء المرضى، أصدقاء البيئة، أصدقاء الهلال الأحمر، وغيرها الكثير من اللجان والصداقات، لكنها جهود مبعثرة، وأعمالها فردية ذاتية وغير منظمة، وتفتقر للعمل المؤسسي الذي يجمع شتات هذه اللجان في منظومة واحدة.
وعلى الرغم من أن بعض الجامعات قد اعتمدت مقرر" الخدمة التطوعية" ضمن مقرراتها الدراسية، إلا أن هذا المقرر يظل حصراً على طلابها، ولم يصل للمستوى المأمول، كما أن وجود بعض الموضوعات المدرجة في مقررات "التربية الوطنية والاجتماعية" بالتعليم العام، هي مفاهيم نظرية بعيدة عن التطبيق في الواقع الميداني، ويظل تعميم فكرة ثقافة العمل التطوعي الذي يعتمد على العمل الحركي في المجتمع هو ما قصدته، وهو ما نفتقده في حياتنا المجتمعية بشكل عام.
إن توحيد الجهود والاندماج بين هذه اللجان في مؤسسة واحدة تحت مسمى" إدارة العمل التطوعي" تشرف عليها أمارات المناطق ومحافظاتها، وتوسيع نطاق العمل لهذه اللجان لتكون من ضمن مهامها استقطاب هؤلاء الفئة من الشباب وتدريبهم على مهارات العمل التطوعي في مسارات متعددة " نظافة البيئة، الاسعافات الأولية، زيارة المرضى، تقديم العون للمحتاجين وكبار السن" وغيرها من الأعمال التطوعية التي تكشف عنها ورش العمل ويتبلور عنها أفكار أخرى يتم تبنيها من هؤلاء الشباب هو الحل الأمثل الذي سوف ينشأ عنه امتلاك هذه الفئة للمهارات التطوعية بحيث تنمو معها بشكل تراكمي على مستوى الأسرة والمجتمع، لتكون حلقة ضمن سلسلة من الحلقات التي يتشكل معها ثقافة العمل التطوعي للفرد والمجتمع في المستقبل إن شاء الله.