عندما نرى واقع المسلمين اليوم نتذكر الحديث النبوي الكريم ( يوشك أن تداعى عليكم الامم كما تداعى الأكلة الى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال صلى الله عليه وسلم : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاءً كغثاء السيل ... ) . الأحداث تتكرر من زمن الى اخر والتاريخ كر وفر وبه دروس وعبر ، وللنظر لبعض الوقائع والقصص للوقوف معها للاستفادة منها في واقعنا ومستقبلنا ... فعندما مكرت قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم وتشاوروا وتأمروا على سجنه أو قتله أو نفيه (وإذ يمكربك) أي إجتمعوا للمشاورة والتدبير الخفي .. ( ليثبتوك ) أي يوثقوك بالقيد .. ( أو يقتلوك ) قتلة رجل واحد .. ( أو يخرجوك ) من مكة .. ولكن أوحى الله الى نبيه بالخروج (والله خير الماكرين ) وأفضل المدبرين ... فهاجر صلى الله عليه وسلم ثم رجع الى مكة فاتحاً منتصراً فأمّن وعفا عن أهلها ( ويمكرون ويمكر الله ) . ولننظر في معاهدة صُلح الحديبية ونرى الخير الذي جاء من ورائها للمسلمين بعد أن كانت في ظاهرها إهانة لهم ولكن في حقيقتها ونهاية الامر نصر وعز كما وصفها الله عزوجل فتحاً مبيناً بكل المقاييس ( ويمكرون ويمكر الله ) . واخوة يوسف عليه السلام عندما تضاعف الحسد في نفوسهم وزاد حقدهم عليه فنسجوا مؤامرة وتظاهروا بحب أخيهم وأقسموا ان يحافظوا عليه ولكنهم وضعوه في البئر وتركوه وحيداً وبعد مرحلة من الشدائد .. سٓلم له ملك مصر خزائنه ليقود سفينة الاقتصاد في سنيين الجذب وقد مكن الله له ادارة شئون البلاد وحضر اليه اخوته يطلبون الطعام فاستقبلهم بحسن الضيافة والعفو. ( ويمكرون ويمكر الله ) . وقوم لوط عندما هموا بإخراجه ونفيه ومن معه من المؤمنين فأخرجه الله سالماً وأهلكهم وهذا بسبب واحد ( أخرجوهم من قريتكم إنهم اناس يتطهرون ) فجعل عالي القرية سافلها لأنهم تطاولوا على النبي المبعوث لهم ( ويمكرون ويمكر الله ) . وفي عهد فرعون حين تجبر وطغى وبغى اتخذ قراراً ومرسوماً بأن يقتل في تلك السنة كل مولود ذكر من بني اسرائيل لانه اخبره بعض العرافين انه يولد من بني اسرائيل غلام يكون على يديه هلاك ملك مصر فكانت احصائية لكل بيت ومعرفة موعد الولادة فإن كان ذكر أُخذ وقُتل حتى ولد موسى عليه السلام وكانت حكمته عزوجل انه يتربى في قصر فرعون بعد أن ألقته أُمه في النهر وهو رضيع .. فكانت اول محنة في حياته ثم مرحلة شبابه إلى ان نصره الله وأغرق فرعون وجنوده ( ويمكرون ويمكر الله ). وعندما استولى الصليبيون على كثير من بلدان المسلمين ودنسوا المسجد الاقصى مايزيد عن قرن من الزمان ظن الكثير انه لن تقوم قائمة اخرى للمسلمين حتى حرره الله في معركة حطين الحاسمة ( ويمكرون ويمكر الله ). وهكذا .. أهل الكفر والنفاق في كل زمان يمكرون بأهل الحق وهذا مانراه الان من الفتن في المجتمعات الاسلامية من حروب وقتل وتشريد .. ولكن سيكون مكرهم وادواتهم وامكانياتهم أدوات لتدميرهم --فالتاريخ لايكذب -- والمستقبل للاسلام والمسلمين لامحالة بإذن الله . اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم ، وردنا إلى دينك رداً جميلاً .
ابراهيم هجان
ابراهيم هجان