في كتابها المعنون "في عصر الآلة الذكية"، توضح زوبوف بصورة درامية المعاني المتغيرة لسلطة الشركة والإدارة والزعامة برواية قصة قدوم الأتمتة الكاملة بالكمبيوتر لمصنعي ورق تقليديين اثنين، ففشلت في أحدهما ونجحت في الآخر. وكان يدير كلاً من المصنعين، ومنذ فترة طويلة، مجموعة من مديرين مستوى الوسط يشرفون على عمال صناعيين. وكان المشغلون يقضون معظم أوقاتهم ينتقلون في المصنع يراقبون معالجي الصناعة الأفراد، وبراميل لب الشجر، وغرف التجفيف، إلى غير ذلك، مطورين حاسة حادة للمحافظة على سير عملهم على خير وجه. وكان المديرون فقط يعرفون ما يحدث في المصنع ككل: وعندما كان مديرو الوسط يتلقون من رؤسائهم أهداف الإنتاج وغيرها من الأهداف، كانوا يستخدمون المشغلين كأدوات لضبط المصنع وتحقيق أهدافه.
لكن المشغلين راحو يقضون، بعد الأتمتة، معظم أوقاتهم في غرفة كمبيوتر مركزية يستطيعون، من داخلها، تشغيل معظم الأجهزة. لكن غرفة الكمبيوتر المركزية تلك أتاحت الفرصة للمشغلين من فهم أفضل لعمليات المصنع كلها، ومن تعلم ما كان المديرون فقط يعرفونه قبل ذلك. وسرعان ما عزز نظام الكمبيوتر ببرنامج لضبط التكلفة ساعد على عمل ما كان المديرون يعملونه من قبل: تعديل أنظمة الإنتاج لتحقيق أهداف التكلفة والإنتاج.
كانت النتيجة في كلا المصنعين في البداية هي أن كثيراً من المديرين بدأوا يشعرون بالقلق. فقد خافوا على وضعهم، وحتى على وظائفهم، ناظرين إلى المشغلين كمنافسين، وحتى كأعداء. أما في المصنع الأقل نجاحاً فقد سادت هذه الهموم: عاقب المدراء كسل المشغلين الذين يحاولون الاستفادة من الكمبيوتر بدلاً من التركيز على "العمل الحقيقي"، وكان المديرون يخفون المعلومات عن العمال أو يثبطون عزائمهم عن تولي مسؤوليات جديدة أو يرفضون إشراك العمال في خبراتهم. فهبطت الروح المعنوية، وأخذ العمال ينفرون من تعلم النظام، وتخلفت الأتمتة كثيراً عن تحقيق أهدافها.
وكما تذمر أحد العمال للكاتبة زوبوف: "إن [المديرون] لا يريدوننا أن نعرف كثيراً جداً، وكلما أبقونا في الظلام، كلما زادت مقدرتهم على تحريكنا في أنحاء المصنع". ووافق مهندس من نفس المصنع قائلاً: "إنهم يميلون إلى محاولة إبقاء العمال في الظلام كنوع من الأمن". وكانت الإدارة العليا تفكر حقاً فيما إذا كان العديدون من الإدارة الوسطى قد أصبحوا لا لزوم لهم.
أما في المصنع الأكثر نجاحاً، فقد وجد بعض مديري الوسط دوراً جديداً وحقيقياً: دور المعلم. فقد كان المشغلون، على أي حال، عمالاً يدويين أدواتهم الرئيسة الخبرة والبديهة، لا المهارة النظرية التي يتطلبها النظام الجديد. كانوا بحاجة إلى معلمين.
إن المديرين فهموا هذا وعملوا لكي يصبحوا معلمين حصلوا على أقصى ما يريدونه من مشغليهم وكانوا أسعد المديرين بوظائفهم. وكما قال أحد المشغلين الفصحاء بصورة خاصة لزوبوف: " في نظام تقليدي، يكون المديرون كسائقي أشخاص. إنهم يركزون على سوق الناس للعمل بأقصى جهد ممكن. أم في بيئتنا التقنية الجديدة، فيجب أن يكون المديرون سائقي تعلم".
إننا الآن لا نوظف المديرين لقدرتهم التعليمية. لكن، وعندما تصبح المعلومات أهم عامل أساسي في الإنتاج، سيصبح التعليم أحد أهم المهارات الإدارية. ولكي تصبح الشركات أكثر إنتاجية، يجب عليها أن تحول عدداً أكبر من العمال العاديين إلى عمال معرفة. ولتحقيق هذا، يجب أن نخبر المديرين "بمنتهى الوضوح" أن التعليم جزء من مهامهم. ويجب أن يتبنوا لأنفسهم أخلاقية معلم يكون أعظم انتصار للمعلم حسب هذه الأقدمية، هو أن يتفوق عليه تلميذه. وبفقدهم سلطة المعرفة القديمة المتشبثين بها بقوة، يجب عليهم أن يتعلموا بأن يتعلقوا بالسلطة الجديدة، سلطة أولئك الذين ينشرون المعرفة.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
لكن المشغلين راحو يقضون، بعد الأتمتة، معظم أوقاتهم في غرفة كمبيوتر مركزية يستطيعون، من داخلها، تشغيل معظم الأجهزة. لكن غرفة الكمبيوتر المركزية تلك أتاحت الفرصة للمشغلين من فهم أفضل لعمليات المصنع كلها، ومن تعلم ما كان المديرون فقط يعرفونه قبل ذلك. وسرعان ما عزز نظام الكمبيوتر ببرنامج لضبط التكلفة ساعد على عمل ما كان المديرون يعملونه من قبل: تعديل أنظمة الإنتاج لتحقيق أهداف التكلفة والإنتاج.
كانت النتيجة في كلا المصنعين في البداية هي أن كثيراً من المديرين بدأوا يشعرون بالقلق. فقد خافوا على وضعهم، وحتى على وظائفهم، ناظرين إلى المشغلين كمنافسين، وحتى كأعداء. أما في المصنع الأقل نجاحاً فقد سادت هذه الهموم: عاقب المدراء كسل المشغلين الذين يحاولون الاستفادة من الكمبيوتر بدلاً من التركيز على "العمل الحقيقي"، وكان المديرون يخفون المعلومات عن العمال أو يثبطون عزائمهم عن تولي مسؤوليات جديدة أو يرفضون إشراك العمال في خبراتهم. فهبطت الروح المعنوية، وأخذ العمال ينفرون من تعلم النظام، وتخلفت الأتمتة كثيراً عن تحقيق أهدافها.
وكما تذمر أحد العمال للكاتبة زوبوف: "إن [المديرون] لا يريدوننا أن نعرف كثيراً جداً، وكلما أبقونا في الظلام، كلما زادت مقدرتهم على تحريكنا في أنحاء المصنع". ووافق مهندس من نفس المصنع قائلاً: "إنهم يميلون إلى محاولة إبقاء العمال في الظلام كنوع من الأمن". وكانت الإدارة العليا تفكر حقاً فيما إذا كان العديدون من الإدارة الوسطى قد أصبحوا لا لزوم لهم.
أما في المصنع الأكثر نجاحاً، فقد وجد بعض مديري الوسط دوراً جديداً وحقيقياً: دور المعلم. فقد كان المشغلون، على أي حال، عمالاً يدويين أدواتهم الرئيسة الخبرة والبديهة، لا المهارة النظرية التي يتطلبها النظام الجديد. كانوا بحاجة إلى معلمين.
إن المديرين فهموا هذا وعملوا لكي يصبحوا معلمين حصلوا على أقصى ما يريدونه من مشغليهم وكانوا أسعد المديرين بوظائفهم. وكما قال أحد المشغلين الفصحاء بصورة خاصة لزوبوف: " في نظام تقليدي، يكون المديرون كسائقي أشخاص. إنهم يركزون على سوق الناس للعمل بأقصى جهد ممكن. أم في بيئتنا التقنية الجديدة، فيجب أن يكون المديرون سائقي تعلم".
إننا الآن لا نوظف المديرين لقدرتهم التعليمية. لكن، وعندما تصبح المعلومات أهم عامل أساسي في الإنتاج، سيصبح التعليم أحد أهم المهارات الإدارية. ولكي تصبح الشركات أكثر إنتاجية، يجب عليها أن تحول عدداً أكبر من العمال العاديين إلى عمال معرفة. ولتحقيق هذا، يجب أن نخبر المديرين "بمنتهى الوضوح" أن التعليم جزء من مهامهم. ويجب أن يتبنوا لأنفسهم أخلاقية معلم يكون أعظم انتصار للمعلم حسب هذه الأقدمية، هو أن يتفوق عليه تلميذه. وبفقدهم سلطة المعرفة القديمة المتشبثين بها بقوة، يجب عليهم أن يتعلموا بأن يتعلقوا بالسلطة الجديدة، سلطة أولئك الذين ينشرون المعرفة.
للتواصل : zrommany3@gmail.com