مع إشراقة الصباح المشبع بروائح العوادم ، ومع شقشقة وتغاريد الفرامل والزوامير ، حملت زادي وامتطيت صهوة ركوبتي وهربت . وفي الطريق إعترضتني إشارة حمراء وكأنّها تسألني : وين رايح ؟!. لا بدّ وأن أتوقف أمام كل شيء أحمر في هذا العالم احتراما حينا وخوفا حينا آخر . ولأني إنسان يحب البهجة في الحياة ، فإني أكره اللون الأحمر ، فهو لون يدل على الخطورة . سألت الطريق عن سر هذا اللون فجاوبتني الثواني السريعة ، وكشفت لي عن لون أحمر كان يجب أن نحترمه حتى وهو يتدفق بسلام في عروقه . فتركت المشهد في عهدة " الهلال الأحمر " وتذكرت أيضا الصليب الأحمر والجيش الأحمر والموت الأحمر وكل الدماء والدموع التي تسيل على هذا الكوكب " الأقشر " وتابعت مسيري إلى المكان الذي آوي إليه في كل حين . سور له باب ، باطنه فيه سعادتي ، وخارجه فيه سعادة أناس آخرين . أناس لفظتهم المدينة ، لأنهم لا يقدرون على كسب ودّها ولا يستطيعون أن يتلونوا بألوانها ، فوجدوا أنفسهم كرها خارج دائرتها . ما أثقلهم على قلبها وهي تراهم يحيطون بها ويخنقون كبرياءها . قد يأتي إعصار فيقتلعهم أو سيل جارف يأخذهم في ليلة فيرتاح ناظريها من هذا المشهد الذي يخدش جمالها البهي . إنهم أبناؤها الذين أنجبتهم من قبل ، لكنهم فقراء مساكين اتخذوا من الصفيح والجدر الهزيلة سقفا تستر عورتهم .
هناك وعلى " الطرف الأغر " حيّ لم تحفل به أمانة المدينة وقد قام على مرأى ومسمع منها ، وفي فضاءه الرحب هناك أطفال صغار حفاة الأقدام يلعبون ويصنعون بيوتا من الثرى وهم يرددون أنشودة الحب والوفاء " سارعي للمجد والعلياء " .
كم هو جميل أن يسكن الوفاء نفوس أولئك الصغار رغم كل شيء . وهنا أتحدث عن الوجه الآخر لكل مدينة تبدو جميلة .. فالفقر وسوء الحال يبدو في نظر الجمال قبحا , لذلك يعمد الجمال لستره ولو بجدار عازل . وقد يكون العزل أن لا تصل إليه عين الكاميرا التي لا تكذب ، فالعين يتحكم فيها أرباب الجمال الذين يلتقطون المشاهد الرائعة لكل مدينة ، ومعهم الحق في أن يعيشوا جمالهم بدون كدر . هناك يصنع البؤساء جمالا حقيقيا ليس فيه زجاجات عطر ولا باقات ورود . يرقصون رقصة الحب والوفاء على أرض غبراء ملئت بزبل الغنم وبعر الإبل تحجبهم عن عين المدينة الكحيلة سحابة " عجاج " . أقدام حافية صغيرة تثير الغبار فتتلثم المدينة وتضع على عينيها نظارة سوداء وفي أذنيها قطنا. فهي لا تريد أن تشم أو ترى أو تسمع .
كم هو جميل أن تجد مكانا تتمغط فيه وترغي كما تشاء .. وتفرد على أرضه أحلامك .. وتقص عليه وحيدا حكايتك . وبين شجيرات الزيتون والليمون والنخل والرمان وضعت عن كاهلي هموم الدنيا حيث لا " خط أحمر " يعترض طريق أحلامي وأمالي في أن أعيش حرا خلف أسوار المدينة الجميلة . وها هو القمر وقد بزغ ، فملأ نوره فضاء نفسي ، وعلى جمر الغضا كان لليل لحن وقصيدة ، فتناولت " الربابة " وعزفت لنفسي وللشجر والحجر والليل والقمر لحن " الأمل " لعل صوت حنين الربابة يقرع مسامع المدينة فيثير فيها الحنان فتهرع وتستمتع بليالي حي " دمج " وحي " السعيدات " وكل الأحلام المتناثرة حول أسوار المدينة الجميلة .
وتصبحون على خير
ليلة من ليالي " دمج "
هناك وعلى " الطرف الأغر " حيّ لم تحفل به أمانة المدينة وقد قام على مرأى ومسمع منها ، وفي فضاءه الرحب هناك أطفال صغار حفاة الأقدام يلعبون ويصنعون بيوتا من الثرى وهم يرددون أنشودة الحب والوفاء " سارعي للمجد والعلياء " .
كم هو جميل أن يسكن الوفاء نفوس أولئك الصغار رغم كل شيء . وهنا أتحدث عن الوجه الآخر لكل مدينة تبدو جميلة .. فالفقر وسوء الحال يبدو في نظر الجمال قبحا , لذلك يعمد الجمال لستره ولو بجدار عازل . وقد يكون العزل أن لا تصل إليه عين الكاميرا التي لا تكذب ، فالعين يتحكم فيها أرباب الجمال الذين يلتقطون المشاهد الرائعة لكل مدينة ، ومعهم الحق في أن يعيشوا جمالهم بدون كدر . هناك يصنع البؤساء جمالا حقيقيا ليس فيه زجاجات عطر ولا باقات ورود . يرقصون رقصة الحب والوفاء على أرض غبراء ملئت بزبل الغنم وبعر الإبل تحجبهم عن عين المدينة الكحيلة سحابة " عجاج " . أقدام حافية صغيرة تثير الغبار فتتلثم المدينة وتضع على عينيها نظارة سوداء وفي أذنيها قطنا. فهي لا تريد أن تشم أو ترى أو تسمع .
كم هو جميل أن تجد مكانا تتمغط فيه وترغي كما تشاء .. وتفرد على أرضه أحلامك .. وتقص عليه وحيدا حكايتك . وبين شجيرات الزيتون والليمون والنخل والرمان وضعت عن كاهلي هموم الدنيا حيث لا " خط أحمر " يعترض طريق أحلامي وأمالي في أن أعيش حرا خلف أسوار المدينة الجميلة . وها هو القمر وقد بزغ ، فملأ نوره فضاء نفسي ، وعلى جمر الغضا كان لليل لحن وقصيدة ، فتناولت " الربابة " وعزفت لنفسي وللشجر والحجر والليل والقمر لحن " الأمل " لعل صوت حنين الربابة يقرع مسامع المدينة فيثير فيها الحنان فتهرع وتستمتع بليالي حي " دمج " وحي " السعيدات " وكل الأحلام المتناثرة حول أسوار المدينة الجميلة .
وتصبحون على خير
ليلة من ليالي " دمج "