كتب جاك آتالي في الثمانينيات كتاباً بعنوان محمودية الحقيقة يقول فيه: في العلوم الإنسانية، في السياسة في الاقتصاد، ها أنت ترى اليوم شيوع الكذب في كل مجال, فهل يجب الرضا بذلك على أنه شبح يلازم كل نظام اجتماعي، أم يجب شجبه على أنه أفيون قاتل؟
لا ريب أنه ينبغي أولاً أن نقيس مداه ودوره في كافة حقول المجتمع.
وفي العلوم الإنسانية، نرى أن كل فريق يجمع جُل قواه للتجني على أفكار الآخرين من أجل انتقادها .
فاللينينيون يجعلون من أصحاب النظريات الاشتراكية حلفاء لرأس المال، والاقتصاديون الرياضيون يعاملون الاقتصاديين الآخرين على أنهم مشعوذون ويأتون على ذلك بشواهد (غير أمينة)، والمحللون النفسيون لا يرضون أن يأتي من يشاطرهم التفكير على حلبتهم، وإلا انهالوا عليهم بالشتيمة والطعن والأذى!!
وفي الاقتصاد نجد أن الكذب أكثر من أي وقت مضى، هو القاعدة الضرورية لألاعيب هذا الزمان، فهم يكذبون في توزيع الدخول ليرضى الناس بعدم المساواة ويكذبون في جودة الأشياء كي يُدخلوا في اعتقاد الناس أنهم يستطيعون إشباع جميع التطلعات التي تحيط بها دعايتهم ويكذبون في أسباب الأزمة كي يرضى الناس بنتائجها ويكذبون في قيمة النقود كي يتحمل الناس سيطرتها.
لم كل ذلك ؟!, لم هذا العالم؟ عالم الوهم والسباب واللعب والخداع؟ لم يجعلون من الكذب المناخ اليومي، الأليم، لكل الأفعال لكل الأقوال، لكل الأنظمة الاجتماعية؟
ومع الكذب الكبير في الاقتصاد، لا يعود المنتجون يصدقون بوجود حد ما لنمو الأجور، فيمتنع بذلك كل تحول ناجح، ومع الكذب الكبير على المستهلكين ينتهي الأمر إلى إثارة أذواقهم نحو سلع أخرى يحلمون بها أكثر كفاءة وأقوى متانة، نحو أفيون آخر!!
ومن ثم، ينبغي أن تكون لدينا الشجاعة لنقول إن البؤس والجوع في العالم هما خطيئتنا نحن، لا خطيئة المصادفة, إن فساد عالمنا هو في قبولنا الضمني لجميع هذه الأكاذيب التي في النهاية تقتل الناس حتماً كما تقتلهم البنادق.
إن الإسلام في عقائده وعباداته ومعاملاته وآدابه وسياساته وتشريعاته كفيل بمحاصرة هذه الأزمات.
ذلك لأن الإسلام ينهى عن الكذب والتضليل والغش والخداع والفحش والسباب والأذى والدعاية الكاذبة والعلوم المزورة. ويدعو إلى الصدق حتى في المزاح، كما يدعو لأن تنزل الناس منازلهم، وأن لا نبخسهم أشياءهم.
وإذا أردنا أن نعرف ما بين الصدق والكذب، لننظر ما تركه الصادقون من آثار مباركة طيبة، وما خلفه الكاذبون من شرور وآثام ومفاسد وآلام، قديماً وحديثاً، علماً وعملاً، قولاً وفعلاً، حالاً ومآلاً.
ختاماً أقول : إن للكذب وجوهاً عديدة اجتماعية وسياسية ونفسية واقتصادية, بيد أننا متفقون جميعاً على أنه رذيلة ينبغي الحذر منها، وسيئة ينبغي التخلص منها، فكيف إذا خالطت حياتنا الاجتماعية والاقتصادية!!!,,.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
لا ريب أنه ينبغي أولاً أن نقيس مداه ودوره في كافة حقول المجتمع.
وفي العلوم الإنسانية، نرى أن كل فريق يجمع جُل قواه للتجني على أفكار الآخرين من أجل انتقادها .
فاللينينيون يجعلون من أصحاب النظريات الاشتراكية حلفاء لرأس المال، والاقتصاديون الرياضيون يعاملون الاقتصاديين الآخرين على أنهم مشعوذون ويأتون على ذلك بشواهد (غير أمينة)، والمحللون النفسيون لا يرضون أن يأتي من يشاطرهم التفكير على حلبتهم، وإلا انهالوا عليهم بالشتيمة والطعن والأذى!!
وفي الاقتصاد نجد أن الكذب أكثر من أي وقت مضى، هو القاعدة الضرورية لألاعيب هذا الزمان، فهم يكذبون في توزيع الدخول ليرضى الناس بعدم المساواة ويكذبون في جودة الأشياء كي يُدخلوا في اعتقاد الناس أنهم يستطيعون إشباع جميع التطلعات التي تحيط بها دعايتهم ويكذبون في أسباب الأزمة كي يرضى الناس بنتائجها ويكذبون في قيمة النقود كي يتحمل الناس سيطرتها.
لم كل ذلك ؟!, لم هذا العالم؟ عالم الوهم والسباب واللعب والخداع؟ لم يجعلون من الكذب المناخ اليومي، الأليم، لكل الأفعال لكل الأقوال، لكل الأنظمة الاجتماعية؟
ومع الكذب الكبير في الاقتصاد، لا يعود المنتجون يصدقون بوجود حد ما لنمو الأجور، فيمتنع بذلك كل تحول ناجح، ومع الكذب الكبير على المستهلكين ينتهي الأمر إلى إثارة أذواقهم نحو سلع أخرى يحلمون بها أكثر كفاءة وأقوى متانة، نحو أفيون آخر!!
ومن ثم، ينبغي أن تكون لدينا الشجاعة لنقول إن البؤس والجوع في العالم هما خطيئتنا نحن، لا خطيئة المصادفة, إن فساد عالمنا هو في قبولنا الضمني لجميع هذه الأكاذيب التي في النهاية تقتل الناس حتماً كما تقتلهم البنادق.
إن الإسلام في عقائده وعباداته ومعاملاته وآدابه وسياساته وتشريعاته كفيل بمحاصرة هذه الأزمات.
ذلك لأن الإسلام ينهى عن الكذب والتضليل والغش والخداع والفحش والسباب والأذى والدعاية الكاذبة والعلوم المزورة. ويدعو إلى الصدق حتى في المزاح، كما يدعو لأن تنزل الناس منازلهم، وأن لا نبخسهم أشياءهم.
وإذا أردنا أن نعرف ما بين الصدق والكذب، لننظر ما تركه الصادقون من آثار مباركة طيبة، وما خلفه الكاذبون من شرور وآثام ومفاسد وآلام، قديماً وحديثاً، علماً وعملاً، قولاً وفعلاً، حالاً ومآلاً.
ختاماً أقول : إن للكذب وجوهاً عديدة اجتماعية وسياسية ونفسية واقتصادية, بيد أننا متفقون جميعاً على أنه رذيلة ينبغي الحذر منها، وسيئة ينبغي التخلص منها، فكيف إذا خالطت حياتنا الاجتماعية والاقتصادية!!!,,.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية