اريقوه ؛ فإنه لا قيمة له ! اسفكوه: فإنه لا ناصر له ! اسفحوه ؛ فإنه لا دية له !
اسكبوه ليجري كالأنهار ، ولا تخشوا من ورائه طالباً ، فمثل هذا الدم ؛ أمره لا يهم !
وماذا يعني أصلاً لنا ؟ إننا لا نشرتك معه إلا في تشابه اللون فقط ، وطريقة الجريان ، وإلا فليس لنا به شأن ، ولا بيننا وبينه وصل !
صُبوه صباً ! فلا خير فيه ، إنه من أرخص نفسه ، بعد نفاسته ، وهو الذي أختار إهراقه وإرهاقه .
إنه ليس بشيء !
إنه لا يعدو أن يكون دما فلسطينيا أو سوريا أو يمنيا ، لا يعدو أن يكون عراقيا أو افغانياً .
إنه دم مسلم فقط .
دم مسلم وحسب ! اعذروني فتلك مشاعر كثير منّا تجاه من زعمنا أننا منه وهو منّا !
إنه الدم الذي يراق فلا يجد من يبكيه ، هو الدم الذي يسفح فلا يجد منا مَن بمقال أو قصيدة يرثيه .
إنه دم مسلم ومنظر اعتدنا رؤيته ، فأصبح روتيناً عندنا منظره !
أرجوكم ! دعوني اليوم من مقال في سياسة أو سلوك أو ثقافة أو أدب ، فلا والله ما في الصدر إلا هموم تتلجلج ، وما في العين إلا دموع تتوهج ، دعوني أبكيهم يوم بكى الناس على غيرهم ، دعوني أرثيهم يوم رثى الخليل خليله والآخذ معطيه !
دعوني اكتب لهم عن أعينٍ بكت ؛ شفقة عليهم ، وزفرات تتردد في الصدر يكاد حرها أن يصل إليهم .
لقد أصبنا من كثرة ما نراه من مشاهد قتلهم وتشريدهم بتبلد يكاد ينسينا أننا جسد واحد !
حتى التألم لهم ، أو مجرد التوجّد عليهم ، أصبح لا يعدو أن يصاحب المشهد ؛ فينقضي بانقضائه ويعود إلينا تبلدنا من جديد ؛ بمجرد تغيير المحطة إلى غيرها .
وا حرّ قلبي عليك ايها الجسد الواحد : إلا تشعر بأعضائك التي مزقت .. ؟
زفرة ( المؤمن للمؤمن كالجسد .. )