كان عنوان المقال كيف تصبح " حرامي " لكني عدلته في اللحظة الأخيرة لاعتبارات النشر
وبعدين :
ليس من عادتي قراءة " المعلقات " على أبواب المساجد . لكن هناك " معلقة " استهواني عنوانها العريض وارتعشت له فرائصي . عنوان يستهوي الطفران مثلي " كيف تصبح مليونير " . وبما أن الدعوة فيها فلوس لذلك توجهت نحو الباب، وشرعت أقرأ الصحيفة، فإذا هي تكبير وتهليل وحمد وتسبيح لله رب العالمين ، فعلمت أن الدعوة تخص الدار الآخرة . لكني أريد أن أصبح مليونيرا في الحياة الدنيا، أبرطع فيها كما يبرطع المبرطعون، فخرجت من بيت الله وأنا أفكر في الملايين وكيف السبيل إلى ( ملايين الدنيا )، فتذكرت أنني كنت في يوم من الأيام " حرامي " حرامي زغنون، وقد مارست " اللصوصية " مرتين في حياتي، أي أنني أكتب لكم بصفتي خبير في شؤون اللصوصية . والذي دعاني لتذكر تلك الصفحة السوداء، أن مخي " المتنك " إذا رأى كلمة مليون أو مليونير دائما ما يربطها بأيقونة " حرامي ". وهذا يعني أن مخي يحتاج إلى إعادة برمجة ، فليس كل مليونير " حرامي " .
كانت المرة الأولى التي مارست فيها مهنة اللصوصية حين غزوت أنا وصديقي على دجاج " أم رفعة " . وكانت الظروف مهيأة لإتمام العملية بنجاح . حيث الليلة الليلاء من ليالي الشتاء الباردة المطيرة ، الريح تعصف والرعد يقصف والعجوز "أم رفعة " تشخر في سابع نومة ( نوم الهنا يا أم رفعة ) ولم يوجد كلب حراسة يهرّ على اللصوص، فمددت يدي إلى الخم وانتشلت صوصا صغيرا ، فأدخل صاحبي رأسه وأخرج ديكا ضخما ووضع إصبعيه على مناخير الديك حتى لا يفضحنا ، فقلت له وقد أنبني ضميري : ألا يكفيك "صوص " فقال لي : إذا سرقت، فاسرق جملا ! ( قانون الحراميّة الكبار ) .
أخذت الصوص ووضعته في إحدى زوايا البيت وأغلقت عليه، ويبدو أني لم أحكمه، فقمت في الصباحية المباركة أتفقد حال الغنيمة، فما وجدت من الصوص غير الريش . حيث سطا عليه القط من ليلته ( حرامي يسطو على حرامي ) الحقيقة أن أم رفعة لم تفقد شيئا، فلديها فائض من الدجاج يغطي على كل السرقات، حتى ولو سرقناها كل ليلة .
العجيب أن صاحبي قد عيّرني بالصّوص ذات خلاف بيني وبينه ونسي أنه سرق " ديك " !. فشاع خبر " الصويص " بين الناس ولم يرد للديك ذكر، علما أني عيّرته بالدّيك . لكن خبر الصويص شاع قبل خبر الدويك فانشغل الناس بالصويص عن الدويك ( الدّيك ) .
كانت تلك الواقعة في عهد طفولتي، أما الواقعة الثانية فكانت حين أصبحت صاحب عيلة وعيال ، ذلك حين احتجت ذات يوم فلم يكن أمامي خيار سوى السطو على أم العيال ولم تكن حاضرة . وبينما كنت أفتش خزينها دخل أحد الأولاد على حين غفلة فنظر إليّ ثم انصرف، فأخذت حاجتي وذهبت أشتري عناصر طبخة " المقلوبة " الأقرب مودة إلى معدتي بعد أفول نجم " المجللة " .
نسيت أن أخبر أم العيال أن يدي استطالت وطالت من مالها الخاص مائة ريال ، والحرامي لا بد وأن يترك أثرا لجريمته . لقد علمت أم العيال من خلال معاينتها للموقع أن هناك شيئا غير طبيعي، فعدّت رأسمالها فوجدته منقوصا مائة ريال والشبهة ستحوم حول العيال وليس على " هامان " وحين قلبت " المقلوبة " ووضعتها على السفرة، طرحت سؤالها الذي أحدث لي غصة : أحد مد يده على الخزنة ؟ لكنها وجهت سؤالها إلى العيال، فبلعت لقمتي مطمئنا أنني خارج دائرة التهمة . ثم إنها كررت السؤال مرة أخرى فطأطأ أحد الأولاد رأسه خجلا ، ذلك الشاهد الذي رأى صنيعي في خزنة أمه فقام وترك الطعام ، فلبسته التهمة . وبما أن التهمة لصقت بغيري ولو كان بريئا فلا بد وأن آخذ راحتي وأتربع بجوار صحن " المقلوبة " فقلت لأم العيال : تسلم الأيادي . في حياتي لم أذق طعما ألذ وأشهى من هذه المقلوبة ! فردت : بالصحة والعافية . فقلت في نفسي : حتى الحرامية يدعى لهم بالصحة والعافية ! . ( مقلوبة بطعم الحرام ألذ وأشهى ) .
وحين تفرّق العيال قلت لأم العيال : أتدرين من سرق خزنتك ؟
فقالت: لابد وأنه فلان ! أرأيت كيف حين سألت طأطأ رأسه وقام عن الطعام
قلت : كلا ،إنه شخص آخر لكنه فوق العدالة والقانون أقصد عدالتك وقانونك ولن تستطيعي محاكمته
فقالت بغضب : ومن يكون ؟
فقلت : أنا !
فقالت : أنت ؟!. فضحكت وقالت : بالعافية ( هكذا يتم التعامل مع الحرامية الكبار ) ثم قالت : لكن كيف عرفت الرقم السري ؟ فقلت : وهل بقي هناك أسرار ؟! كله مكشوف ولم يبق من الأسرار غير " سر الحرامية في بير"
وبعد حين جاء الولد الشاهد على الموقعة وسأل أمه إن كانت قد كشفت عن الحرامي، فقالت له بلهجة المسلسلات التلفزيونية : أسكت يا واد ، ما فيش حرامي ، تلاقيهم راحو كدا ولا كدا بين الهدوم . وبذلك أسدل الستار على القضية .
كان الناس قديما يقولون : الفساد تقتله أشعة الشمس ! لذلك سطوت أنا وصاحبي على دجاج " أم رفعة " في عز الليل . وفي هذا العصر أصبح الفساد لديه مناعة ضد أشعة الشمس، لذلك قمت بسرقت أم العيال وضح النهار .
أذكر أن " أم رفعة " قالت لي وهي تعاتبني بعد أن وصل إلى مسامعها خبر " الصويص " وما جرى له : يا وليدي ! مال الحرام ما يدوم !. لكن في هذا الزمن مال الحرام يدوم والدليل " المقلوبة " التي قلبتها في بطني وأنا أغني " مقادير يا قلب العنا .. مقادييييير" .
وفي شأن متصل، يقال بأن رجلا وأمرأة هبطوا من كوكب أخر على أهل بلدة ولهفا مخططا يقدر بالملايين في الوقت الذي يبحث فيه المساكين في تلك البلدة عن مفحص قطاة سكنا لأولادهم، فجرت بهم الأقدار إلى خارج مخططات تلك البلدة حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات .
آآآه . لقد نسيت أن أجيب عن السؤال : كيف تصبح مليونيرا ؟ . الحقيقة لن أجيب لأني بالعربي " طفران " والحكي اليوم أصبح بفلوس . وكذلك الصمت أيضا بفلوس !
رحمك الله يا " أم رفعة " ..
وبعدين :
ليس من عادتي قراءة " المعلقات " على أبواب المساجد . لكن هناك " معلقة " استهواني عنوانها العريض وارتعشت له فرائصي . عنوان يستهوي الطفران مثلي " كيف تصبح مليونير " . وبما أن الدعوة فيها فلوس لذلك توجهت نحو الباب، وشرعت أقرأ الصحيفة، فإذا هي تكبير وتهليل وحمد وتسبيح لله رب العالمين ، فعلمت أن الدعوة تخص الدار الآخرة . لكني أريد أن أصبح مليونيرا في الحياة الدنيا، أبرطع فيها كما يبرطع المبرطعون، فخرجت من بيت الله وأنا أفكر في الملايين وكيف السبيل إلى ( ملايين الدنيا )، فتذكرت أنني كنت في يوم من الأيام " حرامي " حرامي زغنون، وقد مارست " اللصوصية " مرتين في حياتي، أي أنني أكتب لكم بصفتي خبير في شؤون اللصوصية . والذي دعاني لتذكر تلك الصفحة السوداء، أن مخي " المتنك " إذا رأى كلمة مليون أو مليونير دائما ما يربطها بأيقونة " حرامي ". وهذا يعني أن مخي يحتاج إلى إعادة برمجة ، فليس كل مليونير " حرامي " .
كانت المرة الأولى التي مارست فيها مهنة اللصوصية حين غزوت أنا وصديقي على دجاج " أم رفعة " . وكانت الظروف مهيأة لإتمام العملية بنجاح . حيث الليلة الليلاء من ليالي الشتاء الباردة المطيرة ، الريح تعصف والرعد يقصف والعجوز "أم رفعة " تشخر في سابع نومة ( نوم الهنا يا أم رفعة ) ولم يوجد كلب حراسة يهرّ على اللصوص، فمددت يدي إلى الخم وانتشلت صوصا صغيرا ، فأدخل صاحبي رأسه وأخرج ديكا ضخما ووضع إصبعيه على مناخير الديك حتى لا يفضحنا ، فقلت له وقد أنبني ضميري : ألا يكفيك "صوص " فقال لي : إذا سرقت، فاسرق جملا ! ( قانون الحراميّة الكبار ) .
أخذت الصوص ووضعته في إحدى زوايا البيت وأغلقت عليه، ويبدو أني لم أحكمه، فقمت في الصباحية المباركة أتفقد حال الغنيمة، فما وجدت من الصوص غير الريش . حيث سطا عليه القط من ليلته ( حرامي يسطو على حرامي ) الحقيقة أن أم رفعة لم تفقد شيئا، فلديها فائض من الدجاج يغطي على كل السرقات، حتى ولو سرقناها كل ليلة .
العجيب أن صاحبي قد عيّرني بالصّوص ذات خلاف بيني وبينه ونسي أنه سرق " ديك " !. فشاع خبر " الصويص " بين الناس ولم يرد للديك ذكر، علما أني عيّرته بالدّيك . لكن خبر الصويص شاع قبل خبر الدويك فانشغل الناس بالصويص عن الدويك ( الدّيك ) .
كانت تلك الواقعة في عهد طفولتي، أما الواقعة الثانية فكانت حين أصبحت صاحب عيلة وعيال ، ذلك حين احتجت ذات يوم فلم يكن أمامي خيار سوى السطو على أم العيال ولم تكن حاضرة . وبينما كنت أفتش خزينها دخل أحد الأولاد على حين غفلة فنظر إليّ ثم انصرف، فأخذت حاجتي وذهبت أشتري عناصر طبخة " المقلوبة " الأقرب مودة إلى معدتي بعد أفول نجم " المجللة " .
نسيت أن أخبر أم العيال أن يدي استطالت وطالت من مالها الخاص مائة ريال ، والحرامي لا بد وأن يترك أثرا لجريمته . لقد علمت أم العيال من خلال معاينتها للموقع أن هناك شيئا غير طبيعي، فعدّت رأسمالها فوجدته منقوصا مائة ريال والشبهة ستحوم حول العيال وليس على " هامان " وحين قلبت " المقلوبة " ووضعتها على السفرة، طرحت سؤالها الذي أحدث لي غصة : أحد مد يده على الخزنة ؟ لكنها وجهت سؤالها إلى العيال، فبلعت لقمتي مطمئنا أنني خارج دائرة التهمة . ثم إنها كررت السؤال مرة أخرى فطأطأ أحد الأولاد رأسه خجلا ، ذلك الشاهد الذي رأى صنيعي في خزنة أمه فقام وترك الطعام ، فلبسته التهمة . وبما أن التهمة لصقت بغيري ولو كان بريئا فلا بد وأن آخذ راحتي وأتربع بجوار صحن " المقلوبة " فقلت لأم العيال : تسلم الأيادي . في حياتي لم أذق طعما ألذ وأشهى من هذه المقلوبة ! فردت : بالصحة والعافية . فقلت في نفسي : حتى الحرامية يدعى لهم بالصحة والعافية ! . ( مقلوبة بطعم الحرام ألذ وأشهى ) .
وحين تفرّق العيال قلت لأم العيال : أتدرين من سرق خزنتك ؟
فقالت: لابد وأنه فلان ! أرأيت كيف حين سألت طأطأ رأسه وقام عن الطعام
قلت : كلا ،إنه شخص آخر لكنه فوق العدالة والقانون أقصد عدالتك وقانونك ولن تستطيعي محاكمته
فقالت بغضب : ومن يكون ؟
فقلت : أنا !
فقالت : أنت ؟!. فضحكت وقالت : بالعافية ( هكذا يتم التعامل مع الحرامية الكبار ) ثم قالت : لكن كيف عرفت الرقم السري ؟ فقلت : وهل بقي هناك أسرار ؟! كله مكشوف ولم يبق من الأسرار غير " سر الحرامية في بير"
وبعد حين جاء الولد الشاهد على الموقعة وسأل أمه إن كانت قد كشفت عن الحرامي، فقالت له بلهجة المسلسلات التلفزيونية : أسكت يا واد ، ما فيش حرامي ، تلاقيهم راحو كدا ولا كدا بين الهدوم . وبذلك أسدل الستار على القضية .
كان الناس قديما يقولون : الفساد تقتله أشعة الشمس ! لذلك سطوت أنا وصاحبي على دجاج " أم رفعة " في عز الليل . وفي هذا العصر أصبح الفساد لديه مناعة ضد أشعة الشمس، لذلك قمت بسرقت أم العيال وضح النهار .
أذكر أن " أم رفعة " قالت لي وهي تعاتبني بعد أن وصل إلى مسامعها خبر " الصويص " وما جرى له : يا وليدي ! مال الحرام ما يدوم !. لكن في هذا الزمن مال الحرام يدوم والدليل " المقلوبة " التي قلبتها في بطني وأنا أغني " مقادير يا قلب العنا .. مقادييييير" .
وفي شأن متصل، يقال بأن رجلا وأمرأة هبطوا من كوكب أخر على أهل بلدة ولهفا مخططا يقدر بالملايين في الوقت الذي يبحث فيه المساكين في تلك البلدة عن مفحص قطاة سكنا لأولادهم، فجرت بهم الأقدار إلى خارج مخططات تلك البلدة حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات .
آآآه . لقد نسيت أن أجيب عن السؤال : كيف تصبح مليونيرا ؟ . الحقيقة لن أجيب لأني بالعربي " طفران " والحكي اليوم أصبح بفلوس . وكذلك الصمت أيضا بفلوس !
رحمك الله يا " أم رفعة " ..