ما أن بدأت حملات الدعاية لمرشحي المجالس البلدية إلا ونعيش معها عاصفة من الإعلانات لا تدع مدراً ولا وبراً إلا وتدخله، تطاردك أينما حللت, في الشوارع والطرقات ومواقع التواصل الاجتماعي وفي المطاعم أيضا! نعم, حتى المطاعم لم تسلم من هذه الانتفاضة الدعائية، وأصبح من الطبيعي جداً أن يُقدم لك "بروشور" دعائي لمرشح مع قائمة المأكولات! وما يلفت الانتباه أن النفوذ الإعلامي لبعض المرشحين ودعاياتهم تملأ الصحف الإلكترونية المحسوبة على المناطق، وهذا اللوبي الإعلامي الذي وجد بسبب نفوذ المرشح مادياً ليتربع على الصفحات الرئيسية للمواقع.
واليوم بات من الصعوبة بمكان أن تؤثر هذه الحملة الدعائية الواهمة على الآخرين بعد دورتين للمجالس البلدية؛ لأن المواطن أصبح لديه من الوعي ما يبعده عن التأثر بها إذا ما استثنينا من يعيش تحت وطأة التعصب القبلي, بل حتى تطبيق الواتس آب لم يتحمل زيف بعض المرشحين ونفاقهم مما اضطر شركة هذا التطبيق إلى حظر العديد من المرشحين بسبب الرسائل العشوائية الدعائية, والذين لا هم لهم سوى أن يتربع أحدهم بمجلسه أو يتكئ أمام 'مشب الشتاء' وينظر إلى جهازه الذكي وينشر أكبر عدد من الدعايات له, حتى أرقام الجالية العربية والآسيوية التي يحملها في هاتفه لم تسلم من رسائله العشوائية التي تحمل حروفاً منمقة, وكلمات مسطرة, وعبارات رنانة تغري البسطاء وتجعلهم يتمسكون بقارب القبيلة دون الالتفات إلى قدرات المرشح ومستواه الفكري والاجتماعي وطريقة تحاوره، حتى إن بعض المرشحين طبع على مناديل الكلينكس ''نحن ننقل صوتك بكل أمانة', فبعد الانتهاء من بوفيهات وصحون المندي تجد نفسك مجبراً على استعمال هذه المناديل المخصصة والمطبوعة خصيصاً باسم المرشح ورميها في سلة المهملات بعد استخدامها, وقبلها قد رمى البعض فكرة التصويت لهذا المرشح؛ فالناس اليوم تُفرق بين من يستطيع إيصال صوتها عمن يقبره، وكان الأجدر بأولئك المرشحين إقامة ندوات, والاستماع إلى الآراء, وتقبل نقاط الاختلاف والاتفاق, والتواصل مع الناس, والبحث عما يحقق مطالبهم.
إنني لا أنكر أهمية الإعلام في دوره, ولكن كثرة أساليب التملق والنفاق قد تجعل المرشح منبوذاً اجتماعياً، فالبعض منهم مجرد وجه مبتسم يغريك بتحقيق كل شيء وأي شيء, حتى وإن طلبت منه 'المساعدة ' يعدك وعداً في ظاهره الالتزام وبعد فوزه فإن أول ما يقوم به تغيير رقم جواله - ويبدو هذا هو التغيير الذي يستطيع فعله وأما غيره فلا -, وهنا نصل إلى مرحلة خطيرة في الأنانية والتنكر لأصوات ناخبيه، فالجميع أصبح عنده على مسافة واحدة ولم يظفروا منه بشيء حتى أبناء قبيلته ، إلا الذين كتب لهم أن يملؤوا البطون من وليمته اليتيمة أثناء الحملات الانتخابية, إنها لعبة التسويق التي أتقنها لكسب الأصوات التي حفظت رقم اتصاله.
أما الناخبون فأقول لهم: لا تستعجلوا بالاتصال بعد فوز من رشحتم؛ فقد تسمعون الرد الآلي يقول لكم: ( الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به).
إذن علينا أن ندرك أن صوتنا أمانة يجب أن نعطيه من يستحقه من بين قائمة المرشحين بعد تمحيص لسيرهم العملية وخبراتهم على أقل تقدير؛ للإسهام في الواجب الوطني لصنع القرار المشترك في تكوين المجلس البلدي بعيداً عن القبلية, لا أن نمنحه ''لزيد أو عبيد'' الذي يحلم بلبس 'بشت' فاخر يتباهى به لكي "يترزز" أمام الفلاشات ويصبح حديثاً بمحيطه, وربما هذا أقصى طموحات بعضهم .
بقلم الكاتب
فارس الغنامي
واليوم بات من الصعوبة بمكان أن تؤثر هذه الحملة الدعائية الواهمة على الآخرين بعد دورتين للمجالس البلدية؛ لأن المواطن أصبح لديه من الوعي ما يبعده عن التأثر بها إذا ما استثنينا من يعيش تحت وطأة التعصب القبلي, بل حتى تطبيق الواتس آب لم يتحمل زيف بعض المرشحين ونفاقهم مما اضطر شركة هذا التطبيق إلى حظر العديد من المرشحين بسبب الرسائل العشوائية الدعائية, والذين لا هم لهم سوى أن يتربع أحدهم بمجلسه أو يتكئ أمام 'مشب الشتاء' وينظر إلى جهازه الذكي وينشر أكبر عدد من الدعايات له, حتى أرقام الجالية العربية والآسيوية التي يحملها في هاتفه لم تسلم من رسائله العشوائية التي تحمل حروفاً منمقة, وكلمات مسطرة, وعبارات رنانة تغري البسطاء وتجعلهم يتمسكون بقارب القبيلة دون الالتفات إلى قدرات المرشح ومستواه الفكري والاجتماعي وطريقة تحاوره، حتى إن بعض المرشحين طبع على مناديل الكلينكس ''نحن ننقل صوتك بكل أمانة', فبعد الانتهاء من بوفيهات وصحون المندي تجد نفسك مجبراً على استعمال هذه المناديل المخصصة والمطبوعة خصيصاً باسم المرشح ورميها في سلة المهملات بعد استخدامها, وقبلها قد رمى البعض فكرة التصويت لهذا المرشح؛ فالناس اليوم تُفرق بين من يستطيع إيصال صوتها عمن يقبره، وكان الأجدر بأولئك المرشحين إقامة ندوات, والاستماع إلى الآراء, وتقبل نقاط الاختلاف والاتفاق, والتواصل مع الناس, والبحث عما يحقق مطالبهم.
إنني لا أنكر أهمية الإعلام في دوره, ولكن كثرة أساليب التملق والنفاق قد تجعل المرشح منبوذاً اجتماعياً، فالبعض منهم مجرد وجه مبتسم يغريك بتحقيق كل شيء وأي شيء, حتى وإن طلبت منه 'المساعدة ' يعدك وعداً في ظاهره الالتزام وبعد فوزه فإن أول ما يقوم به تغيير رقم جواله - ويبدو هذا هو التغيير الذي يستطيع فعله وأما غيره فلا -, وهنا نصل إلى مرحلة خطيرة في الأنانية والتنكر لأصوات ناخبيه، فالجميع أصبح عنده على مسافة واحدة ولم يظفروا منه بشيء حتى أبناء قبيلته ، إلا الذين كتب لهم أن يملؤوا البطون من وليمته اليتيمة أثناء الحملات الانتخابية, إنها لعبة التسويق التي أتقنها لكسب الأصوات التي حفظت رقم اتصاله.
أما الناخبون فأقول لهم: لا تستعجلوا بالاتصال بعد فوز من رشحتم؛ فقد تسمعون الرد الآلي يقول لكم: ( الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به).
إذن علينا أن ندرك أن صوتنا أمانة يجب أن نعطيه من يستحقه من بين قائمة المرشحين بعد تمحيص لسيرهم العملية وخبراتهم على أقل تقدير؛ للإسهام في الواجب الوطني لصنع القرار المشترك في تكوين المجلس البلدي بعيداً عن القبلية, لا أن نمنحه ''لزيد أو عبيد'' الذي يحلم بلبس 'بشت' فاخر يتباهى به لكي "يترزز" أمام الفلاشات ويصبح حديثاً بمحيطه, وربما هذا أقصى طموحات بعضهم .
بقلم الكاتب
فارس الغنامي