×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
علي عيد بن جدعان العطوي

التخبط بين المس والمرض النفسي
علي عيد بن جدعان العطوي

كثيرٌ من الامراض ما تتشابه في الاعراض والآلام ، وكذلك المس والمرض النفسي فبينهما من التشابه والتقارب في الاعراض الى درجة أن كثير من الناس لا يفرق بينهما، حتى انقسم الناس في هذا الأمر الى ثلاثة أقسام : الاول من أنكر المرض النفسي واعتبر ان كل ما يحدث للأنسان انما هو بسبب عارض وروح خبيثة ، وليس له علاج غير الرقية ، والقسم الثاني من أنكر زعم الاول واعتبر أن كل ما يحدث للأنسان ناتج عن مرض نفسي وعلاجة بالعقاقير الطبية فقط ، والقسم الثالث من يرى أن المس يختلف عن المرض النفسي ، ولكل منهما اعراض وعلاج ، وهذا هو الصواب .هناك تراكمات نفسية ، آلام وآمال واماني ، دفينة صدورنا ، نعيش لذة انتظار تحققها ... والذي لا يتحقق يترك ألماً ؛ هو أقرب للشعور بالخسارة الفادحة ... وربما استنزف كثيرا من أوقاتنا ، وربما أشغلنا ذهنياً حتى تعدى على غيره من الشواغل ، فأصبح همنا الوحيد ، ثم ينتشر الى أن يتمدد على مساحات التفكير ... ليخلق مشكلة لها أبعادها الموغرة في النفس وتصبح المشكلة بكل صفاتها ، فنستحضر الأعراض ثم نتقمصها ثم نفرز ما يناسبها من انعكاسات ، سواءً اعتلاللات نفسية او عضوية ، وهكذا ، مشكلة ، ثم أخرى ، ثم أخرى ، حتى تتكون في نفوسينا تلك التراكمات.
وبما ان الانسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش منفردا أو بعزلة عن الناس ... فبهذه الطبيعة يكون بحاجة لمن يشاركه حاله على ما كان ، إن كان في فرح وسعادة يتمنى أن يجد انسان يشاطره أفراحه ويشاركه فيها ، وكذلك إن كان في هم وحزن فهو بأمس الحاجة لإنسان يقف معه .. يساعده ... يشعر معه ... يسانده .
بين هذين الضاغطين ، ضاغط التراكمات النفسية ، وضاغط الحاجة للمعين أو للأنيس أو بالأصح (المُتنفس النفسي ) ترضخ النفس لأي مسمى بغية العلاج... مع وضع الاختيارات الاجتماعية أولا ثم النفسية .... فأهل المناصب العليا والمكانة الاجتماعية ، أو إن صح التعبير الطبقة الأرستقراطيةلا يقبلون ان يكون العلاج بالرقية والمعالج شيخ !!!ــ إلا ما ندر ــ لأنهم يصمون هذه الطريقة بالتقليدة أو الشعبية ، والعلاج عندهم غالبا بالاعتماد على الطب النفسي الحديث ، وبالفعل كثير منهم من يجد العلاج ويتم الشفاء ، وفي المقابل تجد نفس الحالة ، نفس الاعراض والآلام ، إلا انه يتجه الى الرقية الشرعية ، ويجد العلاج ويتم الشفاء .
وكلا الفريقين يرى أنه على صواب بدليل الشفاء !!
السؤال : من المحق منهما ؟؟
الجواب : كلاهما محق فالمرض واحد والعلاج متعدد ، كالعطش مثلا ، من شرب الماء ذهب عنه العطش ومن شرب عصيرا ذهب عنه العطش ، والرقية علاج الانفس والابدان وخاصة القران . وهذا لا نختلف عليه كمسلمين .
هذا من ناحية المرض النفسي ، اما من ناحية المس .
فالمس حقيقة لا يتمارى فيها اثنان ، مذكور في الكتاب وصحيح السنة ...له أعراضه وآلامه ــ وكما أسلفت ــ تشبه المرض النفسي الى حد بعيد ، وهنا يذهب الفريق الاول من الذين لا يؤمنون بوجود المس ، يذهبون الى الطب النفسي ، فلايزدهم إلا رهقا ... وتستمر جلسات العلاج وتتعدد الادوية ويطول المرض ولا جدوى ..قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124 والبعض منهم يحصل له الشفاء ، لأسباب كثيرة منها زوال العارض ، فكثير من الشياطين المسلطة على الناس تخرج منهم في حال انتهاء مفعول السحر أو بموت الساحر أو لاسباب لا نعلمها ، وقد يزول المرض بدعاء أو برحمة من الله ، أواستدراجا لهم من الله سبحانه وتعالى .
والعاقل السوي ... من يضع الامور في نصابها ... ويشخص حاله أولا ، يعرف ما مرضه ، ومعرفة المرض هي في نظري ثلثي العلاج .
وإكمالا للفائدة ... فإنني اضع الطريقة المثلى لمعرفة الفرق بين المس والمرض النفسي .
يعرف الفرق بينهما بعرض المريض على القرآن ، فبداية بمايتيسر من القرآن ، ثم اذا لزم الامر يسمع المريض سورة البقرة فقد قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم (أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعا البطلة ) رواه مسلم ، والبطلة هم السحرة ... ولو جرى السماع من أحد أفراد العائلة ، فلايلزم الذهاب الى راق، إلا في حالة وجود رجل مشهود له بالعلم والصلاح والتقى ، أو امرأة صالحة للنساء .
وفي حال عرض المريض على القرآن ولم يطرء عليه أي تغيير ، فعليه بمراجعة الصحة النفسية ، مع الاستمرار على القرأن ، لأن القرأن فيه شفاء لجميع الامراض ، العضوية والنفسية ، ولا يصح للمسلم هجر كتاب الله .
هذا ما أعتقده وأدين الله به ، فإن كان صوابا فمن الله ، وإن خالفت الصواب فمني ومن الشيطان ، والله أعلم
بواسطة : علي عيد بن جدعان العطوي
 12  0