كان الشاعر الإغريقي اشيل يقول مذكراً: ((إن البشر لا يشبعون أبداً من النجاح)). وبعد أكثر من ألفين وخمسمائة عام، لم يعد بالإمكان احصاء الكتب الوجيزة والصحف المخصصة للنجاح لكثرتها.
وهي غالباً من وحي أمريكي، فمحاصرة النجاح بأي ثمن لاقتناصه في الحياة المهنية توجد المزاحمين والمنافسين.
إذ أصبح التفوق هو المطلوب وموضع الاهتمام من الآن فصاعداً بعد أن ازدادت حدة المنافسات. لذا يبدي العالم كله اهتمامه بالوسائط التي يجب استخدامها من أجل إحراز التقدم والتغيير وإيجاد الخطوات المناسبة، والعمل الجيد، والمشروع الناجح، والتأهيل الذي يؤدي إلى مرحلة معينة، والشهادة التي تفتح أبواب مهن الغد.
إن وسواس النجاح يواجه اليوم كل امرئ في حياته الخاصة، وتقدم بعض وسائل الإعلام نماذج من النجاح على أشرطة مصورة وريبورتاجات، وتحت بعض العناوين وفي بعض المقالات.
وقد تستخدم أسطورة نجاح بعض رجال الأعمال (مثل برنار تابي في الثمانينيات) كنقطة أولى يسترشد بها لأنها تشكل علامة نيرة على الطريق. وأصحاب المشاريع من الشبان يزدادون شبهاً بالفاتحين الجدد الذين يندفعون إلى اقتفاء أثر كبار رجال الأعمال ليكونوا وسطاءهم إلى بلوغ مآربهم.
وإن أرباب الصناعة وأصحاب المشاريع والأعمال يتنافسون هم ورجال السياسة على احتلال واجهة المسرح في المجتمع.
وفي الوقت نفسه، يشكو أهل الفكر من ضحالة الأفكار، ونضوب المناقشات الفلسفية، بينما يشكل التلفزيون واجهة براقة تؤدي إلى النجاح الفردي. فترف الدعاية والإعلان، يرفع صورة المؤسسات وقادتها الجدد إلى مستوى رجال ((المشاريع والأعمال)) الذين اعتادوا أكثر من سواهم، على تمثيل دور الناجح الأول في مجتمع من هم محط الأنظار اليوم.
كيف يستطيع الفرد أن يجعل النجاح جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية؟ المهمة ليست سهلة عندما تشعر ضمائرنا بالشفقة على الفقراء الجدد، وعندما تشغل بالنا بقوة بطالة الشبان، وبطالة الأكثر تقدما في السن وهم على عتبة التوقف عن العمل، وعندما تتعرض المشاريع والقطاعات العامة الكبرى والمصارف، والدوائر والإدارات، لتغير أساليب العمل فيها، وتبدل عقول القائمين عليها في الوقت نفسه. وفي هذا العصر الذي يحكمه قانون مزدوج من التغير والتنافس، يصبح النجاح فعلاً مطلب الساعة، لكن ماذا يعني النجاح في العمل، والنجاح في الحياة؟.
كان الكاتب الفرنسي مونتسكيو يقول: ((لكي تنجح في العالم، يجب أن تكون حكيماً في هيئة مجنون)). إن النجاح برنامج واسع. فعندما نتحدث عنه، نجد الجرأة دائماً، بل النضوج أيضاً. وباختصار، نلقى التوازن هو ما يهمنا، لأنه يتعلق بالعالم كله: فالنجاح ليس محصوراً بالشهرة وحدها، إنه أيضاً من صنع أمور مجهولة الأسماء، ولا بالحياة الغنية ولا بعمل حسنت إدارته، ولا بحساب مصرفي كبير، أو بطموحين أوشكوا على الإفادة على أكمل وجه من مواهبهم، وجهودهم، كما لا يقتصر على اغتنام بعض الفرص السعيدة المناسبة، ولا على أشخاص أكثر تواضعاً وغير مرموقين كثيراً. لكن يهتمون بتألقهم الشخصي .
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com
وهي غالباً من وحي أمريكي، فمحاصرة النجاح بأي ثمن لاقتناصه في الحياة المهنية توجد المزاحمين والمنافسين.
إذ أصبح التفوق هو المطلوب وموضع الاهتمام من الآن فصاعداً بعد أن ازدادت حدة المنافسات. لذا يبدي العالم كله اهتمامه بالوسائط التي يجب استخدامها من أجل إحراز التقدم والتغيير وإيجاد الخطوات المناسبة، والعمل الجيد، والمشروع الناجح، والتأهيل الذي يؤدي إلى مرحلة معينة، والشهادة التي تفتح أبواب مهن الغد.
إن وسواس النجاح يواجه اليوم كل امرئ في حياته الخاصة، وتقدم بعض وسائل الإعلام نماذج من النجاح على أشرطة مصورة وريبورتاجات، وتحت بعض العناوين وفي بعض المقالات.
وقد تستخدم أسطورة نجاح بعض رجال الأعمال (مثل برنار تابي في الثمانينيات) كنقطة أولى يسترشد بها لأنها تشكل علامة نيرة على الطريق. وأصحاب المشاريع من الشبان يزدادون شبهاً بالفاتحين الجدد الذين يندفعون إلى اقتفاء أثر كبار رجال الأعمال ليكونوا وسطاءهم إلى بلوغ مآربهم.
وإن أرباب الصناعة وأصحاب المشاريع والأعمال يتنافسون هم ورجال السياسة على احتلال واجهة المسرح في المجتمع.
وفي الوقت نفسه، يشكو أهل الفكر من ضحالة الأفكار، ونضوب المناقشات الفلسفية، بينما يشكل التلفزيون واجهة براقة تؤدي إلى النجاح الفردي. فترف الدعاية والإعلان، يرفع صورة المؤسسات وقادتها الجدد إلى مستوى رجال ((المشاريع والأعمال)) الذين اعتادوا أكثر من سواهم، على تمثيل دور الناجح الأول في مجتمع من هم محط الأنظار اليوم.
كيف يستطيع الفرد أن يجعل النجاح جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية؟ المهمة ليست سهلة عندما تشعر ضمائرنا بالشفقة على الفقراء الجدد، وعندما تشغل بالنا بقوة بطالة الشبان، وبطالة الأكثر تقدما في السن وهم على عتبة التوقف عن العمل، وعندما تتعرض المشاريع والقطاعات العامة الكبرى والمصارف، والدوائر والإدارات، لتغير أساليب العمل فيها، وتبدل عقول القائمين عليها في الوقت نفسه. وفي هذا العصر الذي يحكمه قانون مزدوج من التغير والتنافس، يصبح النجاح فعلاً مطلب الساعة، لكن ماذا يعني النجاح في العمل، والنجاح في الحياة؟.
كان الكاتب الفرنسي مونتسكيو يقول: ((لكي تنجح في العالم، يجب أن تكون حكيماً في هيئة مجنون)). إن النجاح برنامج واسع. فعندما نتحدث عنه، نجد الجرأة دائماً، بل النضوج أيضاً. وباختصار، نلقى التوازن هو ما يهمنا، لأنه يتعلق بالعالم كله: فالنجاح ليس محصوراً بالشهرة وحدها، إنه أيضاً من صنع أمور مجهولة الأسماء، ولا بالحياة الغنية ولا بعمل حسنت إدارته، ولا بحساب مصرفي كبير، أو بطموحين أوشكوا على الإفادة على أكمل وجه من مواهبهم، وجهودهم، كما لا يقتصر على اغتنام بعض الفرص السعيدة المناسبة، ولا على أشخاص أكثر تواضعاً وغير مرموقين كثيراً. لكن يهتمون بتألقهم الشخصي .
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com