الأستاذ عبد الرحمن العكيمي كاتب وروائي أشهر من أذكره في مقال .. شخص وفي ّ لمبادئه وأصالته غير منجرف للشهرة على حساب القيم والأخلاق . وهنا سوف أتسلق ظهر هذا العملاق - دون إذنه - متطفلا .
قبل أيام كتب تغريدة قال فيها : كلما ازدادت تنبؤات وتحليلات الطقس من المغردين , كلما غادرنا المطر - يا جماعة الخير - للمطر دهشة وبهجة , دعوها تأتي بتلقائية . إرحمونا !
أعجبتني التغريدة , وتذكرت روايته ( رقصة أم الغيث ) فأرسلت إليه تغريدة قلت فيها : ما رأيك في رقصة أم الغيث بدلا من تحليلات الطقس ؟. حين كان الناس على البركة تهطل البركة
ويحك يا عبد الرحمن حين تريد أن تعيدنا إلى البراءة ! .. إلى " ترمومتر " الصحراء .. حين كانت العيون تنظر بشوق إلى الأفق البعيد لتقرأ من خلاله نشرة أخبار السماء .. وهناك فرحة برؤية قدوم الغيث أو بقدوم البشير به حيث هطل . وهنا صورة من ذاكرة الأيام في قول الأول
يا زين شدتهم آليا روح المال يتلون برّاق حقوق مخيله
ولا قادنا من يمه القفر خيال يصبح شديد البدو عجل رحيله
وفي قول الآخر :
إظعونهم مع كل روض دواكيك بدو يناحيها بروق الحمادي
شدوا على المظهور مع تعوعي الديك يا زين حس الورع لمّه ينادي
وهنا ومضة من أرشيف الأيام . ففي سوح غير ذي زرع كان بيتنا مشدوحا هناك ، تعصف به الريح فتكاد تقلتع أوتاده .. كانت الريح العاصف تبشر بخير .. ذلك ما قرأته أمي ، فأخذت تعد العدة لليلة مطيرة .. لم يخب رجاؤها ومع غروب الشمس هطل الخير .. فأشرق وجهها كإشرقة ذلك السّوح حين يلمع البرق على صفحته .. كاد البيت أن يسقط على رؤوسنا فأخذت تشد حبلا وترخي آخر، وتعمل حول البيت ( ناي ) لتصريف الماء . كنت أراقب المشهد من تحت لحاف الصوف وتحتي فرشة ( سليب هاي ) من الشيح والقيصوم ، وأنا أحتضن أحد صغار البهم ، بانتظار " فويرة " الحليب .. ذلك كان همي غير آبه بقعقعة رعد ولا بلمعة برق ولا بواكف يقطر هنا وهناك .. فهناك أمي المبللة بماء المطر . رأيتها وهي بجوار النار تتدفأ والبخار يتصاعد من ملابسها .. ربما لم يكن لديها غير تلك الملابس . وما أن أصبح الصباح حتى أسفر عن منظر مبهج بديع .
سمعت أحدهم يقول في تلك الليلة : على " الطبيق " أرعدي !. ربما تمنى أن يعم الخير مراتع أخرى .
لست بصدد قراءة في رواية العكيمي .. لكنه أثار في نفسي الحنين إلى البراءة .. إلى تلك الوجوه السّمحة ، التي وإن أجدبت الأرض من حولهم تبقى نفوسهم مخضرة بطيب مكارم الأخلاق .. ربما كان هناك جهل بتعلق البعض منهم بشيء من الأساطير . لكن يبقى تعلقهم بالواحد الأحد سبحانه وتعالى أكبر . كانت أمي يرحمها الله - حين تستيقظ من نومها لتبدأ يومها الجديد تقول : أصبحنا وأصبح الملك لله .. وحين ترى الهلال بازغا في أول ليلته تقف وتدعو أن يجعله الله شهر خير وبركة . إننا اليوم لا ندري من أين تطلع الشمس !
فإذا كان الناس في زمن الجهل قد تعلقوا بأسطورة " أم الغيث " فإنهم في زمن العلم يضعون أمالهم في مثل عاصفة " باتريسيا " التي ستجلب لنا معها الغيث . ففي نزول الغيث تذكير بعظمة الخالق عز وجل .. وفي صورة القحط والربيع تذكير بالحياة والموت والبعث والنشور . وقد ينزل المطر الكثير ولا يكون غيثا , وفي الحديث : ليس السنة ألا تمطروا" يعني ليس الجدب ألا تمطروا ( بل السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً ). وقد ينزل القليل من المطر فتصبح الأرض مخضرة . كحال تلك السنة التي أطلق عليها الناس ( ربيع الدمنة أو البعرة ) .
فالحمد لله وكفى .. والصلاة والسلام على البشير النذير محمد رسول الهدى
وتحيّة لأستاذي الكريم " عبد الرحمن العكيمي "
والسلام
قبل أيام كتب تغريدة قال فيها : كلما ازدادت تنبؤات وتحليلات الطقس من المغردين , كلما غادرنا المطر - يا جماعة الخير - للمطر دهشة وبهجة , دعوها تأتي بتلقائية . إرحمونا !
أعجبتني التغريدة , وتذكرت روايته ( رقصة أم الغيث ) فأرسلت إليه تغريدة قلت فيها : ما رأيك في رقصة أم الغيث بدلا من تحليلات الطقس ؟. حين كان الناس على البركة تهطل البركة
ويحك يا عبد الرحمن حين تريد أن تعيدنا إلى البراءة ! .. إلى " ترمومتر " الصحراء .. حين كانت العيون تنظر بشوق إلى الأفق البعيد لتقرأ من خلاله نشرة أخبار السماء .. وهناك فرحة برؤية قدوم الغيث أو بقدوم البشير به حيث هطل . وهنا صورة من ذاكرة الأيام في قول الأول
يا زين شدتهم آليا روح المال يتلون برّاق حقوق مخيله
ولا قادنا من يمه القفر خيال يصبح شديد البدو عجل رحيله
وفي قول الآخر :
إظعونهم مع كل روض دواكيك بدو يناحيها بروق الحمادي
شدوا على المظهور مع تعوعي الديك يا زين حس الورع لمّه ينادي
وهنا ومضة من أرشيف الأيام . ففي سوح غير ذي زرع كان بيتنا مشدوحا هناك ، تعصف به الريح فتكاد تقلتع أوتاده .. كانت الريح العاصف تبشر بخير .. ذلك ما قرأته أمي ، فأخذت تعد العدة لليلة مطيرة .. لم يخب رجاؤها ومع غروب الشمس هطل الخير .. فأشرق وجهها كإشرقة ذلك السّوح حين يلمع البرق على صفحته .. كاد البيت أن يسقط على رؤوسنا فأخذت تشد حبلا وترخي آخر، وتعمل حول البيت ( ناي ) لتصريف الماء . كنت أراقب المشهد من تحت لحاف الصوف وتحتي فرشة ( سليب هاي ) من الشيح والقيصوم ، وأنا أحتضن أحد صغار البهم ، بانتظار " فويرة " الحليب .. ذلك كان همي غير آبه بقعقعة رعد ولا بلمعة برق ولا بواكف يقطر هنا وهناك .. فهناك أمي المبللة بماء المطر . رأيتها وهي بجوار النار تتدفأ والبخار يتصاعد من ملابسها .. ربما لم يكن لديها غير تلك الملابس . وما أن أصبح الصباح حتى أسفر عن منظر مبهج بديع .
سمعت أحدهم يقول في تلك الليلة : على " الطبيق " أرعدي !. ربما تمنى أن يعم الخير مراتع أخرى .
لست بصدد قراءة في رواية العكيمي .. لكنه أثار في نفسي الحنين إلى البراءة .. إلى تلك الوجوه السّمحة ، التي وإن أجدبت الأرض من حولهم تبقى نفوسهم مخضرة بطيب مكارم الأخلاق .. ربما كان هناك جهل بتعلق البعض منهم بشيء من الأساطير . لكن يبقى تعلقهم بالواحد الأحد سبحانه وتعالى أكبر . كانت أمي يرحمها الله - حين تستيقظ من نومها لتبدأ يومها الجديد تقول : أصبحنا وأصبح الملك لله .. وحين ترى الهلال بازغا في أول ليلته تقف وتدعو أن يجعله الله شهر خير وبركة . إننا اليوم لا ندري من أين تطلع الشمس !
فإذا كان الناس في زمن الجهل قد تعلقوا بأسطورة " أم الغيث " فإنهم في زمن العلم يضعون أمالهم في مثل عاصفة " باتريسيا " التي ستجلب لنا معها الغيث . ففي نزول الغيث تذكير بعظمة الخالق عز وجل .. وفي صورة القحط والربيع تذكير بالحياة والموت والبعث والنشور . وقد ينزل المطر الكثير ولا يكون غيثا , وفي الحديث : ليس السنة ألا تمطروا" يعني ليس الجدب ألا تمطروا ( بل السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً ). وقد ينزل القليل من المطر فتصبح الأرض مخضرة . كحال تلك السنة التي أطلق عليها الناس ( ربيع الدمنة أو البعرة ) .
فالحمد لله وكفى .. والصلاة والسلام على البشير النذير محمد رسول الهدى
وتحيّة لأستاذي الكريم " عبد الرحمن العكيمي "
والسلام