تروي بعض الأساطير أن الشمس والرياح تراهنتا على إجبار رجل على خلع معطفه ، وبدأت الرياح في محاولة كسب الرهان بالعواصف والهواء الشديد والرجل يزداد تمسكاً بمعطفه وإصراراً على ثباته وبقاءه حتى حل اليأس بالرياح فكفت عنه ، واليأس أحد الراحتين كما يقول أسلافنا . وجاء دور الشمس فتقدمت وبزغت وبرزت للرجل بضوئها وحرارتها فما أن شاهدها حتى خلع معطفه مختاراً راضياً...
ان الاقناع هو سبيل الحصول على ما تريده من الآخرين بأقصر الطرق وأكثرها دواما، اما الاكراه فهو سبيل للعناد والتمسك بالرأي الخاطئ والاستمرار في المشكلات .
وفي مدارسنا نحن بحاجة لقيادة حكيمة ومرشدين للطلاب ومعلمين يجيدون فن الانصات والاقناع والحوار العقلاني المفتوح ،فغياب الحوار عن مدارسنا ومؤسساتنا التربوية سيؤدي إلى كبت أفكار الطلاب وهمومهم، وطغيان الأنانية وحب الذات واتباع الهوى في نفوسهم، بينما تعزيز الحوار وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آراءهم وافكارهم سوف يفتح أمام المعلمين الكثير من النوافذ على عقول الطلبة ويتيح لهم الفرصة للتحاور معهم بالمنطق والحجة ويغرس القيم الإسلامية في نفوسهم ويعينهم على اكساب الطلبة الفضيلة التي بها يستطيعون مواجهة الفوضى والفتن التي كثرت في عصرنا الحالي.
لقد أصبحت قضية الأمن الفكري اليوم من أهم القضايا التي توليها المجتمعات اهتماما بالغاً وتبني عليها استقرارها وبقاؤها بين الأمم الأخرى ، لاسيما ونحن في عصر كثرت فيه وسائل الغزو الفكري والثقافي ممن يبثون سمومهم في عقول أبناءنا وبناتنا، وتعددت فيه أسباب الانحراف ووسائل الانحلال ، واصبح الغزو الثقافي مناخا للصراع يجر الى نتائج خطيرة وعواقب خيمة على مقومات الأمة وحضارتها ويستهدف هوية الأبناء وسلامة معتقداتهم وأفكارهم .
فالأمن الفكري هو صيانة عقول افراد المجتمع ضد أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما تنص عليه تعاليم الإسلام الحنيف وأنظمة المجتمع وتقاليده .
واذا نظرنا بعين الواقع لبعض الأحداث التي يقع فيها بعض من أبناءنا نتيجة غياب الوعي وسيطرة جهات أخرى على أفكارهم وجرهم لمزالق الشيطان من قتل وتفجير وتخريب لممتلكات الوطن ومحاولة زعزعة أمنه ، فإننا نلمس ضرورة تكاتف جميع الجهات في الدولة للمحافظة على الأمن الفكري لأبناء وبنات هذا الوطن وحمايتهم من سيطرة الاعلام المغرض والجماعات الحاقدة.
ولعلنا نستعرض بعض الاحداث التي حصلت مؤخرا لتسليط الضوء على أهمية وضرورة الحفاظ على الأمن الفكري لأبنائنا بكل الوسائل وجميع الطرق، ففي يوم 9 / 3 / 1436هـ تمكن بفضل الله رجال الأمن من القبض على خلية إرهابية، سمت نفسها (جند بلاد الحرمين)، وهي تنتمي لتنظيم (داعش) الإرهابي في الخارج، وتتكون من (15) خمسة عشر شخصاً جميعهم سعوديون، يتزعمهم شخص متخصص في صناعة العبوات المتفجرة، والبقية تنوعت أدوارهم، فمنهم من كلف بتنسيق نشاطات الخلية، وآخرين أوكلت لهم الجوانب المالية والأمنية، فيما أوكل لأحدهم الجانب الشرعي ليتولى مسائل الفتوى لهم.
وفي تاريخ 11 / 4 / 1436هـ تم بمنطقة القصيم القبض على مواطن سعودي اتضح من المتابعة ارتباطه بعناصر من تنظيم (داعش) الإرهابي في الخارج وتواصله معهم، بهدف الترتيب لتكوين خلية إرهابية، والاستفادة كذلك من خبراتهم في صناعة المتفجرات ، كما أقر بمساهمته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في نشر معلومات تتضمن شرحاً لطرق صناعة المتفجرات، والتحريض على الأعمال الإرهابية والدعاية لها.
كما تم بتاريخ 17 / 5 / 1436هـ وفق خطة أمنية متزامنة القبض في مناطق عدة من المملكة على عناصر لتنظيم إرهابي مكون من (65) خمسة وستين شخصاً جميعهم سعوديون عدا اثنين فقط من جنسيات عربية. ورصدت الجهات المختصة نشاطاً مكثفاً لعدد من المعرفات على مواقع التواصل الاجتماعي قام أصحابها ببث الدعاية للتنظيمات الإرهابية وإغراء صغار السن للزج بهم في مناطق الصراع .
ومن هنا وحيث ان التعليم يعد أفضل استثمار للإنسان و المجتمع ، وعليه يقوم تقدمها وسيادتها فان عليه تقع المسئولية الكبرى في تنمية المسئولية الأمنية وتعميقها في نفوس الناشئة ، وتحصينهم ضد الضلالات الفكرية والغلو والتطرف والأفكار المنحرفة الهدامة المخلة بالأمن في ضوء الغايات والاهداف والسياسات التربوية والتعليمية.
فمن خلال المدرسة يجب على القادة والمعلمين ومسئولي الارشاد والتوجيه الطلابي الاهتمام بالبرامج والأنشطة التي تستهدف تحقيق التنمية الجسمية والعاطفية والروحية والاجتماعية والسلوكية للطلاب .وهذا بدوره يتطلب الاعداد الجيد لقادة المدارس والمعلمين وغيرهم ممن يتعامل معهم الطالب في المدرسة اعدادا علميا ومهاريا وسلوكيا من خلال دورات تدريبية مستمرة ولقاءات مع ذوي الخبرة لتدريبهم على الأساليب التربوية وفن الحوار مع النشئ الجديد.
كما ان استقطاب الطلاب للمشاركة في مشاريع علمية واجتماعية ينمي لديهم روح التنافس وخدمة المجتمع ،ويبعدهم عن الفراغ الذي قد لا تحمد عواقبه .
كما لا ننسى دور الأسرة والقدوة الحسنة في تشكيل شخصية الأبناء واستقرارها النفسي ، فهي قاعدة المجتمع ان صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع ، وتفككها وغياب مبدأ الشورى بين أفراد العائلة الواحدة يجعل الأبناء عرضة للأفكار المنحرفة والقناعات الزائفة ، وهذا يتطلب أن تكون الأسرة على قدر من الوعي واستشعار المسئولية تجاه أبناءها ، قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع ومسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته).
لذا أصبح لزاما اعتماد لغة الحوار، والتفاهم الفعال بين الأبوين وأولادهم والتخلي عن العنف والأساليب الاستبدادية التي تخالف قيم الشورى في الإسلام، ولا تتناسب مع المعطيات الحضارية والمتغيرات التي يمر بها المجتمع، قال تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
ان العلاقة يجب أن تكون تكاملية بين الاعلام والأسرة ومؤسسات التعليم في تكوين المفاهيم الصحيحة والكاملة اللازمة للحياة الراشدة الآمنة للأبناء. ولعل اعلان وزير التعليم عزام الدخيل في" اللقاء العلمي الأول للتوعية الإسلامية الأمن الفكري" يوم الأثنين 15/7/1436هـ عن تأسيس وزارة التعليم لإدارة تُعنى بدراسات الأمن الفكري، تحتَ إشراف ومتابعة مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للوزارة خطوة مكملة للاهتمام الذي توليه الدولة بكافة قطاعاتها للمحافظة على الأمن الفكري لأبنائنا .
وفي الختام ومن وجهة نظر شخصية أطرح بعض المقترحات لاحتواء الشباب والحفاظ على أمنهم الفكري :
1- الاهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكية السليمة من خلال بناء المناهج بعيدا عن الأفكار المتطرفة والغلو وتأصيل الوسطية والتسامح باعتبارها من مقومات الأمن الفكري.
2- إظهار المعنى الصحيح للإسلام واعتداله وتوازنه ، وسماحته واعلاء شأنه في نفوس الشباب وترسيخ الانتماء لديهم لهذا الدين والاعتزاز به .
3- إعادة النظر في معايير اعداد واختيار المعلمين وبرامج تدريبهم بحيث ترتكز على مقاييس للسلوك والقيم والقدرة على الحوار البناء وتقبل الرأي الآخر.
4- للمدرسة دور كبير في الكشف عن مظاهر السلوك الفكري المنحرف منذ بدايتها، ودراستها دراسة دقيقة ومعالجتها عبر الإرشاد الطلابي بالمدرسة والتعاون بين البيت والمدرسة ، لذا كان لزاما الاهتمام بالبرامج التدريبية المناسبة للمرشدين الطلابين والقيادات المدرسية في فن الحوار والنقاش العقلاني وتبني الفكر الإسلامي التربوي الصحيح بعيدا عن التعصب والتشدد .
5- تكاتف الجهات المختلفة في الدولة من سياسية ودينية وتعليمية واجتماعية وإعلامية لزيادة الوعي بين أفراد المجتمع وتثقيفهم بطرق التعامل الأمثل مع الشباب والفتيات في هذه المرحلة العمرية ووضع البرامج الوقائية التي تحميهم من التطرف والانحلال.
6- التركيز على تشجيع الطلاب نحو البرامج التطوعية التي تسهم في بناء حس المسئولية لديهم وتعزز الانتماء الوطني في نفوسهم وتزيد من حرصهم على أمن وممتلكات بلادهم
7- الاهتمام بالبرامج المقدمة لفئة الشباب في وسائل الاعلام المختلفة وتسليط الضوء من خلالها على الأفكار المنحرفة وخطرها قبل وصولها إليهم منمقة مزخرفة فيتأثرون بها لأننا في عصر السرعة والانفتاح الذي ينتقل فيه الفكر الهدام بسرعة كبيرة جداًّ ولا مجال لحجبه عن الناس.
8- توعية الأسر من خلال المدارس والمؤسسات التعليمية والاجتماعية للدور الهام الذي تحدثه في تشكيل شخصية أبناءها وتدريبهم على طرق التعامل الصحيح مع الأبناء ومتابعتهم وتوجيههم المستمر لهم.
ان الشباب هم عصب الأمة وهم الشريحة الأكثر أهمية في أي مجتمع وإذا كانوا اليوم يمثلون نصف الحاضر فانهم في الغد سيكونون كل المستقبل ، فبهم تنهض الأمم، وبهم تدحر عدوها وتبني مجدها، فاذا حفظنا عليهم أمنهم الفكري حفظنا للأمة مجدها وبقاؤها .
حنان عوض العمراني
مشرفة تربوية
ان الاقناع هو سبيل الحصول على ما تريده من الآخرين بأقصر الطرق وأكثرها دواما، اما الاكراه فهو سبيل للعناد والتمسك بالرأي الخاطئ والاستمرار في المشكلات .
وفي مدارسنا نحن بحاجة لقيادة حكيمة ومرشدين للطلاب ومعلمين يجيدون فن الانصات والاقناع والحوار العقلاني المفتوح ،فغياب الحوار عن مدارسنا ومؤسساتنا التربوية سيؤدي إلى كبت أفكار الطلاب وهمومهم، وطغيان الأنانية وحب الذات واتباع الهوى في نفوسهم، بينما تعزيز الحوار وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آراءهم وافكارهم سوف يفتح أمام المعلمين الكثير من النوافذ على عقول الطلبة ويتيح لهم الفرصة للتحاور معهم بالمنطق والحجة ويغرس القيم الإسلامية في نفوسهم ويعينهم على اكساب الطلبة الفضيلة التي بها يستطيعون مواجهة الفوضى والفتن التي كثرت في عصرنا الحالي.
لقد أصبحت قضية الأمن الفكري اليوم من أهم القضايا التي توليها المجتمعات اهتماما بالغاً وتبني عليها استقرارها وبقاؤها بين الأمم الأخرى ، لاسيما ونحن في عصر كثرت فيه وسائل الغزو الفكري والثقافي ممن يبثون سمومهم في عقول أبناءنا وبناتنا، وتعددت فيه أسباب الانحراف ووسائل الانحلال ، واصبح الغزو الثقافي مناخا للصراع يجر الى نتائج خطيرة وعواقب خيمة على مقومات الأمة وحضارتها ويستهدف هوية الأبناء وسلامة معتقداتهم وأفكارهم .
فالأمن الفكري هو صيانة عقول افراد المجتمع ضد أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما تنص عليه تعاليم الإسلام الحنيف وأنظمة المجتمع وتقاليده .
واذا نظرنا بعين الواقع لبعض الأحداث التي يقع فيها بعض من أبناءنا نتيجة غياب الوعي وسيطرة جهات أخرى على أفكارهم وجرهم لمزالق الشيطان من قتل وتفجير وتخريب لممتلكات الوطن ومحاولة زعزعة أمنه ، فإننا نلمس ضرورة تكاتف جميع الجهات في الدولة للمحافظة على الأمن الفكري لأبناء وبنات هذا الوطن وحمايتهم من سيطرة الاعلام المغرض والجماعات الحاقدة.
ولعلنا نستعرض بعض الاحداث التي حصلت مؤخرا لتسليط الضوء على أهمية وضرورة الحفاظ على الأمن الفكري لأبنائنا بكل الوسائل وجميع الطرق، ففي يوم 9 / 3 / 1436هـ تمكن بفضل الله رجال الأمن من القبض على خلية إرهابية، سمت نفسها (جند بلاد الحرمين)، وهي تنتمي لتنظيم (داعش) الإرهابي في الخارج، وتتكون من (15) خمسة عشر شخصاً جميعهم سعوديون، يتزعمهم شخص متخصص في صناعة العبوات المتفجرة، والبقية تنوعت أدوارهم، فمنهم من كلف بتنسيق نشاطات الخلية، وآخرين أوكلت لهم الجوانب المالية والأمنية، فيما أوكل لأحدهم الجانب الشرعي ليتولى مسائل الفتوى لهم.
وفي تاريخ 11 / 4 / 1436هـ تم بمنطقة القصيم القبض على مواطن سعودي اتضح من المتابعة ارتباطه بعناصر من تنظيم (داعش) الإرهابي في الخارج وتواصله معهم، بهدف الترتيب لتكوين خلية إرهابية، والاستفادة كذلك من خبراتهم في صناعة المتفجرات ، كما أقر بمساهمته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في نشر معلومات تتضمن شرحاً لطرق صناعة المتفجرات، والتحريض على الأعمال الإرهابية والدعاية لها.
كما تم بتاريخ 17 / 5 / 1436هـ وفق خطة أمنية متزامنة القبض في مناطق عدة من المملكة على عناصر لتنظيم إرهابي مكون من (65) خمسة وستين شخصاً جميعهم سعوديون عدا اثنين فقط من جنسيات عربية. ورصدت الجهات المختصة نشاطاً مكثفاً لعدد من المعرفات على مواقع التواصل الاجتماعي قام أصحابها ببث الدعاية للتنظيمات الإرهابية وإغراء صغار السن للزج بهم في مناطق الصراع .
ومن هنا وحيث ان التعليم يعد أفضل استثمار للإنسان و المجتمع ، وعليه يقوم تقدمها وسيادتها فان عليه تقع المسئولية الكبرى في تنمية المسئولية الأمنية وتعميقها في نفوس الناشئة ، وتحصينهم ضد الضلالات الفكرية والغلو والتطرف والأفكار المنحرفة الهدامة المخلة بالأمن في ضوء الغايات والاهداف والسياسات التربوية والتعليمية.
فمن خلال المدرسة يجب على القادة والمعلمين ومسئولي الارشاد والتوجيه الطلابي الاهتمام بالبرامج والأنشطة التي تستهدف تحقيق التنمية الجسمية والعاطفية والروحية والاجتماعية والسلوكية للطلاب .وهذا بدوره يتطلب الاعداد الجيد لقادة المدارس والمعلمين وغيرهم ممن يتعامل معهم الطالب في المدرسة اعدادا علميا ومهاريا وسلوكيا من خلال دورات تدريبية مستمرة ولقاءات مع ذوي الخبرة لتدريبهم على الأساليب التربوية وفن الحوار مع النشئ الجديد.
كما ان استقطاب الطلاب للمشاركة في مشاريع علمية واجتماعية ينمي لديهم روح التنافس وخدمة المجتمع ،ويبعدهم عن الفراغ الذي قد لا تحمد عواقبه .
كما لا ننسى دور الأسرة والقدوة الحسنة في تشكيل شخصية الأبناء واستقرارها النفسي ، فهي قاعدة المجتمع ان صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع ، وتفككها وغياب مبدأ الشورى بين أفراد العائلة الواحدة يجعل الأبناء عرضة للأفكار المنحرفة والقناعات الزائفة ، وهذا يتطلب أن تكون الأسرة على قدر من الوعي واستشعار المسئولية تجاه أبناءها ، قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع ومسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته).
لذا أصبح لزاما اعتماد لغة الحوار، والتفاهم الفعال بين الأبوين وأولادهم والتخلي عن العنف والأساليب الاستبدادية التي تخالف قيم الشورى في الإسلام، ولا تتناسب مع المعطيات الحضارية والمتغيرات التي يمر بها المجتمع، قال تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
ان العلاقة يجب أن تكون تكاملية بين الاعلام والأسرة ومؤسسات التعليم في تكوين المفاهيم الصحيحة والكاملة اللازمة للحياة الراشدة الآمنة للأبناء. ولعل اعلان وزير التعليم عزام الدخيل في" اللقاء العلمي الأول للتوعية الإسلامية الأمن الفكري" يوم الأثنين 15/7/1436هـ عن تأسيس وزارة التعليم لإدارة تُعنى بدراسات الأمن الفكري، تحتَ إشراف ومتابعة مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للوزارة خطوة مكملة للاهتمام الذي توليه الدولة بكافة قطاعاتها للمحافظة على الأمن الفكري لأبنائنا .
وفي الختام ومن وجهة نظر شخصية أطرح بعض المقترحات لاحتواء الشباب والحفاظ على أمنهم الفكري :
1- الاهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكية السليمة من خلال بناء المناهج بعيدا عن الأفكار المتطرفة والغلو وتأصيل الوسطية والتسامح باعتبارها من مقومات الأمن الفكري.
2- إظهار المعنى الصحيح للإسلام واعتداله وتوازنه ، وسماحته واعلاء شأنه في نفوس الشباب وترسيخ الانتماء لديهم لهذا الدين والاعتزاز به .
3- إعادة النظر في معايير اعداد واختيار المعلمين وبرامج تدريبهم بحيث ترتكز على مقاييس للسلوك والقيم والقدرة على الحوار البناء وتقبل الرأي الآخر.
4- للمدرسة دور كبير في الكشف عن مظاهر السلوك الفكري المنحرف منذ بدايتها، ودراستها دراسة دقيقة ومعالجتها عبر الإرشاد الطلابي بالمدرسة والتعاون بين البيت والمدرسة ، لذا كان لزاما الاهتمام بالبرامج التدريبية المناسبة للمرشدين الطلابين والقيادات المدرسية في فن الحوار والنقاش العقلاني وتبني الفكر الإسلامي التربوي الصحيح بعيدا عن التعصب والتشدد .
5- تكاتف الجهات المختلفة في الدولة من سياسية ودينية وتعليمية واجتماعية وإعلامية لزيادة الوعي بين أفراد المجتمع وتثقيفهم بطرق التعامل الأمثل مع الشباب والفتيات في هذه المرحلة العمرية ووضع البرامج الوقائية التي تحميهم من التطرف والانحلال.
6- التركيز على تشجيع الطلاب نحو البرامج التطوعية التي تسهم في بناء حس المسئولية لديهم وتعزز الانتماء الوطني في نفوسهم وتزيد من حرصهم على أمن وممتلكات بلادهم
7- الاهتمام بالبرامج المقدمة لفئة الشباب في وسائل الاعلام المختلفة وتسليط الضوء من خلالها على الأفكار المنحرفة وخطرها قبل وصولها إليهم منمقة مزخرفة فيتأثرون بها لأننا في عصر السرعة والانفتاح الذي ينتقل فيه الفكر الهدام بسرعة كبيرة جداًّ ولا مجال لحجبه عن الناس.
8- توعية الأسر من خلال المدارس والمؤسسات التعليمية والاجتماعية للدور الهام الذي تحدثه في تشكيل شخصية أبناءها وتدريبهم على طرق التعامل الصحيح مع الأبناء ومتابعتهم وتوجيههم المستمر لهم.
ان الشباب هم عصب الأمة وهم الشريحة الأكثر أهمية في أي مجتمع وإذا كانوا اليوم يمثلون نصف الحاضر فانهم في الغد سيكونون كل المستقبل ، فبهم تنهض الأمم، وبهم تدحر عدوها وتبني مجدها، فاذا حفظنا عليهم أمنهم الفكري حفظنا للأمة مجدها وبقاؤها .
حنان عوض العمراني
مشرفة تربوية