إن قمة الرياض التاريخية خطوة هامة ، ذات طابع استراتيجي ، قامت بها المملكة العربية السعودية عندما استضافت القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية .
إنّ أهمية هذه القمة نابعة من موقع وأهمية كل دولة من الدول المشاركة فيها على الخريطة السياسية والأقتصادية العالمية ، فهناك من الدول مجموعة العشرين الأقوى أقتصاديا في العالم.
إن تلاحم الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية هو جرس إنذار لدول الهيمنة العالمية مؤدّاه أنّ ثمة أبواب أخرى يمكن ولوجها لتحقيق مصالح دول القطبين ، بعيداً عن البوابة الاممية التي يبدو أنّ مفتاحها لازال تحت القبضة الأمريكية!!
إن التقارب المدوي القادم من أمريكا الجنوبية للتلاحم مع الدول العربية يعيد الروح لمواجهة السطوة الأمريكية التي تحاول الغاء الآخر، وتجريد الدول من استقلالية قراراتها .. بل ومن سيادتها الوطنيه!!
ويحفز الدول المشاركه في القمة على إسماع صوتها للمجتمع العالمي ، الذي كاد أن يصل إلى يأس من حدوث تغير حقيقي في لعبة الكراسي السياسية التي تديرها قوى الهيمنهةالعالمية!
ولعل الصدمة التي تلقتها دول الهيمنة .. هي أن تلك الخطوة قامت بها دول كانت _وحتى زمن قريب_ يسود الاعتقاد السائد اعتبار أمريكا الجنوبية الحديقة الخلفية لأمريكا، وخط أمان بالنسبة لراسمي السياسات في واشنطن.
وهذا يشير إلى أنّ ثمة خرائط سياسية جديدة ترتسم على أرض الواقع ، تعكسها قوى فاعلة على الساحة الدوليه، لا يمكن لأي قوة أن تضبط إيقاعها وحركتها وخطوطها الأستراتجية!
إن القمةالرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية ، وما صدر عنها من قرارات وخطوات متوقعة مستقبلا تشكل زلزالا سياسيا لمخططات دول الهيمنة وصدمة تسبب خللاً وصداعاً ، مما يضطر تلك الدول لاعادة النظر في حساباتها الخاطئة ، وما يترتب عليها من استهتار بالدول والشعوب والعبث في استقرارها والتهرب من استحقاقات حفظ السلام العالمي المناط بالمنظمة العالمية .
من هنا تكتسب هذه القمة بعدا آخر باعتبارها تمت خارج مباركة الولايات المتحدةالامريكيك واشرافها.
وأمام هذا النجاح السياسي الذي حققته المملكة العربية السعودية باستضافتها القمة الرابعة ، وفي هذا الوقت الصعب، فلابد من تبلور كيفية واجراءات يتم وفقها إيقاف الإضطرابات التي تعصف ببعض الدول العربية (العراق ـ سوريا ـ ليبيا ـ اليمن)
واستثمار هذا النجاح سياسيا بما يخدم قضايانا الأستراتجية ، ولا يجب أن نكتفي بالأشادة والترحيب بما قامت به دول أمريكا الجنوبية بل يجب تعزيز العلاقات الأقتصادية وزيادة التناغم السياسي معها ، من خلال أحداث المراكز الثقافية وزيادة التواصل العلمي والأكاديمي!
وهناك عامل آخر يجب أخذه في الحسبان والتركيز عليه وهو ردة فعل الدول المهيمنة على قرارات هذه القمة وما نتوقعه من خطوات.. آخذين بعين الإعتبار مالهذه الدول من نفوذ أعلامية وإقتصادية وامنية ، ومن المؤكد أن دول الهيمنة ستلجأ كعادتها إلى وضع قرارات القمة في دائرة الإستهداف بطرق ووسائل شتى لتفريقها من مضمونها، وسيستنفروا كل مافي وسعهم من أسلحة قذرة بهدف الإساءة إلى الدول المشاركةفي القمة . وهنا تبرز الحاجة إلى دعم التقارب العربي الأمريكي الجنوبي على كافة الأصعدة ، وفي كافة المحافل، لأن هذا سيشجع الكثير من الدول وخاصة الأفريقية على الإنضمام إلى هذا التجمع خارج نفوذ دول الهيمنة ، مما يساهم وبشكل فعال على تحجيم سيطرة هذه الدول على الرأي العام الدولي، ويضهرها على حقيقتها المعادية لسيادة واستقلالية دول العالم الثالث ورفاهية شعوبها!!
حيث يفترض أن تكون البشرية في تناغم تام.
وقد برر تشرشل دخول بريطانيا الحرب العالمية الثانية قائلا:
"اذا كان الخطر بعيدا فتش في نقاط الضعف واذا كان الخطر قريبا فابحث في نقاط القوة"
فهل يستفيد العرب ودول أمريكا الجنوبية من الدرس الأوروبي ويتصدرون للعبة" الدومينو " التي فشل الجانب الأمريكي بتنفيذها بقوته العسكرية ليتركها تتم بأيدي أبناء الدولة نفسها وتحت نظرها؟
لواء/متقاعد
عضو مجلس المنطقة