(1)
في الباب العاشر من الجمهورية يتحدث "أفلاطون "عن الفن حيث يقول أن الرسم وكل فن تمثيلي هو فن لا يحفل بالحقيقة ولا يتجه إلي شيء سليم بتاتا ويرى كذلك أن الشاعر لا يسترشد بالمبدأ العاقل وهذا سبب انه قال: " لو جاء شاعر للمدينة الفاضلة لقبلت رأسه وطلبت منه المغادرة على الفور" .
أما اليوم فأن المعضلة الاساسيه تكمن في "المثقف "الذي لا يحفل بالحقيقة من الأساس فهو يحمل خيالات الثقافة وليس جوهرها بل أنه بالكاد يحاول جاهدا أن يدرك حقيقة ذاته , "المثقف" الذي أراد من الكل أن يتماها معه ..من المظلوم أن يقبل يده ..من الفقير أن يقف أجلال له ..من العامة أن يبجلوه ..من المسئولين أن يثنوا عليه .
هذا "المثقف "هو ابعد الناس عن الحقيقة , بل انه في الحقيقة هو مجرد بوق يردد ما يقوله الناس أو رسام يقلد خيالات الأشياء الظاهرية ولا يحفل بحقيقة وجوهر الأشياء فهو يهذي بما يسمع يهذي فقط ليقول" أنا موجود إذن أنا أهذي " .
إن ماهية "المثقف" لابد أن تكمن في البحث عن العدالة وعن المثل العليا من خير و حرية وكرامه وليس عدد الأحرف التي قرءها أو عدد الكلمات التي حفظها , وماهية الثقافة لابد أن تتجلى في هذه الجملة " كلمة حق عن سلطان جائر " وليس كما يصور البعض على أن الثقافة هي ذلك الجمود المتمثل في " الفن والحضارة " أو " مجموعه الأفكار والقيم لإفراد في مجتمع ماء " أو كثير من التعريفات التي تسطح الثقافة و"المثقف" بل تجعل من "المثقف "الذي يعتقد انه "مثقف" بهذه الأدوات مجرد مهرج في سرك الحياة .
وفي تبوك يسير المثقفين مغمضي العينين , ويهتفون "الكره" في ملعبنا ولم نشاهد "كره" بل لم نشاهد ملعب من الأساس . لم نشاهد مثقفين يٌكونون وطن ومواطن شاهدنا فقط دوافع للثقافة تنص على الآتي " المهم أن يراني الناس حتى لو لم أراهم " !!
(2)
يقول علي حرب في كتاب " نقد النص " : " المثقف القائم بأمر الدعوة يشعر برسوليتة ونخبويته بتفوقه واصطفائه وهذه هي البداهة المحتجبة التي ينهض عليها خطاب الدعاة : ممارسه الداعية لذاته بوصفه أوعى وأعلم وأولى من الناس بأنفسهم ولهذا فأن الدعوة تنطوي في مآلها على بذرة الاستبداد وجرثومة الفاشية وعلى ما نشهد ونعاني ".
البعض من الدعاة وصل به الأمر أن ينصب نفسه مبشراً !! وأن يتعامل مع الناس بفوقية و بأنه هو العارف الوحيد وقد رأيت بأم عيني في احد المقاطع شيخ متكأ ينظر لرعيته من خلف الكاميرا ويبشرهم بسبعه بشارات لم يكن أحد يعلم بها سواه . لقد عجت هواتفنا بدعاة كل همهم الظهور بغض النظر من أين حصل على الحديث أو المعلومة , والبعض يتوسل بكل السبل بأن ينشر مقطعه . هؤلاء انفصلوا عن الواقع وباتوا يسبحون في فلك بعيد كل البعد عن فلكنا . هؤلاء لا يريدون للناس إلا أن يتماهون معهم في كل الحالات وكل الأوقات.
والبعض الآخر اشد مرارة ولقد راسلت أحدهم أنبهه على خطأ فادح في موقعه الكتروني والذي يعد من أهم وأشهر المواقع الإسلامية , ولكن لم يغير الخطأ وكان ذلك الخطأ في إيراده لقصه إسلام الطبيب الفرنسي "موريس بوكاي" حيث أنه أوردها بشكل أسطوري يقول :" أن رئيس فرنسا في عام 1980م طلب من مصر أن تبعث له بمومياء فرعون ليجروا عليها بعض الدراسات والبحوث , وفعلت مصر وكان الحشد العظيم في مطار باريس يستقبلون مومياء الفرعون يتقدمهم رئيس فرنسا الذي انحنى إجلالا لهذا الفرعون وقد استغل الطبيب الزيارة الميمونة للفرعون وفحصه ووجد أن هناك ترسبات ملحيه على جثته فأكتشف اكتشاف عظيم أن هذا الفرعون مات غرقا , وكان "بوكاي" يعد العدة لان يعقد مؤتمر ليخبر العالم كله بهذا الاكتشاف , لولا أن احد معاونيه قال له تمهل إن المسلمين يقولون انه مات غرقا وبذلك أسلم "موريس بوكاي" .
حكاية مضحكه بل ساذجة بل تضر بالدين يتناقلها كثير من الدعاة المشهورين في محاضراتهم وعلى رأسهم " نبيل العوضي , راغب السرحاني , محمد حسان " والكثير الكثير من الدعاة المؤثرين المسموعين . وللأسف أن هذه القصة المغلوطة أصبحت هي القصة الوحيدة الموجودة على مواقع الشبكة العنكبوتيه
بينما "موريس بوكاي" نفسه يقول حكاية غير هذه عن قصه إسلامه و يتحدث في كتابه "القرآن والتوراة والإنجيل دراسة في ضوء العلم الحديث" وهو كتاب قيم وليت أن هؤلاء الدعاة قرءوه واستفادوا من محتواه وقدموه للناس , بدل أن يقوموا بتلفيق قصه أسطوريه خرافية لإسلام " بوكاي"
يقول : تعلمت اللغة العربية بناء على نصيحة من جلاله الملك فيصل عندما سألته عن الإسلام وهو بذلك يشير إلي أن أحصل على الشيء من مصدره الأساسي , وبالفعل درست الدين الإسلامي ووجدت انه يتوافق مع كثير من حقائق الطب كمراحله تكون الجنين مثلا ووجدته يتطابق مع نظريات العلم الحديث .
أما حكاية المومياء فيقول " انه سافر لمصر وبمساعده ابنه الرئيس السادات استطاع أن يكشف على المومياء ولكنه بالطبع لم يجد ترسبات ملحيه ولم يبحث عن سبب وفاة المومياء لأنه من الأساس يعرف أن الفرعون مات غرقا فالتوراة والإنجيل يقولان ذلك وموريس نشأ مسيحيا كاثوليكيا متدين ولم يتطرق في كتابه لتلك الأسطورة بل انه في "كتابه " أورد نصوص من الإنجيل والتوراة والقرآن تتحدث عن غرق فرعون . أذا التوراة والإنجيل والقرآن تقول أن الفرعون مات غرقا في اليم وبهذا يصبح السبب الذي ذكره الدعاة في قصه إسلام موريس سبب غير صحيح وغير مقبول . و"موريس بوكاي" كما أسلفنا يحكي قصه أخرى غير هذه عن أسلامة فمن أين جاء الدعاة بهذه القصة!!؟
ومن المستفيد بتحويل قصه إسلام "موريس بوكاي" من قصه قامت على أدوات منطقيه وعقليه وبحث متواصل وعميق إلي قصه خياليه وهو الذي يقول " درست القرآن باحثا عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث .
وهذه القصة هي مثال على كثير من المغالطات التي يوردها بعض الدعاة حول قصص إسلام نصارى أو إعجاز علمي وهم بذلك يقدمون الدين في قالب أسطوري فج وهذا الطريق كان احد طرق صناعه الإلحاد في أوربا في القرن الثامن عشر . يقول جيفري لانج وكان ملحدا يقول بعد أن أسلم لو أن أيا من مشايخ الإسلام كان قد دعاه للإسلام قبل أن يقرأ القرآن الكريم لم يكن ليسلم أبدا فقد لاحظ من علماء المسلمين رفض مناقشة بعض أمور العقيدة مع العامة ويكتفون بأن يضعون السائل موضع الريبة والشك , لذا ألف كتابه "حتى الملائكة تسأل" و توجه بدعوته لعلماء المسلمين بأن يستيقظوا من وهم احتكار الحقيقة .
"خاتمة "
الجسد هو مشكله الإنسان الأزلية , والمصيبة أنه لا يستطيع أن يتخلص من هذه المشكلة إلا بالموت أو بأن يصبح فيلسوفا !.. ويبقى هذا الجسد يحمل خيالات الحقيقة و يقف حائلا دون الجوهر.
في الباب العاشر من الجمهورية يتحدث "أفلاطون "عن الفن حيث يقول أن الرسم وكل فن تمثيلي هو فن لا يحفل بالحقيقة ولا يتجه إلي شيء سليم بتاتا ويرى كذلك أن الشاعر لا يسترشد بالمبدأ العاقل وهذا سبب انه قال: " لو جاء شاعر للمدينة الفاضلة لقبلت رأسه وطلبت منه المغادرة على الفور" .
أما اليوم فأن المعضلة الاساسيه تكمن في "المثقف "الذي لا يحفل بالحقيقة من الأساس فهو يحمل خيالات الثقافة وليس جوهرها بل أنه بالكاد يحاول جاهدا أن يدرك حقيقة ذاته , "المثقف" الذي أراد من الكل أن يتماها معه ..من المظلوم أن يقبل يده ..من الفقير أن يقف أجلال له ..من العامة أن يبجلوه ..من المسئولين أن يثنوا عليه .
هذا "المثقف "هو ابعد الناس عن الحقيقة , بل انه في الحقيقة هو مجرد بوق يردد ما يقوله الناس أو رسام يقلد خيالات الأشياء الظاهرية ولا يحفل بحقيقة وجوهر الأشياء فهو يهذي بما يسمع يهذي فقط ليقول" أنا موجود إذن أنا أهذي " .
إن ماهية "المثقف" لابد أن تكمن في البحث عن العدالة وعن المثل العليا من خير و حرية وكرامه وليس عدد الأحرف التي قرءها أو عدد الكلمات التي حفظها , وماهية الثقافة لابد أن تتجلى في هذه الجملة " كلمة حق عن سلطان جائر " وليس كما يصور البعض على أن الثقافة هي ذلك الجمود المتمثل في " الفن والحضارة " أو " مجموعه الأفكار والقيم لإفراد في مجتمع ماء " أو كثير من التعريفات التي تسطح الثقافة و"المثقف" بل تجعل من "المثقف "الذي يعتقد انه "مثقف" بهذه الأدوات مجرد مهرج في سرك الحياة .
وفي تبوك يسير المثقفين مغمضي العينين , ويهتفون "الكره" في ملعبنا ولم نشاهد "كره" بل لم نشاهد ملعب من الأساس . لم نشاهد مثقفين يٌكونون وطن ومواطن شاهدنا فقط دوافع للثقافة تنص على الآتي " المهم أن يراني الناس حتى لو لم أراهم " !!
(2)
يقول علي حرب في كتاب " نقد النص " : " المثقف القائم بأمر الدعوة يشعر برسوليتة ونخبويته بتفوقه واصطفائه وهذه هي البداهة المحتجبة التي ينهض عليها خطاب الدعاة : ممارسه الداعية لذاته بوصفه أوعى وأعلم وأولى من الناس بأنفسهم ولهذا فأن الدعوة تنطوي في مآلها على بذرة الاستبداد وجرثومة الفاشية وعلى ما نشهد ونعاني ".
البعض من الدعاة وصل به الأمر أن ينصب نفسه مبشراً !! وأن يتعامل مع الناس بفوقية و بأنه هو العارف الوحيد وقد رأيت بأم عيني في احد المقاطع شيخ متكأ ينظر لرعيته من خلف الكاميرا ويبشرهم بسبعه بشارات لم يكن أحد يعلم بها سواه . لقد عجت هواتفنا بدعاة كل همهم الظهور بغض النظر من أين حصل على الحديث أو المعلومة , والبعض يتوسل بكل السبل بأن ينشر مقطعه . هؤلاء انفصلوا عن الواقع وباتوا يسبحون في فلك بعيد كل البعد عن فلكنا . هؤلاء لا يريدون للناس إلا أن يتماهون معهم في كل الحالات وكل الأوقات.
والبعض الآخر اشد مرارة ولقد راسلت أحدهم أنبهه على خطأ فادح في موقعه الكتروني والذي يعد من أهم وأشهر المواقع الإسلامية , ولكن لم يغير الخطأ وكان ذلك الخطأ في إيراده لقصه إسلام الطبيب الفرنسي "موريس بوكاي" حيث أنه أوردها بشكل أسطوري يقول :" أن رئيس فرنسا في عام 1980م طلب من مصر أن تبعث له بمومياء فرعون ليجروا عليها بعض الدراسات والبحوث , وفعلت مصر وكان الحشد العظيم في مطار باريس يستقبلون مومياء الفرعون يتقدمهم رئيس فرنسا الذي انحنى إجلالا لهذا الفرعون وقد استغل الطبيب الزيارة الميمونة للفرعون وفحصه ووجد أن هناك ترسبات ملحيه على جثته فأكتشف اكتشاف عظيم أن هذا الفرعون مات غرقا , وكان "بوكاي" يعد العدة لان يعقد مؤتمر ليخبر العالم كله بهذا الاكتشاف , لولا أن احد معاونيه قال له تمهل إن المسلمين يقولون انه مات غرقا وبذلك أسلم "موريس بوكاي" .
حكاية مضحكه بل ساذجة بل تضر بالدين يتناقلها كثير من الدعاة المشهورين في محاضراتهم وعلى رأسهم " نبيل العوضي , راغب السرحاني , محمد حسان " والكثير الكثير من الدعاة المؤثرين المسموعين . وللأسف أن هذه القصة المغلوطة أصبحت هي القصة الوحيدة الموجودة على مواقع الشبكة العنكبوتيه
بينما "موريس بوكاي" نفسه يقول حكاية غير هذه عن قصه إسلامه و يتحدث في كتابه "القرآن والتوراة والإنجيل دراسة في ضوء العلم الحديث" وهو كتاب قيم وليت أن هؤلاء الدعاة قرءوه واستفادوا من محتواه وقدموه للناس , بدل أن يقوموا بتلفيق قصه أسطوريه خرافية لإسلام " بوكاي"
يقول : تعلمت اللغة العربية بناء على نصيحة من جلاله الملك فيصل عندما سألته عن الإسلام وهو بذلك يشير إلي أن أحصل على الشيء من مصدره الأساسي , وبالفعل درست الدين الإسلامي ووجدت انه يتوافق مع كثير من حقائق الطب كمراحله تكون الجنين مثلا ووجدته يتطابق مع نظريات العلم الحديث .
أما حكاية المومياء فيقول " انه سافر لمصر وبمساعده ابنه الرئيس السادات استطاع أن يكشف على المومياء ولكنه بالطبع لم يجد ترسبات ملحيه ولم يبحث عن سبب وفاة المومياء لأنه من الأساس يعرف أن الفرعون مات غرقا فالتوراة والإنجيل يقولان ذلك وموريس نشأ مسيحيا كاثوليكيا متدين ولم يتطرق في كتابه لتلك الأسطورة بل انه في "كتابه " أورد نصوص من الإنجيل والتوراة والقرآن تتحدث عن غرق فرعون . أذا التوراة والإنجيل والقرآن تقول أن الفرعون مات غرقا في اليم وبهذا يصبح السبب الذي ذكره الدعاة في قصه إسلام موريس سبب غير صحيح وغير مقبول . و"موريس بوكاي" كما أسلفنا يحكي قصه أخرى غير هذه عن أسلامة فمن أين جاء الدعاة بهذه القصة!!؟
ومن المستفيد بتحويل قصه إسلام "موريس بوكاي" من قصه قامت على أدوات منطقيه وعقليه وبحث متواصل وعميق إلي قصه خياليه وهو الذي يقول " درست القرآن باحثا عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث .
وهذه القصة هي مثال على كثير من المغالطات التي يوردها بعض الدعاة حول قصص إسلام نصارى أو إعجاز علمي وهم بذلك يقدمون الدين في قالب أسطوري فج وهذا الطريق كان احد طرق صناعه الإلحاد في أوربا في القرن الثامن عشر . يقول جيفري لانج وكان ملحدا يقول بعد أن أسلم لو أن أيا من مشايخ الإسلام كان قد دعاه للإسلام قبل أن يقرأ القرآن الكريم لم يكن ليسلم أبدا فقد لاحظ من علماء المسلمين رفض مناقشة بعض أمور العقيدة مع العامة ويكتفون بأن يضعون السائل موضع الريبة والشك , لذا ألف كتابه "حتى الملائكة تسأل" و توجه بدعوته لعلماء المسلمين بأن يستيقظوا من وهم احتكار الحقيقة .
"خاتمة "
الجسد هو مشكله الإنسان الأزلية , والمصيبة أنه لا يستطيع أن يتخلص من هذه المشكلة إلا بالموت أو بأن يصبح فيلسوفا !.. ويبقى هذا الجسد يحمل خيالات الحقيقة و يقف حائلا دون الجوهر.