السعـوديـون الـجدد ملامح وطنية (١)
( فك الأقواس ، الجيل الطفل ، رائحة البارود )
من أنتم ؟ كأنما اقترن هذا السؤال الساخر بصوت الزعيم الليبي الراحل ؛ حينما يسأل شعبه بجدية ووعيد ، وهو سؤال وجيه ؛ حينما لا تكون الجسور موصولة ، وأحشاء الوطن تعبث بها أنامل أبنائه .
من أنتم ؟ ثم من أنت ؟
حينما يختصر الإنسانُ الوطنَ في حيازة السلطة ؛ فإنه يقتل أرضه شَرَقَاً بدم أهلها .
عندما تكون الأنا سيدة نحن ، يتحول الزعيمُ نحو عصابةٍ لتستردَ له خِنْجره ، فيستمرأ كلَ القيم البشرية التي يتفق التاريخُ على أنها مولودةٌ مع الإنسان .
وحينما يُقتل المواطن باسم الله والوطن ، وتُعلّق المشانقُ لأهله على ثرى مُختلِطٍ بعظام أجدادهم ، يصبح الوطنُ أكذوبة كبرى كانت للأطفال تُروى ، تجاوزت أعمارهُم تصديقها.
فكُ الأقواس :
منذ الحادي عشر من سبتمبر ، والسعوديون حاضرون في المشهد العالمي بصفة الفاعل ، سبعة عشر من تسعة عشر أسقطوا برج التجارة العالمي ، قوضوا صورة نمطية للحروب الأولية ، فكانت تداعيات الحدث تُصارع ذاتها ؛ لتستولد مثلها فكبرت ككرة الثلج ، فالسعوديون الشعب أبناء الجزيرة وسكانها ، لديهم ما يفعلون ويقولون فمن هم ؟
لم تُفلح الأقلامُ ، ولا مراكزُ الدراسات اليمينية ، واليسارية المتطرفة ، ولا القرارات السياسية والإعلامية ، في حصر السعوديين في سبعة عشر ، أو حتى في خندق القاعدة ، أو ضمن تيار الزمن الفائت ، والمخلوق البدائي .
الإسلام دين السعوديين جميعاً ، وولائهم له يتجاوز الجغرافيا ، ولا يرتبطُ بالتاريخ ، بل بالغاية الشرعية التي خُلق الإنسان من أجلها ، فحقيقة الدين في السعودية - وإن دهم الخطاب الديني عواطف وعواصف أنه لا ينتمي لمنظومة إرث وطني ، وليس دستورا تاريخيا ، وإنما عقيدة قلبية ، يُراد لها أن تكون سلوكاً بشرياً ، لذا تمنّعت أسوارُ السعوديين ، دون الإنخراط في مباراة الغرب والشرق ، التي تقوم على مبدأ الاستنساخ لنجاحات سرقت بعضَ عقلائنا ، وما استطاعت القرارتُ الغير معلنة ، والأبوابُ المشرّعة إدماجَ العقل السعودي في منظومةِ فريق قائم ، أو على مقاعد الاحتياط ، ينتظر دوره في اللحاق بركب هنا أو هناك ، لم يستطع الدفع نحو التشدد والفجور في الاختلاف ، أن يسرق العقولَ وإن حاز بعضَ النصر في المواقفِ أحياناً ، ولم يستطع الدفعُ نحو التخلي عن العقيدةِ السلوكيةِ ، أن يُخبب النفوسَ على مراداتها السامية ، وإن حاز بعضَ النصر في الرأي أحيانا.
الأقواس بين وهم وجودها ، وحقيقة حصارها ، لا تغيب عن التأثير في مفهوم الإنتماءِ والوطن ، وبين قوسين تعيش أطياف المجتمعات ، في انشطار رأسي كفيل بزيادة حجم المسافة ، بين كل متوازيين ، أو تحت حصار تتداخل معه الدوائر ؛ حتى تكاد تغيب ، بين القشر واللب ، بين الماضي والحاضر ، بين القبول والرفض ، بين الأنا و نحن ، بين كلمة الفخر وحقيقة القوة ، بين المسموح والممنوع ، بين الحريات والعادات ، بين رأي السلطان وقوة الرأي .
السعوديون مشياً و هرولة في و حول دائرة الضوء تتشكل صورهم ، ما بين التأبّي على الصفر ، في نسق من التحدي تترجمه خدعةُ الفخرِ الكسول ، عبر أُغنيات و شعارات تفهم الوطنَ تُراباً وأحجاراً ، تتبدل قوافيها تبعا لرموزها في مجدِ وطن ، لا تُعرَفُ ملامحه تماما .
و صورة أخرى ، ترسم نفسها من خلال مغامرة بمُعطَيات صفرية ، في صورةٍ من الممانعةِ والمقاومةِ ، أوقفت الوطنَ على حافة الوادي ، مع هبل ، ومناة ، والعُزى ؛ حتى كاد الوطنُ أن يدخل معركة مراغمة ، لا مع الانتماء ، وإنما مع التوحيد العقدي ( السِمةُ الأم للوطن )
وبينهما مواطن يُدركُ أن السعودية بلادَ الحرمين ، ومهدَ الإسلام ، وأرضَ العرب ، ومستقبلَ الجيلِ فحسب ، و لقد بدا واضحا رفض الانصهار بين أي قوسين في حالة من التحدي والثقة .
بقلم : خالد يحيىَ مُقبِل العنزي
رئيس كتابة العدل الثانية بتبوك
( فك الأقواس ، الجيل الطفل ، رائحة البارود )
من أنتم ؟ كأنما اقترن هذا السؤال الساخر بصوت الزعيم الليبي الراحل ؛ حينما يسأل شعبه بجدية ووعيد ، وهو سؤال وجيه ؛ حينما لا تكون الجسور موصولة ، وأحشاء الوطن تعبث بها أنامل أبنائه .
من أنتم ؟ ثم من أنت ؟
حينما يختصر الإنسانُ الوطنَ في حيازة السلطة ؛ فإنه يقتل أرضه شَرَقَاً بدم أهلها .
عندما تكون الأنا سيدة نحن ، يتحول الزعيمُ نحو عصابةٍ لتستردَ له خِنْجره ، فيستمرأ كلَ القيم البشرية التي يتفق التاريخُ على أنها مولودةٌ مع الإنسان .
وحينما يُقتل المواطن باسم الله والوطن ، وتُعلّق المشانقُ لأهله على ثرى مُختلِطٍ بعظام أجدادهم ، يصبح الوطنُ أكذوبة كبرى كانت للأطفال تُروى ، تجاوزت أعمارهُم تصديقها.
فكُ الأقواس :
منذ الحادي عشر من سبتمبر ، والسعوديون حاضرون في المشهد العالمي بصفة الفاعل ، سبعة عشر من تسعة عشر أسقطوا برج التجارة العالمي ، قوضوا صورة نمطية للحروب الأولية ، فكانت تداعيات الحدث تُصارع ذاتها ؛ لتستولد مثلها فكبرت ككرة الثلج ، فالسعوديون الشعب أبناء الجزيرة وسكانها ، لديهم ما يفعلون ويقولون فمن هم ؟
لم تُفلح الأقلامُ ، ولا مراكزُ الدراسات اليمينية ، واليسارية المتطرفة ، ولا القرارات السياسية والإعلامية ، في حصر السعوديين في سبعة عشر ، أو حتى في خندق القاعدة ، أو ضمن تيار الزمن الفائت ، والمخلوق البدائي .
الإسلام دين السعوديين جميعاً ، وولائهم له يتجاوز الجغرافيا ، ولا يرتبطُ بالتاريخ ، بل بالغاية الشرعية التي خُلق الإنسان من أجلها ، فحقيقة الدين في السعودية - وإن دهم الخطاب الديني عواطف وعواصف أنه لا ينتمي لمنظومة إرث وطني ، وليس دستورا تاريخيا ، وإنما عقيدة قلبية ، يُراد لها أن تكون سلوكاً بشرياً ، لذا تمنّعت أسوارُ السعوديين ، دون الإنخراط في مباراة الغرب والشرق ، التي تقوم على مبدأ الاستنساخ لنجاحات سرقت بعضَ عقلائنا ، وما استطاعت القرارتُ الغير معلنة ، والأبوابُ المشرّعة إدماجَ العقل السعودي في منظومةِ فريق قائم ، أو على مقاعد الاحتياط ، ينتظر دوره في اللحاق بركب هنا أو هناك ، لم يستطع الدفع نحو التشدد والفجور في الاختلاف ، أن يسرق العقولَ وإن حاز بعضَ النصر في المواقفِ أحياناً ، ولم يستطع الدفعُ نحو التخلي عن العقيدةِ السلوكيةِ ، أن يُخبب النفوسَ على مراداتها السامية ، وإن حاز بعضَ النصر في الرأي أحيانا.
الأقواس بين وهم وجودها ، وحقيقة حصارها ، لا تغيب عن التأثير في مفهوم الإنتماءِ والوطن ، وبين قوسين تعيش أطياف المجتمعات ، في انشطار رأسي كفيل بزيادة حجم المسافة ، بين كل متوازيين ، أو تحت حصار تتداخل معه الدوائر ؛ حتى تكاد تغيب ، بين القشر واللب ، بين الماضي والحاضر ، بين القبول والرفض ، بين الأنا و نحن ، بين كلمة الفخر وحقيقة القوة ، بين المسموح والممنوع ، بين الحريات والعادات ، بين رأي السلطان وقوة الرأي .
السعوديون مشياً و هرولة في و حول دائرة الضوء تتشكل صورهم ، ما بين التأبّي على الصفر ، في نسق من التحدي تترجمه خدعةُ الفخرِ الكسول ، عبر أُغنيات و شعارات تفهم الوطنَ تُراباً وأحجاراً ، تتبدل قوافيها تبعا لرموزها في مجدِ وطن ، لا تُعرَفُ ملامحه تماما .
و صورة أخرى ، ترسم نفسها من خلال مغامرة بمُعطَيات صفرية ، في صورةٍ من الممانعةِ والمقاومةِ ، أوقفت الوطنَ على حافة الوادي ، مع هبل ، ومناة ، والعُزى ؛ حتى كاد الوطنُ أن يدخل معركة مراغمة ، لا مع الانتماء ، وإنما مع التوحيد العقدي ( السِمةُ الأم للوطن )
وبينهما مواطن يُدركُ أن السعودية بلادَ الحرمين ، ومهدَ الإسلام ، وأرضَ العرب ، ومستقبلَ الجيلِ فحسب ، و لقد بدا واضحا رفض الانصهار بين أي قوسين في حالة من التحدي والثقة .
بقلم : خالد يحيىَ مُقبِل العنزي
رئيس كتابة العدل الثانية بتبوك