لاشك أننا جميعا ملمعون ومدهنون ومجملون , لأننا قد خلقنا هكذا وعلى الفطرة التي لم ولن تتغير معنا أبدا , كما أننا مازلنا نحب ذلك لربما من أجل المصلحة العامة وربما أيضا من أجل إرضاء الغير , لأن في إرضاؤهم غاية لا تدرك , و كل ذلك قد نتفق عليه جميعا لأن العمل والهدف الذي نريد به للوصول من أجله طريقه واحد , إلا أن الاختلاف فيه فلن يكون متشابها أو متفقا عليه وكونه سيختلف تماما بيننا , وهذا الاختلاف واضح في ظاهره ومختلف في باطنه تبعا من شخص لآخر وكل بحسب نيته والنية محلها القلب , فهناك مثلا من يلمع ويدهن ويجمل أيضا لمركبته قبل أن يبيعها من أجل الوصول بها إلى قيمة أعلى أو مناسبة قد ترضيه وقد ترضي أيضا أو يعجب بها في نفس الوقت أي مشتري لها ليدفع لصحابها بأي قيمة مرضية له , ومن هنا .. إذ نجد بأن النية قد اتفقت لكليهما , فصاحب المركبة قد كانت نيته فقط الحصول على قيمة أفضل لمركبته دون أن يضحك على المشتري وهذا من حقه , كما أن المشتري قد كانت نيته واضحة من حيث الرغبة والإعجاب للمركبة , فبالرغم من علمه ومعرفته جيدا بأنها ملمعة ومدهونة وجميلة إلا أنه قد أعجب بها وأقتنع بشرائها فورا وبسعرها المطلوب ودون تردد , وكليهما فقد كانا واضحين في فعل ما قد سبق ذكره , كما أن نيتهما لم تكن إلا لفعل الخير , وبالرغم من أوجه الاختلاف في مقصدهما , إلا أن العكس سيكون صحيحا في حالة إن اتفقت نيتهما على أن يضحك كل منهما على الآخر , وقس بهذا المثال على كل مسئول مثلا : كأن يتم تلميع وتدهين وتجميل أو تحسين صورته وشكله أمام الناس , سواء أكان ذلك صادرا من أقرب المقربين له أو ممن يشاركونه في كل شي وكان باطنا فيما بينهم , كالهيلمة الدعائية والإعلامية أو كغيرها من الأساليب الأخرى , رغم أنه قد كان من قبل معروفا ومكشوفا من الداخل بخبثه وقبحه وبفساده وأخلاقه .. الخ , وحتى إن كان كذلك فلن ولم يكن بحاجة أو ليحتاج أصلا إلى كل هذه الأساليب القذرة , وكونه لم يثبت للغير أو ليقدم لهم أو ليتقدم بهم ولو بخطوة واحدة فقط نحو الأمام وعلى أن تكون جادة وواضحة , كي تكون سترا وعونا وغطاء له ولكي تحجب عنه كل عيوبه وأخطائه , وكذلك هو الحال أيضا مع كل البشر بكلى الجنسين الذكر والأنثى , وفي الختام .. فكلنا مجرد بشر محملون بالعيوب والأخطاء , وسيبقى الساتر لنا هو المولى سبحانه وتعالى , فستره علينا هو ما قد جعلنا لأن نكون ملمعين وحسيني الشكل والمظهر من أمام الناس بالرغم من كثرة عيوبنا وأخطائنا الداخلية , ولكي يكون غطاء لنا ليخفي عن كل عيوبنا وأخطائنا والتي مازالت قدرا محتما بل ومكتوبة علينا , وعليه فلا يوجد بيننا أوفي كل هذا الكون من هو كامل في كل شي أو كان خاليا من العيوب والأخطاء , لأن العزة والكمال لله وحده جل وعلى شأنه وهو على كل شي قدير.