ما أكثر المقاطعون في عالمنا الكبير ، وبمختلف صلتهم وتنوع أجناسهم وكافة أشكالهم ، وبالرغم من انشغال الناس نجد أن كل منا مشغول مع نفسه أولا ثم مع أسرته أو أقربائه أو مجتمعه .. الخ ، إلا أن البعض منا قد لا يتذكر الآخر إلا عندما يكون بأمس الحاجة إليه خاصة وإن ضاقت به ضائقة مالية ، ولهذا لا تجده يسأل عنك أو يتواصل معك إلا في يوم الراتب! ، وكذلك الحال أيضا مع أكثر المتاجر والمحلات أصحاب العلامات والتوكيلات التجارية أو المحلية أو العالمية فلا نجد لهم أي حس أو وجود واضح ولا نسمع عنهم أي خبر إلا إن قرب أو حان موعد نزول الراتب أو بالأصح قبل قدومه بيوم أو يومين ، لنجدهم فجأة أنهم هم من يسألون عنا ويتواصلون معنا عبر مختلف وتنوع الوسائل كـ : الرسائل النصية أو المنشورات الورقية الإعلانية .. الخ ، فكلها تعتبر وسائل وصل وتواصل أدت غرضها وحاجتها من الإبلاغ والإشعار لنا بنزول بعض العروض والتخفيضات .. الخ من أعمال الدعاية والإعلان وما أبدعهم في ذلك ، وليتهم قد استمروا في سؤالهم ووصالهم وتواصلهم معنا لبقية الأيام أو حتى لبعض الأسابيع لا في يوم الراتب فقط ، لكنهم وفي الحقيقة لم ولن يتذكرونا أبدا الا في يوم الراتب! ، وكذا الحال أيضا مع بعض البنوك التي نتعامل معها بشكل مباشر ، وكونها البنوك المسئولة والمحتفظة برواتبنا ، فلا أن صبروا علينا ولا أن انتظروا حقوقهم من تحصيل أقساطهم لمقابل القروض التي قد قدموها مسبقا للغير أو للمنتفعين معهم لكي يستقطعونها في يوم استحقاقهم بحسب ما هو مبرم ومتفق عليه فيما بينهم وبين العميل لنجدهم مثلا : وقبل موعد أو يوم نزول الراتب يتسابقون بالاتصال على كافة العملاء وسؤالهم عن موعد نزول رواتبهم ، وكأنهم لا يعلمون به وبصفتهم بنوك العملاء وكونهم بل مازالوا يضمنون حقوقهم الشهرية من الأقساط المستحقة على العملاء ، ولكنهم لا يعلمون شيئا عن الأقلية منهم أصحاب الظروف الخاصة أو المتعففين عن السؤال وطلب الحاجة أو ممن لديهم بعض الظروف المالية كالديون الخارجية هنا وهناك ، فبدلا من تقديم يد العون والمساعدة عبر التواصل معهم وبالسؤال عنهم ، ليتم العكس .. وذلك بالاتصال على كافة العملاء وإزعاجهم بأكثر من مكالمة وفي أكثر من يوم خاصة وقبل يوم الراتب ، وكل هذا من أجل التأكيد عليهم بأن راتبهم قد قرب نزوله لديهم من أجل منفعتهم ، ويذهب يوم الراتب ليغيبوا ويختفوا عنهم ، وأيضا فهم لم ولن يتذكروا هؤلاء العملاء إلا في يوم الراتب! وفي الختام .. ما أجملك أيها الراتب وما أعظم شأنك وقدرك ، فإن حضرت أو نزلت جعلت لنا قيمة ومعنى ، ليسأل عنا ويتواصل معنا كل من هب ودب ، وإن غادرت عنا أو تلاشيت يوما بعد يوم جعلت من حالنا لا شيء أشبه بالنسيان .
سامي أبودش
كاتب مقالات.
https://www.facebook.com/sami.a.abodash
سامي أبودش
كاتب مقالات.
https://www.facebook.com/sami.a.abodash