حسم وزير التعليم أمر موعد بدء الدراسة للعام الدراسي الجديد بعد جدل طويل وأخذ ورد في إمكانية تأجيلها إلى ما بعد موسم الحج, وقال الدخيل في تغريدة له حول هذا الموضوع, "التقيت مديري التعليم بالحد الجنوبي، واعتمدنا بداية العام الدراسي بموعده المحدد، باستخدام البدائل التعليمية، بما يحقق سلامة منسوبي التعليم", وأقول حُسم الأمر لأن من اتخذ القرار هو الرجل الذي يقود الوزارة المعنية بهذا الأمر.
ومع احترامي الشديد للقرار وصاحبه, وهو ما لا ينتفي معه مبدأ الأخذ والرد والمراجعة, لاسيما وأن الأمر متعلق بحياة الكثير من المواطنين في المناطق المتاخمة للحد الجنوبي, والتي تشهد وضعاً أمنياً لا يخفى على أحد, وليت الدكتور الدخيّل استفتى سكان هذه المناطق في أمر تمديد الإجازة إلى ما بعد حج هذا العام قبل اتخاذ هذا القرار, لأن إشراكهم في جميع الأحوال حق يمليه مبدأ الشورى الذي قامت عليه بلاد الحرمين الشريفين منذ عهد المؤسس وحتى الآن, وهو جزء من الحل, فطلب المشورة من أهل المنطقة في هذه الحالة تحديداً, سيسهم بلا شك في تقديم فهم شامل لحجم المشكلة, كونهم الأكثر إحساساً بها, أو بمعنى أدق, هم الفئة التي تعيش المشكلة بكافة تفاصيلها وبشكل يومي, وبالتالي فإنهم الأقدر على تشخيصها, وإيجاد الحلول المناسبة لها, كما أن العمل بمبدأ المشورة والمشاركة سيجعل المواطن أكثر تقبلاً للقرارات التي كان له دور في اتخاذها, وهو ما سيحقق الانسجام بينه وبين الدولة, حيث سيرى في عملية إشراكه إيماناً من الدولة بحقه كمواطن في التعبير عن رأيه, واهتماماً بأهمية دوره في مناقشة القضايا التي تمس حياته بشكل مباشر, وبالتالي تكون الحلول الناتجة عن هذا الانسجام , مبنية على قدرٍ عالٍ من الثقة المتبادلة بينه وبين الدولة, ومحققة لنسبة عالية من الرضا لدى المواطنين المعنيين بالمشكلة.
ولا شك أن الأمور ستكون عكس ذلك حينما يرى المواطن أن دوره محصور فقط في تلقي التوجيهات التي تمس حياته وتنفيذها دون أن يكون له دور في صناعتها أو إبداء الرأي حيالها, وهو أمر سُيضعف بطبيعة الحال مع مرور الأيام قيم الانتماء والمواطنة, وسيحدو بالكثيرين ممن يشعرون بعامل الحرمان النسبي, بعدم المشاركة الإيجابية في البرامج الاجتماعية والتنموية, وهو ما يُعرض المجتمع لحالة من الارتباك وعدم الاتزان.
عدم تمديد الإجازة هو إحدى الحالات التي يشهدها مجتمعنا والتي تُظهر أحادية اتخاذ القرار ومركزيته إن صح التعبير, وهو ما ينتج عنه في غالب الأحيان قصور, أو عدم ملائمة بعض القرارات المتخذة من قبل المسؤول أو السلطة المعنية, ويؤدي إلى تضرر المجتمع بشكل عام, لذلك فإن من الأهمية بمكان أن تكون مثل هذه الأمور خاضعة لمزيد من الدراسة والتروي, وعدم اعتمادها على المبررات التي تأتي وفق رؤى شخصية لا ترتكز على خلفية معرفية بحجم المشكلة وأبعادها, فالوزارة في اتخاذ قرار بدء الدراسة في موعدها المحدد ليس لها مبرر سوى أنها ستبدأ باستخدام البدائل التعليمية، بما يحقق سلامة منسوبي التعليم, وهي بدائل لا أعلم حتى الآن ماهيتها, وكيف ستحقق سلامة الطلاب والمعلمين, أما القرار غير المتخذ بتمديد الإجازة لما بعد موسم الحج فيمكن أن أضع له عدة مبررات, ولعل لدى غيري الكثير من المبررات, ممن هم على مقربة من المشكلة وأكثر إحساساً مني بمدى خطورتها, والمبررات هي:
1- الوضع خطر للغاية في المناطق المعنية بالقرار, وذلك من واقع ما تنقله وسائل الإعلام, وما ينقل إلينا من سكان المنطقة الذين يبدون قلقاً متزايداً من عمليات القصف العشوائي بقذائف الهاون, بشكل شبه يومي, لذلك فالأمر لا بد أن يخضع لتقييم شامل من قبل وزارة الدفاع, وقطاع حرس الحدود.
2- تقليص أيام الدراسة والتوأمة ليسا حلاً, فالخطر يمكن حدوثه في أي لحظة فكثافة الحركة المرورية أيام الدراسة تعد عاملاً محفزاً لمليشيات الحوثي, وقد تستغل هذه النقطة لاستهداف المدارس لخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في هذه المناطق, ولن يكلفها الأمر سوى قذيفة هاون يطلقها أحد أفراد هذه العصابة الإجرامية التي لا مبادئ ولا قيم تمنعها من استهداف المدنيين.
3- قرار بدء الدراسة في موعدها المحدد سيشق على قواتنا المرابطة على الحدود بما ستتخذه من إجراءات مكثفة احترازاً مما قد يقدم عليه الحوثيون استغلالاً لبدء العام الدراسي, لاسيما وأن المناطق على الشريط الحدودي وكذلك المناطق البعيدة نسبياً عنه ليست بمنأى عن خطر التهديد, لذلك فإن القرار غير المتخذ بتأجيل الدراسة أجدى من القرار المتخذ ببدئها.
4- موسم الحج يحتاج إلى جهود أمنية مكثفة, ومسألة التركيز على هذه النقطة مهمة للغاية, إذ ليس من الجيد تشتيت جهود مؤسسات الدولة الأمنية في هذه المرحلة بقرار بدء الدراسة في مثل هذا التوقيت.
5- فترة تمديد الإجازة لا تتجاوز (21يوماً), وبخلاف المخاوف المحتملة من بدء الدراسة في ظل الظروف الراهنة على الحد الجنوبي, لدينا موجة حر شديدة وعدم استقرار في حالة الطقس, ولن يكون الضرر في تقديري بحجم الفائدة المرجوة من تمديد الإجازة لما بعد موسم الحج, بل على العكس تماماً ففترة التمديد يمكن تعويضها بتأخير موعد الإجازة الصيفية القادمة إلى 30/8/1437هـ.
6- الأمور في اليمن تتجه إلى الانفراج والمقاومة تحقق تقدماً ممتازاً, ومن الممكن أن تستقر الأوضاع على الحد الجنوبي بهذا التقدم والسيطرة التي تحرزها فرق المقاومة والقوات الموالية للرئيس هادي, فلمَ لا ننتظر لعل الله أن يعجل بالنصر لأهل اليمن, وتستقر أوضاع مدننا على الحد الجنوبي.
هذه بعض المبررات التي أرى أنها تدعم القرار غير المتخذ بتمديد الإجازة لما بعد موسم الحج, وإن كانت الوزارة متحرجة من طول مدة الإجازة باتخاذه, فلتعلم أن كثيراً من الدول لديها إجازات توازي مدد الإجازات لدينا بل تتعداها إذا ما أخذنا في عين الاعتبار العطل الدينية والمناسبات التاريخية والوطنية ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال يبلغ عدد أيام الإجازات التي يحظى بها الطلاب والمعلمون مئة وتسعة أيام.
أما إيقاف الدراسة لظروف طارئة فهي تجربة ليست بغريبة علينا وقد حدثت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله, إبان الغزو العراقي للكويت واستمر لقرابة الأربعة أشهر, بدأت بعده الدراسة وكأن شيئاً لم يكن وسارت الأمور على خير ما يرام, وخلال السنوات الخمس الماضية حتى لا نبتعد كثيراً, شهدت عدة دول أوروبية موجة صقيع وبرد قارس أدت إلى توقفٍ تام في كافة مناحي الحياة وليس المدارس فحسب. فمما الحرج وما المانع من تمديد الإجازة يا وزير التعلوم..... وسامحونا.
من بشار بن برد لعزام الدخيَل:
إذا بَلَغَ الرأيُ المَشورَةَ فـاستَعِن بِرأي نَصيحٍ أو نَصيحَة حازِمِ
و لا تجعَلِ الشورى عَليكَ غَضاضَةً فإنَّ الخَـــوافي قـوَّةٌ للقَـوادِمِ
كاتب وإعلامي
Naif2010ksa@gmail.com
ومع احترامي الشديد للقرار وصاحبه, وهو ما لا ينتفي معه مبدأ الأخذ والرد والمراجعة, لاسيما وأن الأمر متعلق بحياة الكثير من المواطنين في المناطق المتاخمة للحد الجنوبي, والتي تشهد وضعاً أمنياً لا يخفى على أحد, وليت الدكتور الدخيّل استفتى سكان هذه المناطق في أمر تمديد الإجازة إلى ما بعد حج هذا العام قبل اتخاذ هذا القرار, لأن إشراكهم في جميع الأحوال حق يمليه مبدأ الشورى الذي قامت عليه بلاد الحرمين الشريفين منذ عهد المؤسس وحتى الآن, وهو جزء من الحل, فطلب المشورة من أهل المنطقة في هذه الحالة تحديداً, سيسهم بلا شك في تقديم فهم شامل لحجم المشكلة, كونهم الأكثر إحساساً بها, أو بمعنى أدق, هم الفئة التي تعيش المشكلة بكافة تفاصيلها وبشكل يومي, وبالتالي فإنهم الأقدر على تشخيصها, وإيجاد الحلول المناسبة لها, كما أن العمل بمبدأ المشورة والمشاركة سيجعل المواطن أكثر تقبلاً للقرارات التي كان له دور في اتخاذها, وهو ما سيحقق الانسجام بينه وبين الدولة, حيث سيرى في عملية إشراكه إيماناً من الدولة بحقه كمواطن في التعبير عن رأيه, واهتماماً بأهمية دوره في مناقشة القضايا التي تمس حياته بشكل مباشر, وبالتالي تكون الحلول الناتجة عن هذا الانسجام , مبنية على قدرٍ عالٍ من الثقة المتبادلة بينه وبين الدولة, ومحققة لنسبة عالية من الرضا لدى المواطنين المعنيين بالمشكلة.
ولا شك أن الأمور ستكون عكس ذلك حينما يرى المواطن أن دوره محصور فقط في تلقي التوجيهات التي تمس حياته وتنفيذها دون أن يكون له دور في صناعتها أو إبداء الرأي حيالها, وهو أمر سُيضعف بطبيعة الحال مع مرور الأيام قيم الانتماء والمواطنة, وسيحدو بالكثيرين ممن يشعرون بعامل الحرمان النسبي, بعدم المشاركة الإيجابية في البرامج الاجتماعية والتنموية, وهو ما يُعرض المجتمع لحالة من الارتباك وعدم الاتزان.
عدم تمديد الإجازة هو إحدى الحالات التي يشهدها مجتمعنا والتي تُظهر أحادية اتخاذ القرار ومركزيته إن صح التعبير, وهو ما ينتج عنه في غالب الأحيان قصور, أو عدم ملائمة بعض القرارات المتخذة من قبل المسؤول أو السلطة المعنية, ويؤدي إلى تضرر المجتمع بشكل عام, لذلك فإن من الأهمية بمكان أن تكون مثل هذه الأمور خاضعة لمزيد من الدراسة والتروي, وعدم اعتمادها على المبررات التي تأتي وفق رؤى شخصية لا ترتكز على خلفية معرفية بحجم المشكلة وأبعادها, فالوزارة في اتخاذ قرار بدء الدراسة في موعدها المحدد ليس لها مبرر سوى أنها ستبدأ باستخدام البدائل التعليمية، بما يحقق سلامة منسوبي التعليم, وهي بدائل لا أعلم حتى الآن ماهيتها, وكيف ستحقق سلامة الطلاب والمعلمين, أما القرار غير المتخذ بتمديد الإجازة لما بعد موسم الحج فيمكن أن أضع له عدة مبررات, ولعل لدى غيري الكثير من المبررات, ممن هم على مقربة من المشكلة وأكثر إحساساً مني بمدى خطورتها, والمبررات هي:
1- الوضع خطر للغاية في المناطق المعنية بالقرار, وذلك من واقع ما تنقله وسائل الإعلام, وما ينقل إلينا من سكان المنطقة الذين يبدون قلقاً متزايداً من عمليات القصف العشوائي بقذائف الهاون, بشكل شبه يومي, لذلك فالأمر لا بد أن يخضع لتقييم شامل من قبل وزارة الدفاع, وقطاع حرس الحدود.
2- تقليص أيام الدراسة والتوأمة ليسا حلاً, فالخطر يمكن حدوثه في أي لحظة فكثافة الحركة المرورية أيام الدراسة تعد عاملاً محفزاً لمليشيات الحوثي, وقد تستغل هذه النقطة لاستهداف المدارس لخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في هذه المناطق, ولن يكلفها الأمر سوى قذيفة هاون يطلقها أحد أفراد هذه العصابة الإجرامية التي لا مبادئ ولا قيم تمنعها من استهداف المدنيين.
3- قرار بدء الدراسة في موعدها المحدد سيشق على قواتنا المرابطة على الحدود بما ستتخذه من إجراءات مكثفة احترازاً مما قد يقدم عليه الحوثيون استغلالاً لبدء العام الدراسي, لاسيما وأن المناطق على الشريط الحدودي وكذلك المناطق البعيدة نسبياً عنه ليست بمنأى عن خطر التهديد, لذلك فإن القرار غير المتخذ بتأجيل الدراسة أجدى من القرار المتخذ ببدئها.
4- موسم الحج يحتاج إلى جهود أمنية مكثفة, ومسألة التركيز على هذه النقطة مهمة للغاية, إذ ليس من الجيد تشتيت جهود مؤسسات الدولة الأمنية في هذه المرحلة بقرار بدء الدراسة في مثل هذا التوقيت.
5- فترة تمديد الإجازة لا تتجاوز (21يوماً), وبخلاف المخاوف المحتملة من بدء الدراسة في ظل الظروف الراهنة على الحد الجنوبي, لدينا موجة حر شديدة وعدم استقرار في حالة الطقس, ولن يكون الضرر في تقديري بحجم الفائدة المرجوة من تمديد الإجازة لما بعد موسم الحج, بل على العكس تماماً ففترة التمديد يمكن تعويضها بتأخير موعد الإجازة الصيفية القادمة إلى 30/8/1437هـ.
6- الأمور في اليمن تتجه إلى الانفراج والمقاومة تحقق تقدماً ممتازاً, ومن الممكن أن تستقر الأوضاع على الحد الجنوبي بهذا التقدم والسيطرة التي تحرزها فرق المقاومة والقوات الموالية للرئيس هادي, فلمَ لا ننتظر لعل الله أن يعجل بالنصر لأهل اليمن, وتستقر أوضاع مدننا على الحد الجنوبي.
هذه بعض المبررات التي أرى أنها تدعم القرار غير المتخذ بتمديد الإجازة لما بعد موسم الحج, وإن كانت الوزارة متحرجة من طول مدة الإجازة باتخاذه, فلتعلم أن كثيراً من الدول لديها إجازات توازي مدد الإجازات لدينا بل تتعداها إذا ما أخذنا في عين الاعتبار العطل الدينية والمناسبات التاريخية والوطنية ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال يبلغ عدد أيام الإجازات التي يحظى بها الطلاب والمعلمون مئة وتسعة أيام.
أما إيقاف الدراسة لظروف طارئة فهي تجربة ليست بغريبة علينا وقد حدثت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله, إبان الغزو العراقي للكويت واستمر لقرابة الأربعة أشهر, بدأت بعده الدراسة وكأن شيئاً لم يكن وسارت الأمور على خير ما يرام, وخلال السنوات الخمس الماضية حتى لا نبتعد كثيراً, شهدت عدة دول أوروبية موجة صقيع وبرد قارس أدت إلى توقفٍ تام في كافة مناحي الحياة وليس المدارس فحسب. فمما الحرج وما المانع من تمديد الإجازة يا وزير التعلوم..... وسامحونا.
من بشار بن برد لعزام الدخيَل:
إذا بَلَغَ الرأيُ المَشورَةَ فـاستَعِن بِرأي نَصيحٍ أو نَصيحَة حازِمِ
و لا تجعَلِ الشورى عَليكَ غَضاضَةً فإنَّ الخَـــوافي قـوَّةٌ للقَـوادِمِ
كاتب وإعلامي
Naif2010ksa@gmail.com