×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور زيد بن محمد الرماني

الدَّين بين المدح والذم !!
الدكتور زيد بن محمد الرماني

جاء في كتاب ((تحسين القبيح وتقبيح الحسن)) للثعالبي وكتاب ((المحاسن والمساوئ)) للبيهقي في شأن مدح الدَّين:
كانت عائشة رضي الله عنها، تستدين من غير حاجة فقيل لها في ذلك، فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان عليه دين وفي نيته قضاؤه فإن الله معه حتى يقضيه، فأنا أحب أن يكون الله معي)).
وقال جعفر بن محمد: المستدين تاجر الله في أرضه.
وفي الأثر: مكتوب على باب الجنة، القرض بثمان عشرة والصدقة بعشرة أمثالها، قيل: ولم ذلك يا رسول؟
قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الصدقة ربما وقعت في يد غني عنها، وصاحب القرض لا يستدين إلا من حاجة وضرورة)).
ويقال: كثرة الدَين من علامات المفضلين.
وقال بعض السلف: لأن أقرض مالي مرتين أحب إلي من أن أتصدق به مرة واحدة.
وجاء في شأن ذم الدَّين: لا وجع كوجع العين ولا غم كغم الدين.
وفي الأثر: الدَّين شين الدِّين.
وكان يقال: صاحب الدَّين ذليل بالنهار، مهموم بالليل.
وقال بعض السلف: الدَّين غل الله في أرضه، فإذا أراد الله أن يذل عبداً جعل منه طوقاً في عنقه.
وقال العتبي: الدَّين عقلة الشريف.
وسأل عمرو بن عبيد عن صديق له فقال: قد توارى من دين ركبه، فقال: ذا داء طالما وفد إلى الكرام.

وقال عبدالملك بن صالح: ما استرق الأحرار بمثل الدَّين.
وقال ابن المعتز: كثرة الدَّين تصيِّر الصادق كاذباً والمنجز مخلفاً.
قال أبو اليقظان: كان الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب الشاعر يسلِّف الناس فإذا حلَّ ماله ركب حماراً اسمه شارب الريح فيقف على غرمائه ويقول:
بني عمنا ردوا الدراهم إنما يفرق بين الناس حب الدراهم.
وقال آخر:
الدَّين حقاً كاسمه دوي
قد يخضع المرء له القوي
كم من شريف غاظه غبي
وقال أحد الشعراء:
أرى الغرماء قد كثروا وضجوا إلى السلطان غير مقصِّدينا
فإن سألوا اليمين فقد ربحنا وإن سألوا الشهود فقد خزينا
ومن أحسن ما قيل في هذا المجال قول الخباز البلدي:
إذا استثقلت أو أبغضت حلفاً وسرك بعده حتى التناد
فشرده بقرض دريهمات فإن القرض مقراض الوداد

ونختم هذه المنثورات بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، هذا الخطاب يخصكم أيضاً أيها المستدينون، أما أنتم أيها الدائنون فالله عز اسمه يقول: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280].



أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


للتواصل : zrommany3@gmail.com
بواسطة : الدكتور زيد بن محمد الرماني
 0  0