تعمل إيران منذ عقود على اختيار شخصيّات محددة سبق أن تلقوا تعليمهم الديني والفكري على يد الملالي في طهران، وتبدأ بدعمهم إعلاميًا ليتحولوا إلى رموز داخل الأقليّات الشيعيّة في الدول العربيّة، وكان نمر النمر أحد أولئك الشخصيّات التي زرعتها إيران في منطقة القطيف شرقي السعودية بهدف زعزعة أمن الدولة واستخدامه كورقة تحريضيّة تحركها متى شاءت لتهييج الشارع الشيعي في المملكة.
النمر كان يتخذ من قم مرجعيّة دينيّة وفكريّة، وظل يتردد عليها باستمرار خلال العقود الماضية، ويتقاضى من الحكومة الإيرانيّة الأموال والأسلحة واستراتيجيّات التحرك الفوضوي الذي بدا واضحًا في خطبه التي كان يلقيها قبل اعتقاله عام 2012، وكانت تعتمد عليه طهران كثيرًا في بث عدائيّة الأقليّة الشيعيّة تجاه الحكومة السعوديّة، ولم تكن تلك التحركات مجهولة للدولة، ولكنها كانت تراقب ما يحدث بصمت إلى أن حانت لحظة الصفر ونفاذ الصبر.
عند إعلان وزارة الداخليّة قتل نمر النمر برفقة 46 إرهابياً معظمهم من الطائفة السنيّة، حاولت إيران تجيير الحدث وتصويره عن أن النمر يمثّل رأي كافّة الأقليّة الشيعيّة في المملكة، على الرغم من أن محافظة القطيف ذات الأغلبية الشيعيّة تزخر بالعديد من الأصوات الدينيّة المعتدلة والمنادية بضرورة التعايش السلمي بين كافّة الطوائف وفق مبدأ المواطنة، إلا أن طهران غيّبت تلك الأصوات التي لا تخدم أهدافها الفوضويّة، وسعت إلى أن تظهر للرأي العام النمر بوصفه زعيماً سياسياً معارضاً في الوقت الذي كان دوره مقتصراً على تحقيق أجندات خارجيّة تتنافى مع مبادئ المعارضة المعتدلة الوطنيّة الرامية إلى نيل الحقوق ورفع المظالم.
استراتيجيّة إيران في زرع الفوضى داخل المملكة واجهت مأزقاً جديداً بعد قتل النمر حيث لا وجود لشخصيّة تدين بالولاء للملالي شرقي المملكة، ولكن حكومة طهران التي اعتادت على تصدير الفتنة ستبدأ مجدداً بالبحث عن شخصيّة أخرى لخلافة النمر في المرحلة المقبلة، ما يفرض تحركات حكوميّة مبكّرة لوأد أي محاولة لتنصيب رمز مزعوم آخر يتلقى الأوامر من قم ويسعى إلى استغفال عوام الطائفة الشيعيّة بخطابات تحريضيّة لا تخدم المصالح الوطنيّة.
*● ياسر صالح البهيجان
ماجستير في النقد والنظرية
النمر كان يتخذ من قم مرجعيّة دينيّة وفكريّة، وظل يتردد عليها باستمرار خلال العقود الماضية، ويتقاضى من الحكومة الإيرانيّة الأموال والأسلحة واستراتيجيّات التحرك الفوضوي الذي بدا واضحًا في خطبه التي كان يلقيها قبل اعتقاله عام 2012، وكانت تعتمد عليه طهران كثيرًا في بث عدائيّة الأقليّة الشيعيّة تجاه الحكومة السعوديّة، ولم تكن تلك التحركات مجهولة للدولة، ولكنها كانت تراقب ما يحدث بصمت إلى أن حانت لحظة الصفر ونفاذ الصبر.
عند إعلان وزارة الداخليّة قتل نمر النمر برفقة 46 إرهابياً معظمهم من الطائفة السنيّة، حاولت إيران تجيير الحدث وتصويره عن أن النمر يمثّل رأي كافّة الأقليّة الشيعيّة في المملكة، على الرغم من أن محافظة القطيف ذات الأغلبية الشيعيّة تزخر بالعديد من الأصوات الدينيّة المعتدلة والمنادية بضرورة التعايش السلمي بين كافّة الطوائف وفق مبدأ المواطنة، إلا أن طهران غيّبت تلك الأصوات التي لا تخدم أهدافها الفوضويّة، وسعت إلى أن تظهر للرأي العام النمر بوصفه زعيماً سياسياً معارضاً في الوقت الذي كان دوره مقتصراً على تحقيق أجندات خارجيّة تتنافى مع مبادئ المعارضة المعتدلة الوطنيّة الرامية إلى نيل الحقوق ورفع المظالم.
استراتيجيّة إيران في زرع الفوضى داخل المملكة واجهت مأزقاً جديداً بعد قتل النمر حيث لا وجود لشخصيّة تدين بالولاء للملالي شرقي المملكة، ولكن حكومة طهران التي اعتادت على تصدير الفتنة ستبدأ مجدداً بالبحث عن شخصيّة أخرى لخلافة النمر في المرحلة المقبلة، ما يفرض تحركات حكوميّة مبكّرة لوأد أي محاولة لتنصيب رمز مزعوم آخر يتلقى الأوامر من قم ويسعى إلى استغفال عوام الطائفة الشيعيّة بخطابات تحريضيّة لا تخدم المصالح الوطنيّة.
*● ياسر صالح البهيجان
ماجستير في النقد والنظرية