كادت التربية الحديثة، تقضي على المرأة في ذاتيتها الأولى، حيث أخلاقها وصفاتها النسوية، وكان للعوامل الاجتماعية كل الأثر في تكييف خلق المرأة الحالية ونفسيتها: وخروج المرأة إلى معترك الحياة، وتشبهها بالرجال، واتخاذها أعمالهم، وسائل للعيش، كان أدعي إلى الدهشة إذ ترى هذا العمل وقد نشطها.
والنساء إنما خلقن ليبعثن بالحياة، وليكن معينها الفياض، فيجدنها، فهن في ذاتهن (الجنس) وليس معناه الآن ما كان يقصده رجل القرن الثامن عشر: فقد كان المعنى إذ ذاك، أنهن المخلوقات ذوات الصفات المغريات، المتعرضات للجنون والخبل، غير أهل للمعرفة، وغير أهل للتربية، لا يحسن العمل الطيب، ولا يقمن بأدائه، ولكنهن يكدحن، ويتحملن الشقاء والمشاق مادمن فقيرات.
وكن سخرية الماضي، يتحكم فيهن الاجتماع بقوانينه الوضعية، وشرائطه، وكن يمنعن، بزعم الحماية، من كل ما يرفع بهن، ويحسن حالهن، ويرقى عقولهن، ويرقق عواطفهن: وكن إذا طمحن لمثل هذه الحال ذكرن بأنهن نسوة: وكان الرجال يقولون عنهن أنهن ملائكة، ولكنهم يعاملونهن كشريرات مضللات: وإذا أرادت امرأة أن تمرن خلقها وعقلها، ونفسها، وأرادت بها الخير، فإنهم يعتبرون عملها هذا خروجاً على حقيقتها ويلقبونها بالشيطانة، والسليطة، والمسترجلة، أو يعتبرونها غير امرأة: وإذا استحسنت أن تخرج إلى ميدان العمل، وأباحت لنفسها الخروج عن دائرة الحب، والزواج، وتربية الأطفال، والحياة العائلية، أسموها أسماء حطت بها، وأفسدت عليها حياتها.
وكان أن كل ما لا يفيد بأنه نسوى، وكان واجب المرأة الكلى أن تبذل ما عندها من جهد لتنمية قواها، وعواملها الجذابة، فليس ثمة من خاصة للجماعة عند المرأة النشطة الذكية، والجماعة إنما يكون مجهودها أن تعرقل كل ما تريده المرأة أن تبقى ان كان لا يتعلق بالزواج وشؤون الزواج، وكان حقاً عليها أن تبقى كالماء الآسن، حتى يختار لها أبوها من تقاسمه الحياة بعد، فليس لها إلا أن تجمل نفسها، وهو عملها، ومن أجله تبذل كل مجهود لها.
ولترى ملابس النساء، وأزياءهن في ذلك الوقت محلا للسخرية، وكانت في زيها وشكلها إنما تعمل على ما يرتضيه الرجل.
وإذا رجعت إلى تلك الأزياء، وتلك الآلات التي كانت تختارها المرأة لتحسن بها قوامها، أو لتصلح صدرها، رأيت انها كانت بسبيل إلى أمراض قتالة، تزيد آلامها.
وكل هذه ترغب فيها المرأة، لأنها تحلو بها في عيني الرجل، على أن الرجل وهو يعلم أضرارها، كان يحسن للمرأة أن تقتنيها أيضاً، ويشجعها كل التشجيع، وبذا أصبح اقتناؤها بعد هذا الإغراء، مادة قل أن تستطيع الاقلاع عنها.
فإذا آخذ الرجل المرأة فيما تلبس، ومن أجل ما تزدان به، فليعلم أنه هو الذي أقام لها هذا النوع من الزينة، وانه هو الذي غرس في فؤادها هذه الشهوة، وهو الذي أنمى في نفسها غريزة الزينة، وقواها، وأخرجها عن حدودها وإذا قارنت بين أصل هذه الانحرافات في ملبس المرأة وبين ما أصابها في عقلها، وجدتها سواء بسواء.
فذوات العقل الراجح من النساء، إنما يهزأن، بطبيعتهن، من الأنوثة المتطرفة في النساء الأخريات، ولا يعجبهن دلال الأولى يذهب بهن حب الترف: والنسوة المتعلمات، الطليقات من قيود الجماعات إنما يثرن ضد القديم من الأنظمة، ويحاولن أن يقضين عليها، ويعتبرن أخواتهن الأخريات سلعاً لا قيمة لها.
والنسوة اللاتي يلبسن الروؤس الشعرية القصيرة، ويحلو لهن التشبه بالرجال إنما يخضعن لرغبات رقيهن، ويحزننا أن بعضهن يقلدن الرجال في أحقر صفاتهم، ويتعلمن من الحياة، فلسفة، ليست هي في ذاتها نسوية، وليست هي أيضاً من نوع ما يقتنيه الرجال، ولكن هذا العصر، عصر النشاط إنما يصحبه بعض التفريطات المضره بالحياة نفسها، ومن العجلة أن ننذر الاجتماع بأن المرأة ستفقدها ما لها من صفات نسوية في عراكها للحصول على الحقوق الانسانية التي تعمل من أجلها.
يقول الأستاذ عبدالعزيز الصدر في كتابه ( فن الزواج ) : إنني مسن، أذكر المرأة منذ أربعين سنة، في عصر كانت لا تخرج فيه، إلا ويحميها من يذهب بها إلى الجهة التي تريدها، واذكر ذلك العهد، حيث كانت المرأة غيرها اليوم، وأنني لأقول اليوم أنني أحيا وأملي كبير في أن تنال المرأة نجاحاً عظيماً.
وذلك: لأنها إنما تعمل لإصلاح نفسها، أدبياً، ومادياً، وصحياً، وقد ظهرت مقدرتها في كثير من الشؤون الاجتماعية الحالية: فهناك مشاريع، وهناك نشاط يتعقب عمل المرأة، وغيرة تدفع بها إلى الإصلاح الاجتماعي، وصحياً: فان المرأة سيحسن قوامها، وتطيب في داخلها، فتحمل أطفالاً أصحاء الأجسام، أقوياء، وهي اليوم بمقارنتها بجداتنا، وبالأحرى بأمهاتنا نرى فتاة اليوم خطت خطوة واسعة في سبيل الرقى المادي.
وهذه ولاشك يمكن أن تخفف عنها متروكات أمهاتها وجداتها، حيث تركن الكثير من الأمراض، والحركة القائمة اليوم، المملوءة بالنشاط والعمل، انما تقضى على كثير من هذه الأمراض، وكذلك الأمر مع التربية، والاتساع فيها، وإعطائها الفرص العالية إنما تخفف من وطأة الأمراض النفسية، وتخلق مدنية صالحة.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
والنساء إنما خلقن ليبعثن بالحياة، وليكن معينها الفياض، فيجدنها، فهن في ذاتهن (الجنس) وليس معناه الآن ما كان يقصده رجل القرن الثامن عشر: فقد كان المعنى إذ ذاك، أنهن المخلوقات ذوات الصفات المغريات، المتعرضات للجنون والخبل، غير أهل للمعرفة، وغير أهل للتربية، لا يحسن العمل الطيب، ولا يقمن بأدائه، ولكنهن يكدحن، ويتحملن الشقاء والمشاق مادمن فقيرات.
وكن سخرية الماضي، يتحكم فيهن الاجتماع بقوانينه الوضعية، وشرائطه، وكن يمنعن، بزعم الحماية، من كل ما يرفع بهن، ويحسن حالهن، ويرقى عقولهن، ويرقق عواطفهن: وكن إذا طمحن لمثل هذه الحال ذكرن بأنهن نسوة: وكان الرجال يقولون عنهن أنهن ملائكة، ولكنهم يعاملونهن كشريرات مضللات: وإذا أرادت امرأة أن تمرن خلقها وعقلها، ونفسها، وأرادت بها الخير، فإنهم يعتبرون عملها هذا خروجاً على حقيقتها ويلقبونها بالشيطانة، والسليطة، والمسترجلة، أو يعتبرونها غير امرأة: وإذا استحسنت أن تخرج إلى ميدان العمل، وأباحت لنفسها الخروج عن دائرة الحب، والزواج، وتربية الأطفال، والحياة العائلية، أسموها أسماء حطت بها، وأفسدت عليها حياتها.
وكان أن كل ما لا يفيد بأنه نسوى، وكان واجب المرأة الكلى أن تبذل ما عندها من جهد لتنمية قواها، وعواملها الجذابة، فليس ثمة من خاصة للجماعة عند المرأة النشطة الذكية، والجماعة إنما يكون مجهودها أن تعرقل كل ما تريده المرأة أن تبقى ان كان لا يتعلق بالزواج وشؤون الزواج، وكان حقاً عليها أن تبقى كالماء الآسن، حتى يختار لها أبوها من تقاسمه الحياة بعد، فليس لها إلا أن تجمل نفسها، وهو عملها، ومن أجله تبذل كل مجهود لها.
ولترى ملابس النساء، وأزياءهن في ذلك الوقت محلا للسخرية، وكانت في زيها وشكلها إنما تعمل على ما يرتضيه الرجل.
وإذا رجعت إلى تلك الأزياء، وتلك الآلات التي كانت تختارها المرأة لتحسن بها قوامها، أو لتصلح صدرها، رأيت انها كانت بسبيل إلى أمراض قتالة، تزيد آلامها.
وكل هذه ترغب فيها المرأة، لأنها تحلو بها في عيني الرجل، على أن الرجل وهو يعلم أضرارها، كان يحسن للمرأة أن تقتنيها أيضاً، ويشجعها كل التشجيع، وبذا أصبح اقتناؤها بعد هذا الإغراء، مادة قل أن تستطيع الاقلاع عنها.
فإذا آخذ الرجل المرأة فيما تلبس، ومن أجل ما تزدان به، فليعلم أنه هو الذي أقام لها هذا النوع من الزينة، وانه هو الذي غرس في فؤادها هذه الشهوة، وهو الذي أنمى في نفسها غريزة الزينة، وقواها، وأخرجها عن حدودها وإذا قارنت بين أصل هذه الانحرافات في ملبس المرأة وبين ما أصابها في عقلها، وجدتها سواء بسواء.
فذوات العقل الراجح من النساء، إنما يهزأن، بطبيعتهن، من الأنوثة المتطرفة في النساء الأخريات، ولا يعجبهن دلال الأولى يذهب بهن حب الترف: والنسوة المتعلمات، الطليقات من قيود الجماعات إنما يثرن ضد القديم من الأنظمة، ويحاولن أن يقضين عليها، ويعتبرن أخواتهن الأخريات سلعاً لا قيمة لها.
والنسوة اللاتي يلبسن الروؤس الشعرية القصيرة، ويحلو لهن التشبه بالرجال إنما يخضعن لرغبات رقيهن، ويحزننا أن بعضهن يقلدن الرجال في أحقر صفاتهم، ويتعلمن من الحياة، فلسفة، ليست هي في ذاتها نسوية، وليست هي أيضاً من نوع ما يقتنيه الرجال، ولكن هذا العصر، عصر النشاط إنما يصحبه بعض التفريطات المضره بالحياة نفسها، ومن العجلة أن ننذر الاجتماع بأن المرأة ستفقدها ما لها من صفات نسوية في عراكها للحصول على الحقوق الانسانية التي تعمل من أجلها.
يقول الأستاذ عبدالعزيز الصدر في كتابه ( فن الزواج ) : إنني مسن، أذكر المرأة منذ أربعين سنة، في عصر كانت لا تخرج فيه، إلا ويحميها من يذهب بها إلى الجهة التي تريدها، واذكر ذلك العهد، حيث كانت المرأة غيرها اليوم، وأنني لأقول اليوم أنني أحيا وأملي كبير في أن تنال المرأة نجاحاً عظيماً.
وذلك: لأنها إنما تعمل لإصلاح نفسها، أدبياً، ومادياً، وصحياً، وقد ظهرت مقدرتها في كثير من الشؤون الاجتماعية الحالية: فهناك مشاريع، وهناك نشاط يتعقب عمل المرأة، وغيرة تدفع بها إلى الإصلاح الاجتماعي، وصحياً: فان المرأة سيحسن قوامها، وتطيب في داخلها، فتحمل أطفالاً أصحاء الأجسام، أقوياء، وهي اليوم بمقارنتها بجداتنا، وبالأحرى بأمهاتنا نرى فتاة اليوم خطت خطوة واسعة في سبيل الرقى المادي.
وهذه ولاشك يمكن أن تخفف عنها متروكات أمهاتها وجداتها، حيث تركن الكثير من الأمراض، والحركة القائمة اليوم، المملوءة بالنشاط والعمل، انما تقضى على كثير من هذه الأمراض، وكذلك الأمر مع التربية، والاتساع فيها، وإعطائها الفرص العالية إنما تخفف من وطأة الأمراض النفسية، وتخلق مدنية صالحة.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية