لم أعرف الكفتة إلا حين ارتبط رأسي برأس أم العيال . آه يا راسي !. سألت أم العيال وهي تقدّم لي - تلك اللّقم الجاهزة للبلع - عن أصل وفصل الكفتة وأخلاطها، فجاءتني برقية شجب واستنكار من المصران الأعور يعرب فيها عن أسفه لهذا المستوى من التفكير : دا وقت أسئلة ؟! يا أخي ابلع الكفتة أولا، وبعدين إسأل براحتك ! . ولأني شخص شبعان ليبرالية فإني لن أغضب من نقد " الأعور " ولن أضربه على عينه، فجميع مصاريني تتمتع بحرية الرأي، حتى وإن كان الكثير من تلك الآراء لا يحدث أثرا في بلاط . وحين فتحت أم العيال أرشيفها التاريخي بلعت واحدة من الكفتة، فأنستني لذتها التاريخ العربي كلّه، وأخذت أبلع الواحدة تلو الأخرى، وكان المصران الأعور يصرخ من الأسفل منتشيا : يعيش عصر الكفتة ! . لا بد وأنّ أجمل شيء في هذه الدنيا أن ترضي مصارينك وليس ضميرك . كم كنت أتمنى أن يقبل ضميري بإصبع " كفتة "، لكنه يأبى إلا " التأنيب "، حتى وأنا مستمتع بأكل الكفتة يؤنبني ويصرخ في أعماقي : دع لأم التاريخ " أم العيال " ولو حبّة . لقد أتيت على الصحن كلّه، وما زالت أم العيال مشغولة بسرد تاريخ الكفتة . وبينما كنت أقوم بعمليات التشطيب النهائية على صحن الكفتة، استوقفتني عبارة وردت في سياق كلام أم العيال، وأنّ الكفتة صناعة عربية من عهد " يعرب "، فتوقفت عن المضغ الأمر الذي أزعج " الأعور"، وكان رأيه أن لا أضيّع الوقت، وأن أساير أم التاريخ وآخذ بخاطرها، وأصفق لها وأقول : تسلم الأيادي . وبكل فخر صناعة عربية !. فالمهم في نظر " الأعور " أن نأكل " كفتة " حتى لو كانت الماكينة " إيطالية " . واللحمة استرالية، والبهارات هنديّة، والرز والزيت أسباني، ما عدا البقدونس " عربي " ومن يدري فقد يأتي أحد الباحثين بدراسة تؤكد أنّ المعكرونة اختراع عربي.
وحين فرغت من الوجبة أخذت أفكر في اختراع أم العيال . ومع أني شخص خبير في شؤون الطبخ وأتمتع بحاستي شم وذوق عالية الكفاءة، وكذلك بعد نظر . إلا أن أم العيال تفوّقت عليّ في مجال " الكفتة " ؛ لا بد وأن " الفتّة " التي أتقن صناعتها جيدا لا يمكن أن تقاس بسلاح " الكفتة " وهذا يدعوني للتفكير في سباق التّسلح مع أم العيال ، وعليه فلا بد من اختراع طبخة يكون سرها مثل سر الإهرامات ولا تستطيع حل شفرتها. وقد هداني تفكيري إلى طبخة لم تسمع بها أم العيال من قبل، أطلقت عليها اسم " خبيصة "، لكن الأولاد هداهم الله آثروا أن يقولوا عنها " فضيحة " والفضيحة ليست في الخبيصة، الفضيحة حين تكذب دول وتتبجّح باختراعات ومشاريع لا وجود لها، كان آخرها اختراع ما يسمى " جهاز الكفتة " الذي يحوّل الفيروسات إلى " كفتة " ! .. وكل اختراعات العرب نسمع بها ولا نراها. ومع ذلك نجد من يصفّق ويقول منتشيا : يعيش عصر الكفتة !
والسلام
وحين فرغت من الوجبة أخذت أفكر في اختراع أم العيال . ومع أني شخص خبير في شؤون الطبخ وأتمتع بحاستي شم وذوق عالية الكفاءة، وكذلك بعد نظر . إلا أن أم العيال تفوّقت عليّ في مجال " الكفتة " ؛ لا بد وأن " الفتّة " التي أتقن صناعتها جيدا لا يمكن أن تقاس بسلاح " الكفتة " وهذا يدعوني للتفكير في سباق التّسلح مع أم العيال ، وعليه فلا بد من اختراع طبخة يكون سرها مثل سر الإهرامات ولا تستطيع حل شفرتها. وقد هداني تفكيري إلى طبخة لم تسمع بها أم العيال من قبل، أطلقت عليها اسم " خبيصة "، لكن الأولاد هداهم الله آثروا أن يقولوا عنها " فضيحة " والفضيحة ليست في الخبيصة، الفضيحة حين تكذب دول وتتبجّح باختراعات ومشاريع لا وجود لها، كان آخرها اختراع ما يسمى " جهاز الكفتة " الذي يحوّل الفيروسات إلى " كفتة " ! .. وكل اختراعات العرب نسمع بها ولا نراها. ومع ذلك نجد من يصفّق ويقول منتشيا : يعيش عصر الكفتة !
والسلام